حرية ـ (15/9/2024)
المرأة في أفغانستان تعيش واقعاً مليئاً بالتحديات، ومستقبلها غير واضح في ظل الظروف السياسية المتغيرة. على الرغم من ذلك، جاهدت الكثير من النساء لتحسين أوضاعهن وهو ما يعكس قوة إرادة النساء الأفغانيات وقدرتهن على التكيف مع أصعب الظروف.
بعد سقوط نظام طالبان في 2001 وإثر التدخل الدولي بقيادة الولايات المتحدة، شهدت أوضاع المرأة الأفغانية تحسنًا نسبيًا، حيث سُمح للفتيات بالعودة إلى المدارس، وتمكنت النساء من الانخراط في سوق العمل والمشاركة في الحياة السياسية. تم إقرار العديد من القوانين التي تهدف إلى حماية حقوق المرأة، وتم تخصيص مقاعد للنساء في البرلمان.
ومن أبرز الأسماء النسائية في أفغانستان السياسية والناشطة في حقوق المرأة فوزية كوفي، التقيتها أثناء زيارتي إلى أفغانستان في أغسطس عام ٢٠٢٠.
قبل عام واحد من عودة طالبان إلى الحكم في أفغانستان، قررت إدارة العربية إرسال فريق إلى كابول لإجراء مقابلات مع المسؤولين والاطلاع على الأوضاع في البلاد.
كنت محظوظة باختياري مع زملاء، اعتادوا العمل الصحفي في مناطق محفوفة بالمخاطر، الزميل الهادي الحناشي مدير البرامج في العربية والزميلين المصورين سامر رواشدة وباسل علي للقيام بهذه المهمة.
في تلك الأوقات كانت جائحة كورونا في أوجها، لا أخفي عليكم مدى خوفي عندما اتصل بي الأستاذ ممدوح المهيني مدير شبكة العربية ليبلغني بهذه المهمة، إلا أن شغفي قادني للقيام بهذه التجربة الصحفية وبزيارة هذا البلد الذي لطالما تربعت أخباره على وسائل الإعلام في العالم، وصدرت كتب عن مأساة الشعب الأفغاني لعل أبرزها عداء الطائرة الورقية The Kite Runner للروائي الأميركي من أصل أفغاني خالد حسيني، كما تم إنتاج وتصوير العديد من الأفلام عن الحرب التي دارت على أرضه منذ الاتحاد السوفياتي إلى اتخاذ بن لادن أفغانستان مقرا له وصولا إلى دخول الولايات المتحدة لمحاربة القاعدة.
قابلنا الرئيس السابق حميد كرزاي وعبدالله عبدالله رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الأفغانية، أمر الله صالح نائب الرئيس والنائبة فوزية كوفي اللذين تعرضا لمحاولة اغتيال بعد إجرائنا المقابلة معهما بأيام.
بعد المقابلة أهدتني السيدة كوفي كتابها رسائل إلى ابنتيّ باللغة الفرنسية، أنهيت قراءته حاليا وأبهرتني قصة حياة هذه المناضلة من أجل حقوق المرأة حيث تحدثت بإسهاب عن النضال الذي تقوده لتحسين أوضاع النساء في المجتمع الأفغاني التقليدي، اللواتي يتعرضن لتمييز ممنهج وصعوبات في الوصول إلى التعليم والعمل.
بدأت كوفي مسيرتها السياسية في عام 2001 بعد سقوط طالبان وعززت حق الفتيات في التعليم في حملتها «العودة إلى المدرسة».
في الانتخابات البرلمانية في عام 2005، تم انتخابها لعضوية مجلس النواب كانت أول نائبة لرئيس البرلمان في تاريخ أفغانستان. أعيد انتخابها في الانتخابات البرلمانية لعام 2010 ثم انتخبت نائبة من إجمالي تسع وستين عضوة في الجمعية.
في كتابها رسائل إلى ابنتيّ أظهرت كوفي صلابة الأم التي على الرغم من التحديات السياسية والأمنية التي واجهتها إلا أنها ثابرت على اهتمامها بابنتيها.
فوزية كوفي سعت من خلال الرسائل إلى تقديم النصائح والتوجيهات لبناتها وبث روح القوة بداخلهن التي تحاول طالبان أن تنزعها من النساء الأفغانيات منذ عودتها إلى الحكم في ٢٠٢١.
الرسائل التي كتبتها كوفي لابنتيها ليست مجرد توجيهات ونصائح أم، بل هي أيضاً انعكاس لحياتها كقائدة وسياسية تواجه تحديات يومية من أجل تحقيق مستقبل أفضل لأفغانستان.
كتاب “رسائل إلى ابنتيّ” أظهر قوة المرأة وقدرتها على مواجهة أصعب الظروف وتحقيق التغيير الإيجابي.
إلا أن الرياح سارت بما لا تشتهي السفن حيث وأدت طالبان بعودتها إلى الحكم كل هذه الجهود التي قامت بها كوفي والعديد من النساء في أفغانستان.
هذا الكتاب هو وثيقة إنسانية وسياسية، قدمت فيه فوزية كوفي رسالة أمل وشجاعة لجميع النساء اللواتي يسعين إلى التغيير في وجه الصعوبات.