حرية – (29/8/2024)
كشف خبراء ومختصون في الشأن الإسرائيلي، أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من قراره “الأحادي” بشأن تعيين حاكم مدني لغزة، مشيرين إلى أن أبرزها إعادة احتلال القطاع.
وحسب تقارير عبرية، جرى تعيين إلعاد غورن بمنصب المسؤول عن الجهود الإنسانية المدنية في قطاع غزة، وذلك خلال جلسة مشاورات خاصة بين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي ووزير الدفاع يوآف غالانت.
ويمثل ذلك استحداثًا إسرائيليًّا لمنصب جديد بالقطاع، خاصة وأن غورن الذي جرى ترقيته لرتبة عميد سيكون مسؤولًا عن إدخال الوقود والغذاء وإصلاح البنى التحتية بالقطاع، وهو ما يعني أنه “حاكم مدني” لغزة.
إعادة احتلال
ويرى أستاذ العلوم السياسية أسعد غانم، أن “نتنياهو أغلق الباب أمام إمكانية التوصل لاتفاق تهدئة مع حركة حماس، بالقرارات المتعلقة بتعيين مسؤول عسكري عن القطاع، وأن إسرائيل تعيد إنتاج احتلال القطاع”.
وقال غانم، لـ”إرم نيوز”، إن “من مصلحة نتنياهو عدم التوصل لاتفاق تهدئة مع حماس واستمرار الحرب على غزة، ليحافظ على مستقبله السياسي ويطيل أمد حكم ائتلافه الحكومي، ويضعف أحزاب المعارضة”.
وأوضح أن “مماطلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن التوصل لاتفاق تهدئة وفرضه شروطا جديدة يؤكد وجود مخطط لإعادة احتلال قطاع غزة، وعدم الانسحاب العسكري منه خلال الفترة المقبلة، وأن المنصب الجديد بالجيش الإسرائيلي مؤشر قوي على ذلك”.
وأشار غانم، إلى أنه “بات من الواضح أن إسرائيل تسعى لإعادة تجربة الحكم العسكري لقطاع غزة ولكن بشكل مدني، وأن القرار الجديد يمثل المرحلة الأولى لتشكيل إدارة عسكرية خاصة بحكم القطاع، وذلك يكشف نوايا نتنياهو لإعادة احتلال غزة”.
واعتبر أن “إسرائيل معنية بالبقاء لفترة طويلة داخل القطاع، وتمسكها بمفاوضات التهدئة بمحوري نتساريم وفيلادلفيا يمثل مؤشرا قويا بهذا الشأن، وستعمل على استحداث مناصب أخرى لإدارة غزة”.
أهداف سياسية وعسكرية
بدوره، رأى المحلل السياسي طلال عوكل، أن “القرار الإسرائيلي يأتي لتحقيق عدد من الأهداف السياسية والعسكرية، ويتمثل الهدف الأول في الضغط على حماس للانسحاب من مفاوضات التهدئة وتحميلها مسؤولية تعطلها”.
وقال عوكل، لـ”إرم نيوز”، إن “القرار قد يدفع حماس نحو الانسحاب رسميًّا من مفاوضات التهدئة، خاصة وأنها لن تتمكن من ضمان بقاء حكمها للقطاع، وهذا بالضبط ما يريده نتنياهو وشركاؤه اليمينيون بالحكومة”.
وأضاف أن “نتنياهو غير معني بتحقيق أي تقدم بمفاوضات التهدئة، وائتلافه الحكومي يسعى لنسفها والحيلولة دون الاتفاق مع حماس ولو كان ذلك على حساب مقتل الرهائن والمحتجزين”، لافتًا إلى أن إسرائيل ستقوم بشكل غير معلن بتشكيل مؤسسة عسكرية لإدارة القطاع.
وبيّن المحلل السياسي، أن “الهدف الثاني يتمثل في إعادة احتلال القطاع، وضمان السيطرة العسكرية والأمنية عليه لأطول فترة ممكنة، وستكون الحلول الأحادية هي الخيار الأمثل لنتنياهو من أجل تحقيق ذلك”.
واعتبر عوكل، أن “الهدف الثالث يتمثل في إفشال التحركات الفلسطينية من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، وفرض خطة الحكم الإقليمي على الفلسطينيين، حيث تتحول الضفة وغزة لأقاليم منزوعة السلاح والصلاحيات، ما يخفف تكلفة الاحتلال الاقتصادية والعسكرية والقانونية”.
فريد كمال
عيّن الجيش الإسرائيلي لأول مرة عميدًا يتولّى مهمة القيادة المدنية في قطاع غزة، حتى أنهم أسموه “قائد غزة”، وهو العميد إيلاد غورين، وفق الإعلام الإسرائيلي.
غورين الذي تولّى مناصب كثيرة في مقر تنسيق العمليات الحكومية ، المعروفة اختصارًا “مطفش”، جاء تعيينه في قيادة غزة ، لتقليل الضغوط الدولية على إسرائيل، واستعدادًا لتنفيذ صفقة تبادل الأسرى والمختطفين.
مسؤولية إسرائيل تتوسع
والمفارقة أنه ليس لديه بعد تعريف دقيق لوظيفته كرئيس لهذا الملف الجديد، فهو أول من سيتولّى هذا المنصب والذي يشبه مهمة رئيس الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، والتي يترأسها، حاليًا، المقدم هشام إبراهيم، ويطلق عليه اسم “المنسق”.
وقال غورين إنه على المدى الطويل، وعلى جدول الأعمال، من المحتمل عودة من أسماهم بـ”اللاجئين” ويقصد النازحين، بشكل منظم إلى مدينة غزة، مشيرًا إلى بداية قريبة لمشاريع إعادة الإعمار، والاستعداد لفصل الشتاء في القطاع، وحسم الجدل بقوله إن دور إسرائيل في غزة يستمر لسنوات مقبلة”.
وأوضح أكبر مسؤول إسرائيلي عُيّن لإدارة غزة، أن عدم تحديد الحكومة الإسرائيلية لأهداف إستراتيجية لمستقبل غزة لا يؤدي إلى حل المشكلة قريبًا، والجيش الإسرائيلي يقبل حقيقة أن مسؤولية إسرائيل عن الحياة في القطاع ستستمر، بل وتتوسع خلال السنوات المقبلة.
وأضاف: “حرفيًا الدور الإسرائيلي يستمر لسنوات مقبلة، وأوضح أنه من يعتقد أن السيطرة والتدخل الإسرائيلي في قطاع غزة سينتهي، قريبًا، مع أو دون معدل من القتال، سواء كانت هناك صفقة رهائن أم لا، فهو مخطئ”.
من ضمن مهام قائد غزة الجديد، رئاسة مديرية التنسيق والارتباط في القطاع، وغورين ضابط برتبة مقدم يتولّى وسيستمر في التعامل مع القضايا التكتيكية اليومية مثل توصيل المساعدات الإنسانية في المعابر والطرق في القطاع، وإصلاح البنية التحتية المحلية المدمرة في القتال والاتصال المنتظم مع منظمات الإغاثة الأجنبية، وفق المصدر الإسرائيلي.
إعادة إعمار غزة
ومن المتوقع أن يقود العميد غورين تحركات استراتيجية مدنية على المدى الطويل من أجل مواصلة الحصول على الشرعية الدولية لاستمرار القتال في غزة، دون أن تشهد أزمة إنسانية أو مجاعة، كما حدث بعد العمليات الحالية، بحسب يديعوت أحرونوت.
غورين الذي كان رئيس الدائرة المدنية في جهاز المخابرات العسكرية خلال الحرب الحالية، هو الضابط الثاني الذي يتحمل أعباء الحرب واحتياجاتها، بعد العميد روني كاتسير، الذي يشغل منصب رئيس قسم القانون الدولي في مكتب المدعي العام العسكري، ومع توسيع المسؤوليات، تم تقسيمها بين كاتسير وجورين.
على جدول أعمال الوحدة الجديدة في الجيش الإسرائيلي التى ستقود غزة مع استمرار الحرب، عمليات كبرى بدأت بالفعل لإجلاء الفلسطينيين المصابين والمرضى بشكل خطير إلى المستشفيات في الأردن أو مصر أو الإمارات.
وإعداد قطاع غزة لفصل الشتاء المقبل على خلفية البنية التحتية المدمرة تمامًا، وتنسيق التحرك الكبير لتطعيم أكثر من مليون من سكان غزة ضد شلل الأطفال.
إدارة معبر رفح
بالإضافة إلى ذلك سيدعو غورين في مهامه الجديدة، المجتمع الدولي لإعادة إعمار كامل المنشآت المدنية التي انهارت في قطاع غزة وغيرها.
وأعلن مكتب نتنياهو، مساء أمس الأربعاء، أنه يتم تخصيص أماكن معينة في قطاع غزة لصالح إعطاء لقاحات شلل الأطفال للسكان “بدعم دولى”.
ومن المتوقع أيضًا أن يلعب العميد غورين دورًا رئيسًا في العمليات المدنية واسعة النطاق التي سيتم تنفيذها قريبًا، إذا تم تنفيذ صفقة تبادل الأسري والمختطفين، حيث يعود حوالي مليون من سكان غزة إلى منازلهم في شمال قطاع غزة، مرورًا من ممر نتساريم، بعد طردهم من منازلهم إلى مخيمات النازحين جنوب قطاع غزة بأمر من الجيش الإسرائيلي قبل حوالي 10 أشهر، بحسب “يديعوت أحرونوت”.
وعن مسألة معبر رفح، ستتم إدارته من خلال آلية يتم الاتفاق عليها في المفاوضات بدلاً من الجيش الإسرائيلي ضمن صفقة رهائن، ومن ضمن الخيارات المطروحة عودة أطراف دولية تسيطر على المعبر كما كان حتى العام 2005، مع وجود عنصر فلسطيني محلي على محور فيلادلفيا.
وأضاف غورين: “غزة ستشغل إسرائيل كثيرًا خلال السنوات المقبلة، بل أكثر من اليوم، وستكون المهمة هي الاستمرار في إعطاء متنفس للقوات الإسرائيلية للقتال من أجل تحقيق أهداف الحرب مع خفض الانتقادات الدولية ضد إسرائيل” وفق اعتراف جورين ليديعوت أحرونوت.