حرية – (27/8/2024)
وصل جايك ساليفان اليوم الثلاثاء إلى الصين حيث من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية وانغ يي، في زيارة نادرة لمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، تأتي وسط توترات بين بكين وحلفاء واشنطن.
وتستمر الزيارة يومين، وهي الأولى التي يجريها مستشار الأمن القومي الأميركي إلى العملاق الآسيوي منذ 2016.
وبدأت الزيارة بعد ساعات من موقفين حادين حيال بكين صادرين عن حليفين لواشنطن، إذ دانت اليابان اليوم “انتهاكاً خطراً” لسيادتها بعد اختراق طائرة عسكرية صينية مجالها الجوي أمس الإثنين، بينما عد وزير الدفاع الفيليبيني غيلبرتو تيودورو أن الصين هي “أكبر مزعزع” للسلام في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وحطت طائرة ساليفان قبيل الساعة 14,00 بالتوقيت المحلي (06,00 بتوقيت غرينتش) وكان في استقباله السفير الأميركي نيكولاس بيرنز، بحسب مشاهد نقلتها وسائل الإعلام المعتمدة، وتوجه بعيد وصوله إلى فندق على مشارف العاصمة الصينية.
وتستمر الزيارة حتى الـ29 من أغسطس (آب) الجاري، وهي تأتي في إطار الجهود التي تبذلها بكين وواشنطن لإدارة الخلافات بينهما.
وفي حين أن ساليفان هو أول مستشار للأمن القومي يزور الصين منذ 2016، زارها خلال السنتين الماضيتين مسؤولون آخرون في إدارة الرئيس جو بايدن، أبرزهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
وقبل وصوله، أكدت مسؤولة أميركية للصحافيين أن الزيارة سيتخللها بحث التوترات في بحر الصين الجنوبي، وقالت إن تعامل إدارة بايدن مع الصين لا يؤشر إلى تليين النهج المعتمد حيالها، وأنها لا تزال مقتنعة بأن “هذه علاقة شديدة التنافس”.
وأضافت، “نحن ملتزمون القيام بالاستثمارات، تعزيز تحالفاتنا، واتخاذ الخطوة المشتركة التي يجب اتخاذها في شأن التكنولوجيا والأمن القومي”، في إشارة إلى القيود الصارمة التي فرضتها إدارة بايدن على الصادرات التقنية إلى الصين، وتابعت “لكن في المقابل نحن ملتزمون إدارة هذا التنافس بمسؤولية والحيلولة دون أن ينحو نحو النزاع”.
وأشارت إلى أن ساليفان “سيثير المخاوف في شأن تزايد ضغط جمهورية الصين الشعبية العسكري والدبلوماسي والاقتصادي في تايوان”، وأن “هذه الخطوات تزعزع الاستقرار، وتزيد (خطر) التصعيد، ونحن سنواصل حض بكين على الانخراط في حوار هادف مع تايبيه”.
وتعد الصين الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي “انفصالياً خطراً”، وهي شددت من لهجتها حيال الجزيرة وأجرت مناورات عسكرية في محيطها منذ توليه منصبه الجديد في وقت سابق هذا العام.
وسيطرح ساليفان خلال زيارته مسألة بحر الصين الجنوبي الذي تطالب بكين بسيادة شبه كاملة عليه، ويشهد توترات متزايدة بينها وبين الفيليبين الحليفة للولايات المتحدة.
ولم تحدد المسؤولة الأميركية ما إذا كانت واشنطن تتوقع حصول أي اختراق في العلاقة بين البلدين خلال الزيارة التي سيتخللها لقاء بين ساليفان ووزير الخارجية الصيني وانغ يي.
وأشارت إلى أن مسؤول الأمن القومي سيذكر بكين بالمخاوف الأميركية في شأن دعم الصين لروسيا في توسيع صناعاتها العسكرية منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
من جهتها، تشدد بكين على أنها لا تقدم دعماً عسكرياً مباشراً لموسكو، على عكس ما توفره الولايات المتحدة ودول غربية عدة لكييف.
ويتوقع أن يتطرق ساليفان خلال زيارته كذلك إلى كوريا الشمالية والأوضاع في الشرق الأوسط لجهة الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة “حماس”، والتوتر بين الدولة العبرية من جهة وإيران وحلفائها من جهة أخرى.
وغالباً ما آثرت الصين العمل مع مستشاري الأمن القومي الأميركيين، وتنظر إليهم على أنهم صانعو قرار مقربون من الرئيس ويجرون المفاوضات بعيداً من دائرة الضوء الإعلامية التي غالباً ما ترافق وزراء الخارجية.
ويعود التاريخ الحديث للعلاقة بين الولايات المتحدة والصين إلى عام 1971 حين زار هنري كيسنجر، وزير الخارجية في عهد ريتشارد نيكسون، بكين سراً لتمهيد الأرضية للعلاقات بين واشنطن والدولة الشيوعية الآسيوية.
والتقى ساليفان ووانغ يي أربع مرات على مدى العام ونصف العام الماضي، في واشنطن وفيينا ومالطا وبانكوك، كما كانا حاضرين على هامش القمة التي جمعت بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ في كاليفورنيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
وفي بعض الأحيان، لم يتم الإعلان عن لقاء وانغ وساليفان سوى بعد انتهائه، وأمضى المسؤولان ساعات طويلة خلف الأبواب الموصدة بعيداً من العدسات.
وتأتي الزيارة قبل أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر المقبل.
ويتوقع أن تواصل مرشحة الحزب الديمقراطي، نائبة بايدن الحالية كامالا هاريس، سياسة التحاور المرفقة بضغوط على الصين، ومن جهته تعهد منافسها الجمهوري دونالد ترمب اعتماد سياسة أكثر صرامة حيال بكين.