حرية – (5/8/2024)
جيمس زغبي
لماذا في خضم المفاوضات الحاسمة لتنفيذ خطة الرئيس جو بايدن للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» وعدد كبير من الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل، والاتجاه نحو نهاية دائمة متفاوض عليها للصراع – يقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اغتيال كبير مفاوضي «حماس» أثناء زيارته لإيران؟
ولماذا بينما تقول الولايات المتحدة إنها كانت تعمل على تهدئة التوترات مع «حزب الله» اللبناني – تختار إسرائيل زيادة المخاطر باغتيال الرجل الثاني في «حزب الله»؟ نعرف الإجابات على السؤالين: بنيامين نتنياهو ليس مهتماً بالسلام. فهو لا يريد اتفاقاً تفاوضياً لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب على غزة. وهو لا يريد تهدئة الصراع هناك أو في الشمال مع حزب الله. وهو بالتأكيد لا يريد «حل الدولتين»، الذي من شأنه أن يمنح الشعب الفلسطيني الاستقلال في دولة ذات سيادة خاصة به.
هناك أمران يريدهما نتنياهو، وفي هذه المرحلة، كلاهما مرتبطان بطريقة غير منطقية. وفوق كل شيء، يريد نتنياهو بشدة البقاء في منصبه، لأنه إذا خسر منصبه كرئيس للوزراء، فإن محاولات مقاضاته ستستمر بكامل قوتها. ولأن التهم خطيرة، فمن المرجح أن يُدان ويُهان. هذه ليست تكهنات – فهذا الأمر تتم مناقشته على نطاق واسع في إسرائيل، بل وتم التلميح إليه من قبل الرئيس بايدن في مقابلة أجريت معه في 28 مايو مع مجلة تايم. فعندما سُئل «هل يطيل نتنياهو الحرب لأسباب سياسية؟» أجاب بايدن: «هناك كل الأسباب التي تجعل الناس يستخلصون هذا الاستنتاج». والسبب الثاني هو أن نتنياهو يريد استمرار الحرب، بل حتى تسريعها.
وقد أوضح هذا خلال تصريحاته أمام الكونجرس وفي خطابه إلى الجمهور الإسرائيلي قبل بضعة أيام. فهو يسعى إلى «النصر الكامل»، الذي يعرّفه بأنه أكثر من مجرد الهزيمة العسكرية لأعداء إسرائيل. ومن دون الاعتراف بأي مسؤولية إسرائيلية، اتهم الفلسطينيين بخلق ثقافة مليئة بالكراهية، والتي تتطلب في فترة ما بعد الحرب نزع التطرف على نطاق واسع، والنتيجة المترتبة على ذلك هي قبول الفلسطينيين للهيمنة أرض وفهم مكانهم كشعب محتل وخاضع. إن نظرة نتنياهو للعالم تثير العديد من الأسئلة الإضافية التي تجب مراعاتها.
إذا كنا نعلم أن نتنياهو لم يقبل أبداً بشروط خطة بايدن، فلماذا استمر الرئيس في التأكيد على أنها كانت «خطة إسرائيل» ووضع العبء على حماس لقبولها؟ وإذا كنا نعلم أن نتنياهو غير راغب في إبرام أي اتفاق سلام خوفاً من فقدان شركائه المتشددين الآخرين في الائتلاف (الذين هددوا بالتخلي عن حكومته إذا قبل أي شروط تؤدي إلى السلام)، فلماذا نستمر في تجنب التعامل مع هذه الحقيقة بشكل مباشر؟ لماذا لم تُدِن الإدارة الاغتيالات في بيروت وإيران وهي تعلم أنها ستخرب بالتأكيد جهود المفاوضين؟
لماذا، عندما نعلم أن نتنياهو ليس لديه نية لإتمام صفقة لإطلاق سراح الأسرى، نستمر في السماح له باستغلال آلام أسرهم، والتظاهر بأن المفاوضات تقترب من الاكتمال، ونحن نعلم أنها ليست كذلك؟ وعندما نعلم أن مطالب وأفعال شركاء نتنياهو في الائتلاف تسبب الدمار والتخريب في الضفة الغربية والقدس – إرهاب السكان الفلسطينيين، وضم المزيد من الأراضي، وبناء المزيد من المستوطنات ومحو إمكانية تقرير المصير الفلسطيني – لماذا كنا سلبيين ومتسامحين في الاستجابة؟
لنكن واضحين: «حماس» و«حزب الله» ليسا من الجهات الفاعلة الجيدة. فالأولى ولدت من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وقد غذتها إسرائيل لخلق الانقسام في صفوف الفلسطينيين، وهي مدفوعة بعمليات الخنق الإسرائيلية القاسية التي استمرت لعقود من الزمان لسكان غزة. والثانية ولدت من غزو إسرائيل للبنان والنظام الطائفي في ذلك البلد. وهي مدفوعة باحتلال إسرائيل لجنوب لبنان لعقود من الزمان والدمار الهائل للبنية الأساسية للبلاد في عام 2006. ومن المؤكد أن كليهما انخرطا في أفعال تستحق الإدانة.
ولكن انتقادهما فقط، مع تبرئة إسرائيل من جرائمها الأكبر بكثير، يعد نفاقاً في أفضل الأحوال. إذا كانت الولايات المتحدة جادة في إنهاء الصراع في المنطقة، بدلاً من غض الطرف عن سلوكيات إسرائيل المصممة عمداً لإثارة المزيد من الحروب، فيتعين علينا أن نتوقف عن ممارسة الألعاب وأن نتعامل بجدية مع محاسبة إسرائيل. وهذا يقودنا إلى سؤال أخير: لماذا نتوقع أن يتغير أي شيء عندما نستمر في تزويد إسرائيل بالأسلحة على نطاق واسع ونمنع كل الجهود الرامية إلى فرض عقوبات على سلوكياتها؟