حرية ـ (2/9/2024)
خلال سنوات الثورة الفرنسية، اعتاد الفرنسيون على متابعة عمليات الإعدام العلنية، باستخدام المقصلة، بالساحات العامة. إلى ذلك، جذبت عمليات الإعدام هذه عددا كبيرا من المتفرجين الذين حضروا لمشاهدة كيفية تنفيذ الحكم. من جهة ثانية، شهدت الساحات التي ثبتت بها المقصلة انتشارا للباعة المتجولين الذين جاءوا بهدف بيع سلعهم، كالخبز والحلوى، للحاضرين.
وبالجانب الآخر من الأطلسي، ظلت عادة تنفيذ أحكام الإعدام بشكل علني موجودة بالولايات المتحدة الأميركية لحدود ثلاثينيات القرن العشرين حيث تابع الأميركيون سنة 1936 آخر عملية شنق علنية.
جريمة القتل والاغتصاب
صباح يوم 7 حزيران/يونيو 1936، أقدم الأميركي ذو الأصول الأفريقية رايني بيتيا (Rainey Bethea)، البالغ من العمر 26 سنة، على دخول منزل السيدة ليشيا إدواردز (Lischia Edwards)، ذات السبعين عاماً، خلسة عقب صعوده فوق سطح منزل الجيران. وعقب نجاحه في خلع إحدى النوافذ، عمد رايني بيتيا لدخول غرفة ليشيا إدواردز قبل أن يقدم على تعنيفها واغتصابها.
وعقب فقدان ليشيا إدواردز لوعيها، أقدم رايني بيتيا على سرقة مجوهراتها والعديد من ممتلكاتها الثمينة. وأثناء عملية السرقة، أضاع هذا الشاب البالغ من العمر 26 سنة خاتمه الخاص داخل الغرفة دون أن يلاحظ ذلك. لاحقا، اكتشف الجيران الجريمة عقب دخولهم للمنزل. فعلى مدار سنوات، اعتاد الجيران على مشاهدة ليشيا إدواردز وسماع صوتها كل صباح.
مع حلولهم على عين المكان، باشر المحققون ورجال الشرطة عملهم. وبفضل تقنية البصمات، نجح المحققون في تحديد هوية الجاني. فضلا عن ذلك، تم التأكد من وقوف رايني بيتيا وراء الحادثة عقب العثور على خاتمه بمسرح الجريمة. وأثناء نقله نحو سجن جيفرسون بمدينة لويسفيل (Louisville) بولاية كنتاكي، اعترف رايني بيتا بوقوفه وراء الجريمة مؤكدا على قيامه باغتصاب وقتل السيدة ليشيا إدواردز. وخلال التحقيقات، اعترف رايني بيتيا بجريمته مرة ثانية وأقر بالمكان الذي أخفى به المجوهرات. وبسبب ذلك، أصبحت عملية إدانته شبه حتمية.
آخر من أعدم علنا أمام الحاضرين
عقب دخوله لمنزل السيدة ليشيا إدواردز، ارتكب رايني بيتيا جرائم عدة كالسرقة والقتل واعتماد اسم مستعار. وفي الأثناء، اتجهت المحكمة أساسا لإدانته بالاغتصاب. وعقب محاكمة استمرت لنحو 3 ساعات، نال رايني بيتيا أواخر حزيران/يونيو 1936 حكما بالإعدام شنقا بساحة عامة بمدينة أوينزبورو (Owensboro) بولاية كنتاكي.
يوم 6 آب/أغسطس 1936، وقع حاكم ولاية كنتاكي ألبرت شاندلر (Albert Chandler) على حكم الإعدام بحق رايني بيتيا. ويوم 14 من الشهر نفسه، احتشد ما يزيد عن 20 ألف شخص لمشاهدة عملية الإعدام. وبصفوف الجماهير، تواجد عدد هام من الباعة المتجولين الذين تنقلوا لبيع الوجبات الخفيفة وقوارير المياه للحاضرين.
حسب أقوال الحاضرين، أعدم رايني بيتيا فوق منصة عالية سمحت للجماهير بمشاهدته. من جهة ثانية، تنقل المتهم نحو مكان إعدامه بثبات دون أن تظهر عليه ملامح الخوف. وحال سقوطه من المنصة، توفي رايني بيتا على عين المكان عقب انكسار عنقه.
مثلت عملية شنق رايني بيتيا آخر عملية إعدام علنية بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية. فبالفترة التالية، عبّرت الصحف الأميركية عن استيائها من هذه الممارسة التي وصفت بغير الحضارية والمخزية. وأمام هذا الوضع، مرر المشرعون الأميركيون قانونا منع عمليات الإعدام العلنية للأشخاص المتهمين بجرائم اغتصاب.