حرية – (17/8/2024)
بعد عام كامل من التحقيقات، أعلن فريق عمل من الخبراء أن آخر سفينة رقيق أميركية حملت أشخاصاً مستعبدين إلى الولايات المتحدة أصبحت مكسورة ومتهالكة تماماً بحيث لا يمكن سحبها من المياه الضحلة على ساحل خليج ألاباما واعتبروا أن حطامها يجب أن يبقى مغموراً بالمياه للحفاظ على “مسرح الجريمة”.
وفي هذا السياق، قال عالم الآثار البحري الرئيس في التحقيق جيمس ديلغادو: “لا يوجد موقع آخر في العالم يقدم مثل هذه الأدلة المادية (على العبودية) مثل كلوتيلدا التي هي مسرح الجريمة”. وأضاف أن الأولوية تتمثل في الحفاظ على ذلك الدليل المادي. وتابع: “تعد كلوتيلدا مسرحاً للجريمة ولهذا فإن كل ما قمنا به جرى على نفس نهج التحقيق في مسرح الجريمة”.
وفي سياق متصل، قالت لجنة ألاباما التاريخية الخميس: “إن سفينة كلوتيلدا، والمعروفة بأنها آخر سفينة تنقل الأفارقة المستعبدين إلى الولايات المتحدة، انشطرت إلى نصفين بسبب سفينة أخرى كبيرة فيما كانت تحت المياه وتآكلت بشدة بسبب البكتيريا”.
وقادت لجنة ألاباما التاريخية فريق عمل مؤلفاً من علماء آثار ومهندسين ومؤرخين عملوا في إطار مشروع التحقيق الذي مولته الولاية وبلغت كلفته مليون دولار.
والخميس أيضاً، عرض فريق العمل صوراً لبعض بقايا الهيكل المتفحمة التي تم استخراجها خلال فترة التحقيق وهو دليل يدعم الرواية التي وثقها المؤرخون وأفراد من المجتمع على مر عقود من الزمن ومفادها أنه تم إحراق السفينة بهدف إخفاء الدليل على جريمة نقل أشخاص مستعبدين من أفريقيا.
ويشير التقرير المؤلف من 500 صفحة إلى أن الطريقة “المسؤولة” لإحياء ذكرى هذه السفينة تتمثل في حمايتها والحفاظ عليها تحت المياه حيث تم العثور عليها عام 2019. ويوصي التقرير أنه عوضاً عن التنقيب والاستخراج، ينبغي وضع خطة من شأنها الحفاظ على هيكل السفينة تحت المياه من خلال تركيب أعمدة ضخمة حولها لحمايتها من السفن والبواخر الأخرى.
لم يكن واضحاً مدى قدرة السفينة على تحمل أكثر من 160 عاماً تحت الماء. وقد أمل البعض في أن يكون الموقع سليماً ليتم استخراجها بالكامل وتحويلها إلى متحف على البر.
توصلت فرقة عمل إلى أن سفينة كلوتيلدا “محطمة” للغاية بحيث لا يمكن سحبها من المياه العكرة لساحل خليج ألاباما ويجب أن تظل تحت الماء للحفاظ على “مسرح الجريمة” (أ ب)
وفي هذا الإطار، قال بن رينز، وهو مراسل محلي سابق ألف كتاباً عن السفينة كلوتيلدا بعنوان “آخر سفينة للعبيد: القصة الحقيقية عن العثور على كلوتيلدا والمتحدرين منها وقيمتها الاستثنائية The Last Slave Ship: The True Story of How Clotilda Was Found, Her Descendants, and an Extraordinary Reckoning: “تتمتع المتاحف بالطاقة وهذه السفينة قد تفقد طاقتها إذا ظلت راسية في المياه”.
عام 1860، سافرت السفينة، بقيادة قبطانها ويليام فوستر، إلى غرب أفريقيا وتم تهريب 110 أفارقة بشكل غير قانوني إلى ألاباما، ثم حاول فوستر حرق السفينة وإغراقها لإخفاء الجريمة.
كانت العبودية لا تزال نشاطاً قانونياً في تلك الحقبة، ولكن نقل أشخاص مستعبدين إلى أميركا كان عملاً محظوراً منذ عام 1808.
ونقلت وكالة “أسوشييتد برس” أنه بعد أن أدت الحرب الأهلية إلى تحرير الناجين من كلوتيلدا، تظهر السجلات التاريخية أن 32 منهم اشتروا أرضاً وأسسوا ما يعرف الآن بـ”أفريكاتاون” Africatown، المعروفة رسمياً باسم بلاتو، على بعد نحو ثلاثة أميال شمال نهر موبيل.
وتعد أفريكاتاون المجتمع الناجي الوحيد الذي أسسه الأفارقة في الولايات المتحدة بحسب ما ورد في تقرير ضمن برنامج “60 دقيقة” 60 Minutes بث العام الماضي. ولا يزال بعض أحفادهم يعدونه موطنهم.
أعرب بعض السكان المحليين عن اهتمامهم باستخراج السفينة وتحويلها إلى متحف يمكن أن يجلب إيرادات ضرورية للغاية لمجتمع “أفريكا تاون” في ألاباما (أ ب)
وقال رينز إن المتحف سيشكل مورداً بغاية الأهمية لجميع أحفاد المستعبدين وبوسعه أن يحقق الإيرادات التي يحتاج إليها مجتمع أفريكاتاون بشدة. وشاطره الرأي عديد من السكان الذين كانوا حاضرين في الاجتماع الذي عقد الخميس الماضي.
وبحسب تقرير “أسوشييتد برس”، اعتبر رينز أنه ما زال متفائلاً حول إمكانية استخراج السفينة وتحويلها إلى متحف لأن فريق العمل صرح بأن الخيار لا يزال ممكناً من الناحيتين العلمية والتقنية.
ولم يستبعد ديلغادو من جهته هذا الخيار، ولكنه قال إن العملية قد تتطلب تفكيك السفينة “قطعة قطعة ومسماراً مسماراً” مما قد يؤدي إلى إضعاف بعض الأدلة المادية المتبقية حول تجارب الأشخاص المستعبدين على متن السفينة ويعرضها للخطر.