حرية ـ (5/9/2024)
يعمل علماء ورواد أعمال لإيجاد طرق لصنع مزيد من الكاكاو أو تطوير بدائل له في حين يؤثر تغير المناخ في الغابات التي تنمو فيها حبوب الكاكاو، بالتالي، يعرض الشوكولاتة إلى خطر.
تزرع “كاليفورنيا كالتشرد”، وهي شركة لزراعة الخلايا النباتية، الكاكاو في مزارع للخلايا بمنشأة تقع في غرب مدينة ساكرامنتو بولاية كاليفورنيا، وتخطط للبدء ببيع منتجاتها العام المقبل. هي تضع خلايا حبوب الكاكاو في وعاء يتضمن سكراً محلولاً في الماء، فتتكاثر بسرعة وتبلغ مرحلة النضج في غضون أسبوع بدلاً من الأشهر الستة إلى الثمانية التي يستغرقها الحصاد التقليدي، وفق ألان بيرلشتاين الرئيس التنفيذي للشركة. كذلك لم تعد العملية تتطلب كثيراً من المياه أو العمل الشاق.
وقال بيرلشتاين، “نرى فقط الطلب على الشوكولاتة يفوق في صورة رهيبة ما سيكون متاحاً منها. لا توجد طريقة أخرى نرى بها العالم قادراً على أن يزيد في صورة كبيرة من إمدادات الكاكاو أو يبقيها عند مستويات معقولة من دون تدهور بيئي واسع النطاق أو بعض الكلف الأخرى الكبيرة”.
تنمو أشجار الكاكاو عند ما يقارب 20 درجة إلى الشمال والجنوب من خط الاستواء في المناطق ذات المناخ الدافئ والأمطار الوفيرة، بما في ذلك غرب أفريقيا وأميركا الجنوبية. ومن المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى جفاف الأرض في ظل الحرارة الإضافية. لذلك، يتوصل علماء ورواد أعمال وعشاق للشوكولاتة إلى طرق لزراعة الكاكاو وجعل المحصول أكثر مرونة وأكثر مقاومة للآفات، إضافة إلى صنع بدائل للكاكاو تحمل مذاق الشوكولاتة نفسه لتلبية الطلب.
خلايا الكاكاو وهي تنمو داخل حاوية في مختبر “كاليفورنيا كالتشرد”
وتعد سوق الشوكولاتة سوقاً ضخمة إذ تجاوزت المبيعات في الولايات المتحدة 25 مليار دولار عام 2023، وفق الجمعية الوطنية للحلوانيين. ويراهن رواد أعمال كثر على نمو الطلب في صورة أسرع من المعروض من الكاكاو. وتبحث الشركات إما في تعزيز العرض بواسطة الكاكاو الذي يعتمد على خلايا نباتية أو عرض بدائل مصنوعة من منتجات تراوح ما بين الشوفان والخروب تحمص وتنكه لإنتاج طعم الشوكولاتة قبل استخدامها في صنع الرقائق أو الحشوات.
وقفز سعر الكاكاو في وقت سابق من هذا العام بسبب الطلب والمشكلات التي واجهت المحصول في غرب أفريقيا إذ انتشرت آفات وحلت تغيرات في الطقس. وتنتج هذه المنطقة الجزء الأكبر من الكاكاو في العالم.
وقالت كارلا دي مارتن، المديرة التنفيذية لمعهد الكاكاو الفاخر والشوكولاتة الفاخرة والمحاضرة في الدراسات الأفريقية والأفريقية الأميركية لدى جامعة هارفرد، “يسهم هذا كله في عدم استقرار محتمل في العرض، لذلك من الجذاب لهذه الشركات المتخصصة في الزراعة المخبرية أو في بدائل الكاكاو التفكير في طرق تتيح لها أن تستبدل بهذا المكون الذي نعرفه نكهة الشوكولاتة”.
ولفتت مارتن إلى أن الابتكار مدفوع إلى حد كبير بالطلب على الشوكولاتة في الولايات المتحدة وأوروبا. وأشارت إلى أن ثلاثة أرباع الكاكاو في العالم تزرع في غرب أفريقيا ووسطها، لكن ما نسبته أربعة في المئة يستهلك هناك.
ويأتي الدفع باتجاه إنتاج الكاكاو خلف أبواب مغلقة في الولايات المتحدة بعدما سبق وزرعت منتجات أخرى، مثل لحم الدجاج، في المختبرات. كذلك يأتي في حين تمتلئ أرفف محال السوبرماركت بخيارات من الوجبات الخفيفة المتطورة، وهذه ظاهرة يقول مطورون لبدائل الكاكاو، إنها تبين أن الناس مستعدون لتجربة ما يشبه كعكة برقائق الشوكولاتة، حتى لو ضمت الرقائق بديلاً للكاكاو.
وقالوا، إنهم يأملون أيضاً في الاستفادة من الوعي المتزايد بين المستهلكين بمصدر طعامهم وما يلزم لزراعته، لا سيما قلقهم من استخدام عمالة الأطفال في إنتاج الكاكاو.
وتؤكد شركة “بلانيت أي فودز” التي تقع في مدينة بلانيغ بألمانيا أن طعم الشوكولاتة في السوق الرئيسة مشتق إلى حد كبير من التخمير والتحميص في صنعها، وليس من حبوب الكاكاو نفسها. واختبر مؤسسو الشركة مكونات تراوح ما بين الزيتون والأعشاب البحرية واستقروا على مزيج من الشوفان وبذور دوار الشمس كأفضل بديل للشوكولاتة، وفق جيسيكا كارتش الناطقة باسم الشركة. وأطلقوا على المنتج اسم “تشو فيفا”، وهو قابل للتحويل إلى مخبوزات، على حد قولها.
وقالت كارتش، “لا تتمثل الفكرة في استبدال الشوكولاتة الداكنة العالية الجودة المؤلفة من كاكاو بنسبة 80 في المئة، بل في الحقيقة في توافر منتجات مختلفة كثيرة في السوق الرئيسة”.
الخبيرة التقنية في مختبر “كاليفورنيا كالتشرد” أوبري ماكيند تعمل على مزارع للخلايا
ومع ذلك، بينما يسعى البعض إلى إنشاء مصادر بديلة وبدائل للكاكاو، يحاول آخرون تعزيز إمدادات الكاكاو حيث ينمو في صورة طبيعي. تمتلك “مارس”، الشركة التي تصنع “أم أند إمز” و”سنيكرز”، منشأة بحثية في جامعة كاليفورنيا الواقعة في مدينة ديفيس تهدف إلى جعل نباتات الكاكاو أكثر مرونة، بحسب جوانا هو، المديرة الأولى لعلوم نبات الكاكاو في الشركة. وتستضيف المنشأة مجموعة من أشجار الكاكاو المزروعة في بيئة شبيهة ببيئتها الطبيعية حتى يتمكن العلماء من دراسة مما يجعلها مقاومة للآفات وذلك بغرض مساعدة المزارعين في البلدان المنتجة وضمان إمدادات مستقرة من الحبوب.
وقالت هو، “نحن نعد الأمر فرصة ومسؤوليتنا”.
وفي إسرائيل، تبذل أيضاً جهود لتوسيع إمدادات الكاكاو. تأخذ شركة “سيليست بيو” خلايا حبوب الكاكاو وتزرعها خلف أبواب مغلقة لإنتاج مسحوق الكاكاو وزبدة الكاكاو، بحسب المؤسسة المشاركة هني فولبين. وفي غضون أعوام قليلة، تتوقع الشركة أن تتمكن من إنتاج الكاكاو بغض النظر عن أثر تغير المناخ والآفات، وهذا جهد جذب اهتمام “مونديليز”، الشركة المصنعة للشوكولاتة المعروفة باسم “كادبوري”.
وقالت فولبين، “لدينا حقل صغير فقط، لكن في النهاية، ستكون لدينا مزرعة من المفاعلات الحيوية”.
وهذا مشابه للجهود الجارية في “كاليفورنيا كالتشرد”، التي تخطط للحصول على إذن من إدارة الغذاء والدواء الأميركية لتسمية منتجها بالشوكولاتة، فالمنتج، وفق بيرلشتاين، هو شوكولاتة.
وقد ينتهي الأمر بالمنتج إلى أن يسمى الشوكولاتة المخمرة، أو الشوكولاتة المحلية، لكنه شوكولاتة بكل ما للكلمة من معنى، على حد تعبير بيرلشتاين، لأنه متطابق وراثياً مع الكاكاو على رغم عدم حصاده من شجرة.
وقال بيرلشتاين، “نرى في صورة أساسية أننا نزرع الكاكاو – لكن فقط بطريقة مختلفة”.