حرية ـ (2/9/2024)
فاز حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف بفارق كبير في الانتخابات الإقليمية في مقاطعة تورينغن، وحل ثانياً خلف المحافظين في مقاطعة ساكسونيا في شرق ألمانيا أمس الأحد، محققاً نتائج “تاريخية” تمثل نكسة لحكومة المستشار أولاف شولتز.
وأعلن حزب “البديل من أجل ألمانيا” المنتقد لسياسة استقبال اللاجئين الذي تثير صلاته بالكرملين شكوكاً، الفوز في تورينغن حيث تقدم على خصومه بنسبة كبيرة من الأصوات.
“تفويض للحكم”
وقال زعيم الحزب في ألمانيا تينو شروبالا، إن “البديل من أجل ألمانيا” حصل على “تفويض واضح للحكم”، مؤكداً أنه مستعد “للتحدث مع كل الأحزاب” لتشكيل غالبية مطلقة.
ونُظمت الانتخابات في المقاطعتين في سياق أجواء متوترة بعد نحو أسبوع من مقتل ثلاثة أشخاص في عملية طعن في مدينة زولينغن في غرب البلاد أقر مشتبه فيه سوري بتنفيذها وتبناها تنظيم “داعش”، أثارت الجدل مجدداً في شأن الهجرة في ألمانيا.
وتصدر حزب “البديل من أجل ألمانيا” النتائج في تورينغن إحدى أصغر المقاطعات في البلاد حاصداً 33.1 في المئة من الأصوات. وتقدم على حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ الذي نال 24.3 في المئة من الأصوات، وفق التقديرات.
ويترأس بيورن هوكه حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف في تورينغن وهو من أكثر الشخصيات تطرفاً في الحزب.
وفي ساكسونيا، تقدم حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” وهو حزب المستشارة السابقة أنغيلا ميركل بفارق بسيط إذ نال 31.7 في المئة من الأصوات، وحل حزب “البديل من أجل ألمانيا” ثانياً (31.4 في المئة) بنتيجة متقاربة.
سابقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية
ويشكل فوز حزب “البديل من أجل ألمانيا” في تورينغن سابقة في البلاد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حتى لو كان من غير المرجح أن يتولى السلطة الإقليمية مع رفض كل الأحزاب الأخرى عقد أي تحالف معه.
وقال الأمين العام لحزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” كارستن لينيمان الأحد، إن “الناخبين يعرفون أننا لن نشكل ائتلافاً مع حزب البديل من أجل ألمانيا”، داعياً إلى تشكيل حكومة.
وحقق حزب “بي أس في” اليساري المتطرف الجديد اختراقاً كبيراً، إذ حصل على أكثر من 10 في المئة من الأصوات في المقاطعتين، ويمكن أن يصبح صانع ملوك محتملاً في تشكيل الحكومتين الإقليميتين في تورينغن وساكسونيا في المستقبل.
وقد أسست السياسية اليسارية زهرا فاغنكنخت هذا الحزب في يناير (كانون الثاني) الماضي بعد استقالتها من حزب دي لينكه. وهي تدعو إلى إحلال السلام مع روسيا والتشدد حيال الهجرة.
ولقي كل من حزب “البديل من أجل ألمانيا” وحزب “بي أس في” قبولاً شعبياً في المقاطعتين الواقعتين في شرق البلاد بخطاباتهما العنيفة ضد الهجرة ومن خلال الدعوة إلى وضع حد لشحنات الأسلحة التي ترسلها برلين إلى كييف، وهو موقف يحظى بشعبية كبيرة في هذه المناطق من جمهورية ألمانيا الديمقراطية الشيوعية السابقة حيث لا يزال الخوف من الحرب يسكن النفوس.
نكسة كبيرة
وأظهرت النتائج أيضاً تعرض الائتلاف الحكومي أي الحزب “الاشتراكي الديمقراطي” بزعامة المستشار أولاف شولتز، وحزب “الخضر” والحزب “الديمقراطي الحر” (ليبراليون) لنكسة كبيرة قبل عام من الانتخابات التشريعية التي ستُجرى في 2025.
وسجل حزب شولتز نسبة تراوح بين 6.6 و7.8 في المئة من الأصوات. وسيخرج “الخُضر” من برلمان تورينغن، ولن يكون لليبراليين من الحزب “الديمقراطي الحر” ممثلون في أي من المجالس الإقليمية بعد هذه الانتخابات.
وقد تحكم تحالفات كبيرة غير متجانسة من اليمين واليسار المقاطعتين اللتين تحظيان بامتيازات مهمة في النظام الألماني في مجالي التعليم والأمن.
صدمة هجوم زولينغن
سعى زعماء حزب “البديل من أجل ألمانيا” إلى استغلال الصدمة التي أحدثها الهجوم في مدينة زولينغن في غرب البلاد، متهمين الحكومات الفيدرالية المتعاقبة بنشر “الفوضى”.
وتمكن المعتدي المشتبه في صلاته بتنظيم “داعش” من الإفلات من قرار إبعاد صدر بحقه، إذ توارى عندما أرادت السلطات الألمانية ترحيله. وأعلنت حكومة شولتز تحت الضغط تعزيز مراقبة الهجرة وتقييد استخدام السلاح الأبيض.
تأسس حزب “البديل من أجل ألمانيا” في 2013 كمجموعة مناهضة لليورو قبل أن يتحول إلى حزب معاد للهجرة بعد أزمة الهجرة في 2015 وجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التي أضعفت الاقتصاد الأول في أوروبا ورفعت الأسعار.
وحقق الحزب نتيجة قياسية في الانتخابات الأوروبية في يونيو (حزيران)، بحصوله على 15.9 في المئة من الأصوات. وهي أفضل نتيجة حققها على الإطلاق، ونتيجة جيدة بصورة خاصة في شرق ألمانيا حيث خرج كأكبر قوة.
وتزداد شعبية الحزب في مناطق جمهورية ألمانيا الشرقية السابقة بسبب استمرار حال من عدم المساواة منذ إعادة توحيد البلاد في عام 1990، وأزمة ديموغرافية عميقة مرتبطة برحيل الشباب إلى مناطق أخرى على الرغم من الانتعاش الاقتصادي في شرق ألمانيا.