حرية – (24/8/2024)
إنه “طريق الذهاب بلا عودة”- هذا هو الاسم الذي اكتسبه الطريق الرابط بين كركوك وتكريت، وتحديداً المنطقة الواقعة في وادي زغيتون بن ناحية الرشاد، جنوب غربي كركوك بنحو 45 كم. يُعرف هذا الوادي بموقعه بين سلاسل جبلية وتلال ووديان يصعب الوصول إليها، ويعد من أكثر المواقع التي شهدت نشاطاً مكثفاً للجماعات الإرهابية المسلحة منذ عام 2003.
منذ سيطرة القوات الأمريكية على المناطق العراقية، بما فيها كركوك، أصبحت هذه المنطقة بؤرة للتفجيرات والهجمات، بالإضافة إلى عمليات الخطف والنهب المستمرة. واليوم، نفذت القوات العراقية عملية أمنية، تلاها إعلان حكومي بالقضاء على خلية إرهابية في سلسلة جبال حمرين ووادي الزركة، في محاولة جادة لتطهير المنطقة من العناصر المسلحة واستعادة الأمن والاستقرار بشكل كامل.
وادي زغيتون
يقع وادي زغيتون، الذي يمتد من ناحية الرشاد إلى سلسلة جبال حمرين، ويرتبط عبر وادٍ كبير بقضاء داقوق جنوب كركوك. هذا الوادي يُعرف بوعورة تضاريسه وبأنه “وادي الموت” نظرًا للنشاط المكثف للجماعات الإرهابية حيث كانت المنطقة معقلاً لجماعات مثل أنصار السنة، النقشبندية، والقاعدة، التي تحولت لاحقًا إلى تنظيم داعش الإرهابي.
يمتاز وادي زغيتون بوجود مواقع مائية كبيرة، خاصة في فصل الشتاء، ويمتد عبر وديان مغطاة بالحشائش والقصب، بالإضافة إلى سلاسل جبلية تتصل بجبال حمرين. هذه التضاريس الوعرة تجعل منه ملاذًا آمنًا للمجاميع الإرهابية، حيث يمكنهم الاختباء بعيدًا عن أعين ورصد القوات الأمنية. وللتعامل مع هذه التهديدات، تستخدم القوات العراقية طائرات F-16 لتنفيذ ضربات جوية تستهدف أوكار الإرهابيين في تلك المناطق.
وديان الزركة والشاي: معاقل أخرى للإرهاب
يعتبر وادي الزركة، الذي يربط بين قضاءي داقوق وطوزخورماتو ويمتد إلى منطقة العظيم، معقلًا رئيسيًا آخر لتنظيم داعش. يتميز هذا الوادي بتضاريسه الوعرة وأشجاره الكثيفة، مما يجعله صعب الوصول إلا من خلال الطائرات الجوية. يُعد هذا الوادي منطقة مائية تربط بين ثلاث محافظات: كركوك، صلاح الدين، وديالى، وهو يُستخدم من قبل الجماعات الإرهابية كملاذات آمنة بعيدة عن متناول القوات البرية.
الشريط الحدودي: نشاط متجدد
على الشريط الحدودي بين كركوك وأربيل، خصوصًا في مناطق قضاء الدبس وجبال مامه، يُسجل نشاط ملحوظ لعناصر تنظيم داعش. هذه المناطق ذات التضاريس المعقدة تشهد من حين لآخر تحركات لعناصر التنظيم، مما يتطلب مراقبة مستمرة من قبل القوات الأمنية، بما في ذلك تنفيذ ضربات جوية باستخدام طائرات “سيسنا” لاستهداف أوكار التنظيم.
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية مؤخرًا عن تنفيذ ضربات جوية دقيقة استهدفت ثلاثة أوكار لتنظيم داعش في شرق صلاح الدين. هذه الضربات، التي تمت بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة، أدت إلى تدمير الأوكار وقتل من فيها، بما في ذلك قيادي بارز يُعرف بـ”أبو طلحة العراقي”. وتشير المصادر الأمنية إلى أن هذه المناطق كانت تستخدم لإيواء العناصر الإرهابية وتخطيط وتنفيذ الهجمات ضد القوات الأمنية والمدنيين.
مضافات الشريط الحدودي
ويقول قائمقام قضاء آمرلي ميثم نوري، إن “ما تبقى من عناصر تنظيم داعش الإرهابي يختبئون في جحور مائية في منطقة الزركة والشريط الحدودي في اطراف محافظة صلاح الدين ويقومون بين فترة واخرى باستهداف القوات الامنية والصيادين وان هذه المناطق هي وعرة ومسطحات مائية وعرة لا يمكن للقوات الوصول إليها إلا عبر الطيران الجوي والضربات مهمة للقضاء على فلول ما تبقى من عناصره الإرهابية”.
ويشير أن” الطيران العراقي قادر على تدمير ما تبقى في المواقع التي يتواجد فيها هذا التنظيم الإرهابي والذي لا يشكل أي خطر ولكن القضاء عليهم في هذه المناطق يساعد باقي على استباب الأمن بصورة كاملة”.
ويقول الضابط السابق في الجيش العراقي والخبير الأمني العميد معن العزاوي، إن “المفارز الاستخبارية رصدت حركة مشبوهة قبل ايام في منحدر غرب تلال حمرين، شمال شرق ديالى وهي قريبة من الشريط الحدودي لمحافظة صلاح الدين وبعد جمع المعلومات الاستخبارية وبعد تكثيف عمليات الرصد والاستدلال وتحديد موقع اختباء الخلية الداعشية، التي تتألف من ثلاثة إرهابيين، تم توجيه ضربة جوية مباشرة أسفرت عن مقتل ثلاثة ارهابيين بينهم المكنى ابو طلحة العراقي وهو مسؤول بارز في التنظيم الارهابي داعش”.
ويؤكد أن “الضربة الجوية هي السادسة خلال العام الحالي ضمن قاطع ديالى والتي استهدفت مضافات ومفارز داعش المنتقلة المعروفة بالذئاب المنفردة ونجح سرب العراقية اف 16 من تدمير أكثر من 15 مواقع للتنظيم بين ديالى وصلاح الدين وكركوك “.
ويشير إلى أن “سلاح الجو العراقي عبر طائرات مطالب اليوم بتكثيف طلعاته الجوية وتدمير هذه المواقع ومسحها بطائرات مسيرة على مدى 24 ساعة وبعدها توجيه ضربات على أماكن تواجد التنظيم الإرهابي”.
منجم ذهب الإرهاب
ويقول غيدان العبيدي، وهو أحد شيوخ ناحية الرشاد ، إن “وادي زغيتون كان أحد معاقل داعش الارهابي ولا يزال فيه نشاط للمجاميع الارهابية التابعة لفلول داعش المنهزمة وهي مجاميع يمكن القضاء عليها بالضربات الجوية ولكنها تشكل خطرا على المناطق القريبة عليها والقضاء على هذه المجاميع يعتبر خطوة مهمة”.
وتابع أن “العمليات العسكرية في عمق هذه المناطق مهمة جدا للقضاء على انشطة ارهابية وخاصة وان جهاز مكافحة الإرهاب يشن عمليات نوعية للقضاء على فلول داعش”، لافتا إلى أن “وادي زغيتون كان منجم للذهب للتنظيم الإرهابي حيث كان يقوم بعمليات خطف وسلب ضد المدنيين ويطلب الفدية المالية ومن خلالها كان يمول نشاطاته قبل سنوات تشكيل التنظيم بصورة رسمية عام 2014، والحل الأفضل أن تتحرك قوات بعمق هذه المناطق وتنتشر فيها لفترة زمنية لغرض القضاء على جيوب داعش فيها”.
ويقول الخبير الأمني علي البياتي ، إن “القواعد الآمنة يعتبرها العدو بعيدة عن الضربات الجوية والأرضية وبعيدة عن تحركات المشاة والقوات الخاصة لأسباب تتعلق بالتضاريس الارضية ووعورتها وتعيق تحركاتها، لذلك فإن استهدافها يعد عاملا مهما وخاصة في مناطق جبال حمرين ووداي الشاي ووداي زغيتون وفي أطراف قضاء طوز خورماتو وجبال مامة بقضاء الدبس وغيرها من مناطق في أطراف كركوك وصلاح الدين وديالى مثل والزركة بقضاء الطوز وحاوي العظيم في ديالى”.
وتابع أن “الضربات الجوية للطيران الحربي العراقي مهم وهذه التحركات تنهي أي عمليات تعرضية للتنظيم الإرهابي في استهداف المدن والمناطق الرخوة أمنيا التي كانت أهداف واهنه وضعيفة يمكن أن يتم العمل بها بحرية أكثر من المناطق المرصودة أمنيا وذات تحصينات مشددة يصعب العمل في ساحاتها وحركاتها، وكانت هناك عمليات نوعية للقوات العراقية ضد تنظيم داعش وخاصة العمليات التي اسندتها قوات التحالف الدولي جوياً واستخبارياً من خلال معلومات الأقمار الاصطناعية والطائرات الخاصة بالكشف عن التحصينات والمخابئ المنتشرة في المناطق المحيطة جغرافيا وعسكريا التي يصعب الوصول إليها”.
ويشير إلى أن “الجهد الاستخباري الأرضي للقوات العراقية، مكّن القوات العراقية المهاجمة من تحقيق أهدافها وتدمير كل الخطط وكل الاحتمالات التي يمكن أن يلجأ إليها التنظيم الإرهابي أن القوات العراقية من خلال تدمير الملاذات واستهداف القواعد الآمنة تمكنت من شل حركة التنظيم الإرهابي واستنزاف كل قدراته بشكل كبير، وبات من الصعب على التنظيم إعادة ترتيب صفوفه وهذه هي صفحة استثمار الفوز التي تعتبر من صفحات الهجوم المباشر والسريع للقوات العراقية وتعتبر هذه الصفحة آخر صفحات القتال وهي التقدم والدفاع والهجوم والانسحاب بعد إكمال المهمة”.