حرية ـ (7/9/2024)
محمد حميد رشيد
أكتب هذه الكلمات بحذر شديد ليس خوفاً من من يخافون الكلمة بل حرصاً على أن لا يساء فهمي من أهلي.
أصبح العراق ملعباً للمؤامرات والمخططات التي تستهدف إضعاف العراق والنيل منه وتقزيمه والإنتقام من شعبه منذ اليوم الاول للأحتلال العراق كما أصبح حقلاً للتجارب السياسية العجيبة للأحزاب التي حكمته منذ عام 2003م ولم تعد للخبرة ولا للعلم ولا للخدمة أهمية بل أن الأهمية الأولى (للولاء) للطائفة ثم بعدها تحول الولاء للحزب ومن بعدها للأسم وتنوعت عندنا تيجان الرؤوس والحكام (بأمره) والمقدس وكلما أزداد المقدسون إزداد الفساد وتحول من فساد مليوني إلى ملياري وأخيراً أصبحت أرقام الفساد المقدس ترليوني! واصبح الفاسدون العمالقة مقدسون وفوق القانون وأكبر من أن يسألون!
فلم استمركل هذا الفشل والفساد؟ وهل عجزت الديمقراطية التي من اهم واجباتها التمكين من إختيار الأفضل للبلاد والعباد ونبذ الاسوء أم ان الشعب مغلوباً على أمره خاضعاً للمقدس الوهمي والعقل الجمعي (القطيعي)؟! أم ان الديمقراطية ذاتها مغلوباً عليها؟
ورغم أن العراق يسير نحوالأسوء بلا مستقبل واضح وبلا تنمية وبلا تخطيط علمي صحيح وتسرق ثرواته وأمواله جهاراً نهاراً ويتلاعب بميزانياته المالية (بجداوله المالية) وتقسم أرضه ويفتت شعبه إلا أن ما يجري هذه الأيام قد يكون هو الأخطرعلى العراق من كل المراحل الخطرة التي مر بها بل قد تكون أخطر من مرحلة داعش (بل قد تكون تلك المرحلة مؤشر مبكر لما هوقادم)؛ ذلك أن الخطاب الديني بما يحويه من مقدسات عظيمة لدى الأمة هذه القدسية التي لا تسمح للعقل فيها بالمراجعة أو الإعتراض وفي بعض الأحيان حتى بمجرد التفكير العقلاني والتي بطبيعتها تؤسس لعقل جمعي (قطيعي) من السهل إثارته ومن المستحيل ضبطه إذا ما أنفجر!
خدمت الطائفية كل الأحزاب السياسية الطائفية وبلا هذه الطائفية لا وجود ولا مستقبل لهذه الاحزاب في العراق وتحت ظلالها أنتشر الفساد المقدس ومن دونها يمكن أن يتوحد العراق والعراقيون وتقوى شكيمتهم ويتعرى الفساد وتسود القوانين في كل شيء ولا يوجد شخص مقدس فوق القانون وفوق المسائلة.
لكن اللعبة السياسية تمادت في خطورتها في الآونة الأخيرة وتصاعد الخطاب الطائفي المتطرف الصريح الذي ينال من مؤسسات الدولة ومن قوانينها ومن قضاتها متجاوزين على الدستور وغير مبالين باحكامه بإتجاه تغيير القوانين بما لا يتعارض مع مبادىء العقيدة واركانها الطائفية ومن الواضح جداً أن الديمقراطية ذاتها هي المستهدفة في المرحلة القادمة والتحول إلى (ديمقراطية الطوائف) يقسم فيها الشعب إلى كانتونات طائفية وعرقية ولكل مجموعة منها قوانينها الخاصة حتى وإن تعارضت مع قوانين الطوائف الأخرى ويكون فيها حرية شتم وسب الآخرين مكفولاً ومن حق الأغلبية شتم الإقلية وما كان لدى الأغلبية مقدساً فهو الأعلى والذي له أن يشتم مقدسات الأقلية وأن يستفزهم بدون أن يكون لهم حق (مجرد الشعور) بلأستفزاز وعليهم تقبل ذلك لأنهم الأقلية وسيكون للغوغاء فيها نصيب ما دام ينتمي إلى الطائفة وسيكونون محميين بالغطاء (المقدس) الذي يجعله فوق (القوانين الوضعية) وسيكون هناك الجيوش العقائدية والسلاح العقائدي وسلاح العقيدة مقدس وفوق أي سلاح آخر وقد يتم تشريع قوانين حامية لتصرفات وردود الأفعال ما دام الدافع مقدس!. والكارثة العظمى أن نبيح لكل طائفة أن تدافع عن مقدساتها ويكون لها جيوشها العقائدية المقدسة أيضاً!!!
لعبة الطائفية (المقدسة هذه) ولعبة (ديمقراطية الطوائف المقدسة) هذه يمكن أن تذهب بالعراق (المتنوع) إلى تقسيمه إلى اقاليم و(محاصصته) عرقياً ودينياً وطائفياً ومن ثم عشائرياً والفدرلة والكانتونات ومن بعده إلى كونفدرالية ليأخذ كل حصته وإستحقاقاته الكاملة ليتم بذلك تصحيح التاريخ القديم للعراق ولأخذ كل الإستحقاقات والثارات التاريخية ومن ثم تصحيح المسار التاريخي المستقبلي وصولاً إلى فرض (الدين الصحيح) من وجهة نظر الأغلبية العراقية!. ومصلحة العراق هي مصلحة المكون الأكبر في العراق دون النظر إلى الدور الحضاري المطلوب منه ولا إلى تطور الوضاع الإقتصادية والمالية للدولة والصحية والمعاشية للمواطنين وإصلاح مسار الدولة الذي لم يتوقف عن الإنحدار نحو الأسوء بسبب الفساد والفشل المقترنان
مجرد السماح بإستمرار هذه العقلية من التفكيرسينهي مستقبل العراق ويضعه في الدهاليز المظلمة في ظل تصارع دولي على النفوذ والثروات والمصالح ونحن في معارك متخلفة وهمية لا مصلحة منها وتعيد من جديد الحرب الطائفية التي ستاكل الأخضر واليابس ويكون ضحيتها الأبرياء من الناس. على مدار التاريخ القديم والحديث لم نشهد ولو لمرة واحدة تجربة طائفية ناجحة بل كلها أنتهت بالفشل والحروب والصراعات الداخلية والجانبية بعيداً عن مصلحة البلاد والعباد ودمرت تراثها الحضاري والفني والثقافي واوقفت تقدمها بإراقة الدماء والخوف من الآخر والحذر منه وفي النهاية الإنهياروالفشل وكلها أزدانت بكل أنواع الفساد وبإضعاف القيم الروحية والدينية المعتدلة للأمة وأبدالها بالتطرف والشذوذ وإنهاء القيم الوطنية والإنسانية التي تعزز وحدة الأمة وقوتها وتحقق العدالة وعدم التفريق بين مواطن وآخر على اساس الدين أو المعتقد أو العرق أو الجنس أو اللغة او الثقافة وترص الجميع لخدمة الوطن والإستفادة من طاقات الجميع وتحقيق الأمن الحقيقي في ظل عدالة القانون وعدالة السلطات وقوتها في ظل الوحدة الوطنية ليتفرغ الجميع لخدمة الأمة والعراق؛ والوطنية تكفل بكل تأكيدحرية الممارسة الدينية والقومية والعرقية وتعتز بها ودون المس بحريات الآخرين.
وإذا كان هناك من يعتقد أن من حقه التعبير عن إيمانه وعقيدته دون الأخذ بنظر الإعتبار مشاعر الاخرين فإن علينا أن ننبهه لخطورة ذلك على الأمة ونطالب العقلاء بوضع ضوابط لهذا العبث بمصير الأمة فهذا الإتجاه هو عبارة عن برميل من البارود يمكن أن ينفجر ليقضي على العراقيين وعلى وحدة العراق وعلى مستقبل العراقيين.
ختاماً إني أحذر العراقين أن مستقبل العراق مهدد بالصراعات الطائفية التي يجب إيقافها ورفضها من الشعب العراقي وكذلك الديمقراطية مهددة والعدالة والثقافة والفن والقوانين والتطور الحضاري كلها مهددة لابد من كلمة حق لكل من يخشى على مستقبل العراق بدء من علماء الدين دفاعاً عن الدين الحق والعلماء والمفكرين وأساتذة الجامعات والقضاة والمثقفين وشيوخ العشائر والوجهاء وعامة الناس وخاصتهم لابد من قول الحق بوجه الجور والظلم والتخلف 0 العراق مهدد بالتدخلات الأجنبية في شؤونه والعراق مهدد بالطائفية المتعصبة المنغلقة التي لا تصلح للبشر!0 فكيف نوقف هذا الخطر وهذا الفشل وهذا الفساد نحو عراق قوي متعافى موحد أرضاً وشعباً وثروات؛ العراق الحب والحضارة!