حرية – (4/8/2024)
منذ أيام، شهد مطار القاهرة الدولي محاولة تهريب وصفت بـ”الغريبة”، إذ ضبطت السلطات مصرياً يعمل بـ “وظيفة حساسة” في أثناء إنهاء إجراءات سفره إلى الكويت، محاولاً تهريب مليون و253 ألف جنيه (25.963 دولار أميركي) أخفاها داخل وجبات شاورما، لتضليل رجال الأمن.
وهذه الواقعة ليست الأولى من نوعها، بل سبقها عدد من حوادث التهريب “النادرة” بمختلف بلدان العالم، نتيجة تطور وتنوع حيل وممارسات الإخفاء لتضليل الأجهزة والسلطات الأمنية، أبرزها تهريب حيوانات ومخدرات وهياكل عظمية وعملات نادرة بطرق ليست مألوفة.
ويشير متخصصون في الشأن الجمركي، خلال حديثهم إلى “اندبندنت عربية”، إلى أن المهربين دائماً ما يطوّرون أساليبهم “غير المشروعة” لإخفاء البضائع والسلع المُهربة عن أعين الأجهزة الشرطية ورجال الجمارك، وفي المقابل هناك أيضاً تطور على المستوى الشرطي والتقني والتكنولوجي لمجابهة تلك الممارسات.
ثعابين في سروال وضفادع بحاويات
قبل أيام، لجأ رجل صيني إلى حيلة غير متوقعة بتهريب أكثر من 100 ثعبان خارج هونغ كونغ إلى مدينة شنتشن الحدودية، إذ خبأها داخل سرواله، وعلى رغم تلك الحيلة فإن السلطات الجمركية في الصين كشفت الرجل واعتقلته وتبين بعد تفتيش الحقيبة واكتشاف أن جيوب بنطاله كانت معبأة بستة أكياس قماشية محكمة الغلق ومختومة بشريط لاصق.
فيما قبضت شرطة مطار ميامي الدولي بولاية فلوريدا الأميركية في مايو (أيار) الماضي، على رجل عثر بحوزته على “حقيبة مليئة بالثعابين” مخبأة داخل سرواله، إذ اشتبه رجال الأمن في وجود كتلة غريبة في منطقة الفخذ في أثناء محاولة صعوده على متن الطائرة، وعثر على الثعابين، وتسليمها إلى لجنة فلوريدا، للحفاظ على الأسماك والحياة البرية.
تحدث بعض وقائع التهريب الغريبة نتيجة تعقد قوانين البلدان
وفي أغسطس (آب) 2023، حاول رجل في الصين التهرب من التفتيش الجمركي بإخفاء 14 ثعباناً في جواربه. لكن، محاولاته أحبطت من قِبل السلطات الذين لاحظوا مظهره غير العادي، واعتقلت السلطات الرجل، في ميناء فوتيان.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، تمكّنت سلطات مدينة (بوجوتا) الكولومبية من منع تهريب 130 ضفدعاً ساماً ملوّناً إلى البرازيل داخل حاويات أفلام بصحبة امرأة برازيلية على متن إحدى الطائرات المتجهة إلى ساو باولو، إذ يحظر تداول تلك الكائنات في كولومبيا، وتصل عقوبة اقتنائها إلى 56 مليون بيزو أي ما يزيد على 14 ألف دولار.
وأحبطت سلطات مطار القاهرة في يونيو (حزيران) عام 2004، تهريب هيكل عظمي أخفاه راكب سوري داخل طيات الملابس في حقائبه أثناء توجهه إلى بلاده، وذكر الراكب أنه طالب في كلية الهندسة بإحدى الجامعات الخاصة المصرية، واشترى الهيكل من عامل في إحدى الكليات الطبية لإهدائه إلى شقيقته الطالبة في كلية الطب في سوريا.
تماسيح وقرود في حقائب شخصية
بينما عثر موظفو مجمع الجمارك المتخصص بطشقند أيرو في أغسطس 2022، أثناء تفتيش شخصي لأحد الركاب على متن رحلة (القاهرة – طشقند) على 54 تمساحاً صغيراً قادماً من مصر في حقائبه الشخصية، في حين لا يسمح القانون باستيراد وتصدير الحيوانات البرية في أوزبكستان إلا بإذن من لجنة حكومية متخصصة في هذا المجال.
وفي واقعة أخرى في التوقيت ذاته، هرّب أحد الركاب تمساحاً في حقيبته على متن الطائرة بقصد بيعه بصورة غير قانونية، وتسبب الحيوان المحمول جواً في حدوث فوضى كبيرة، بعد خروجه من الحقيبة قبل لحظات من الهبوط، وذلك أثناء اتجاه الرحلة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وعندما هرب التمساح من الحقيبة، أصيب الركاب بالذعر، وتحطمت الطائرة نتيجة التحول الدراماتيكي في مركز جاذبيتها، ونتج من هذه الحادثة وفاة طيارين و18 راكباً على الفور.
يهرّب بعض الركاب حيوانات على متن الطائرات بقصد بيعها بصورة غير قانونية
فيما ألقت السلطات الهندية في سبتمبر (أيلول) 2012، القبض على مسافر في نيودلهي كان قادماً من رحلة في بانكوك، بعدما أوقفه رجال الجمارك للاشتباه في أنه يحاول تهريب قرد من فصيلة “لوريس” النادرة، المعروف بـ”القرد الكسلان” أو “القرد البطيء”، في ملابسه الداخلية قبل صعوده إلى الطائرة.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، أحبطت سلطات الجمارك بمنفذ البطحاء الحدودي البري للسعودية تهريب “نمر” من نوع “شيتا” إلى خارج البلاد بعدما قام المهرب بإخفائه داخل صندوق بالمرتبة الخلفية للمركبة، وسلّم النمر للهيئة السعودية للحياة الفطرية.
كذلك ضبطت الجمارك السعودية في فبراير (شباط) 2017، أكثر من واقعة أبرزها تهريب مخدرات أخفيت في أحشاء 204 تيوس ميتة، وفي مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة، ضُبطت 6 غرامات من مادة الأفيون المخدرة، كانت محشوة داخل طقم أسنان وضعه راكب داخل فمه. كذلك عثرت الجمارك السعودية على حبوب مخدرة داخل حاملات مصاحف خشبية في جمرك الحديثة، بعدما اكتشف موظفو الجمارك أثناء التفتيش 2 مليون حبة كبتاغون مخدرة داخل هذه الحاملات.
تعقد القوانين
إلى ذلك، يقول المتخصص الجمركي بدوي إبراهيم إنه لا يوجد دولة “لا تعاني عمليات التهريب”. مشيراً إلى أن هذه التصرفات الفردية تحدث في جميع بلدان العالم “وليست مقصورة” على دولة بعينها، وجميع المراجع العلمية أكدت أن التهريب المضبوط “لا يزيد على 10 في المئة من حجم التهريب الفعلي”.
ويشير إبراهيم خلال حديثه إلى “اندبندنت عربية”، إلى أن بعض وقائع التهريب الغريبة “تحدث نتيجة تعقد قوانين البلدان، فهناك بلدان تسمح قوانينها بدخول حيوانات معينة وحينما تُجلب إلى دولة أخرى يقع حاملها تحت طائلة القانون، لأن قوانين الدولة لا تسمح بدخولها، وهو ما حدث في وقائع تهريب عدة لبعض الحيوانات المحظور تداولها”.
وحول مصير ضبطيات الجمارك، يقول المتخصص الجمركي إن المضبوطات تحفظ في إدارة “وديعة الجمارك” التي تتلقى المضبوطات المُصادرة على سبيل الحفظ، لحين ورود تعليمات من الجمارك في شأنها وتسلّم بمحضر ضبط سواء من الشرطة أو الجمارك برقم مسجل، ولا يمكن التصرف في تلك السلع والبضائع المضبوطة إلا بحكم قضائي من المحكمة.
تحظى المواد المخدرة بنصيب وافر من عمليات التهريب داخل المطارات
ويلفت إبراهيم إلى أن التهريب الإلكتروني والتهريب المرتبط بالأثر الثقافي مثل العملات النادرة أو المخطوطات الأثرية “هو الأكثر خطراً في الوقت الحالي، ويعتبر عدم الإفصاح عما يزيد على الحد المسموح من العملات وأيضاً إخفاء المخطوطات النادرة أو العملات القديمة أو الأشياء الأثرية حالات واضحة للتهرب الجمركي والمؤثمة بالقانون الجمركي ولائحته التنفيذية وتعتبر جريمة مخلة بالشرف وعقوبتها السجن أو الغرامة المالية أو كلاهما معاً وفقاً لما تقرره المحكمة في مثل هذه الحالات”.
بينما يرى المتخصص الجمركي الدكتور علي الشرقاوي أن أساليب الجريمة وصور الإخفاء وحيله تطورت أخيراً، “المهربون دائماً ما يلجؤون لتطوير أساليبهم وطرقهم غير المشروعة وفي المقابل هناك أيضاً تطور على المستوى الشرطي والتقني والتكنولوجي لمواجهة تلك الممارسات”. منوهاً أن تلك السلع كثيراً ما تهرّب داخل حقائب ركاب الطيران وتقوم أجهزة (الإكس راي) بالكشف عن أية أجسام غريبة وفي حال الاشتباه يجري اللجوء للتفتيش الذاتي للتأكد من وجود سلع مهربة من عدمه.
ويؤكد الشرقاوي، خلال حديثه إلى “اندبندنت عربية”، أن بعض الركاب يصطحبون حيوانات حية، ولا بد من أن يكشف عليها في الطب البيطري قبل السماح لها بالدخول، أما الحيوانات المحنطة فهناك بعض الأنواع الممنوع تداولها مع الركاب وتحظر بعض الدول دخولها مثل سن الفيل وبعض أنواع الحيوانات المنقرضة.