حرية ـ (19/9/2024)
أحمد الصراف
خرج الاتحاد الوطني للطلبة إلى الوجود في 1964، وكنت عضواً منتخباً ومؤسساً فيه. نجح الاتحاد، مع الوقت، في فرض نفسه على الساحة السياسية، بدعم هائل من جهتين، نوعية من النواب، وحزب الإخوان المسلمين، وأصبح لهم ممثل، وغالباً في سن العشرين، في مجلس الجامعة الأعلى، كما فرضوا سياسات معينة على الجامعة، وكان لهم دور في منع التعليم المختلط، وفرضوا مقررات دراسية معينة، ورفضوا تدريس غيرها، وغيّروا أساتذة، وساندوا غيرهم. كما كان دورهم محورياً في صرف 200 دينار مكافأة شهرية لكل طالب، وضغطوا تالياً على الجامعة، ورفعوا المبلغ إلى 350 ديناراً، وهذا يكلف المال العام سنوياً مئات ملايين الدنانير!
كما نجحوا في الحصول على درجات عالية للطلبة من أعضاء هيئة الاتحاد، بحجة انشغالهم بالسفر والتنظيم. وأصبحوا بالفعل مصدر إرهاب لأغلبية وزراء التعليم وإدارة الجامعة، والأساتذة، وهذا ما يعرفه المخضرمون منهم، الذين عانوا الكثير من تسلّط «بزور الاتحاد».
كما نجح الاتحاد في عقد مؤتمراته العامة برعايات رفيعة، وبحضور أعلى الشخصيات السياسية، ونجحوا في فتح فروع في مصر ولبنان وبريطانيا وأستراليا وكندا والأردن وأمريكا وغيرها.
كما كان الاتحاد مفرخة لمنتسبي جماعة الإخوان المسلمين، الذين أصبحوا أعضاء عاملين فيه تالياً، بسبب ما كان الحزب يضخه من أموال في حسابهم، ودعمهم معنوياً، كما ساعدوهم في فتح حسابات مصرفية، في مخالفة لكل القوانين، وهذا سهل للاتحاد الحصول على شيكات بالملايين، فلا جهة تدفع مساعدات نقدية. واستخدمت تلك الأموال في أنشطة غير معروفة، وتمويل حملاتهم الانتخابية، داخل الكويت وخارجها، ولم تعرف أية جهة يوماً، طوال 60 عاماً، حقيقة ما صرف، ولا أين وكيف، والسبب غياب الشفافية، الذي يعود سببه إلى أمر لم تنتبه إليه أية جهة رسمية، طوال 60 عاماً، أو اختارت عدم الالتفات إليه، ويتعلق بعدم مشروعية الاتحاد، الذي لا يمتلك أي اعتراف حكومي، وكان غير قانوني طوال الوقت، وهذا ما دفعه غالباً للدخول في أنشطة مريبة، ستكشفها التحقيقات، هذا بخلاف مصير ملايين الدنانير التي كان يتلقاها، والجهات التي كانت تدفعها، وغالباً لشراء ولاء هيئته التنفيذية!
هذه «الحقائق الغائبة»، وانحراف الاتحاد، وانغماسه في انتخابات فرعية قبلية غير مشروعة، أمام أعين الجميع، بالرغم من خطورتها على كيان الدولة، هي التي دفعت السلطات أخيراً للتحرّك، ووقف أنشطته، وإغلاق مقره!
بعد كل ذلك تأتي مجموعة من الشخصيات، وتطعن بسذاجة في ليبراليتنا وإيماننا بالديموقراطية، لأننا رفضنا السكوت عن مخالفة دستورية وأمنية وأخلاقية. كما تساءل غيرهم، بخبث، عما إذا كنت سأتخذ الموقف نفسه من الاتحاد، لو كان اتجاهه مختلفاً، وهذا اتهام لا يستحق الرد، فأرشيف القبس يتضمن عشرات آلاف المقالات، التي تدل على حقيقة مواقفي، واستقلاليتي، وعدم انتمائي لأي تيار.
لقد تم حل الاتحاد، غير الشرعي، وأغلقت أبوابه، وعلينا التفكير في إيجاد بديل له، بأقرب وقت، لإيماننا بأهمية النشاط الطلابي، شريطة التزامه بالشفافية، وخلوه من الاستقطابات الطائفية والقبلية.
ملاحظة أخيرة: لقد طالبت، في العديد من المقالات، على مدى أكثر من 25 عاماً، كان أولها في 13–9–1999 وآخرها في 9–9–2024، بضرورة حل الاتحاد، لعدم مشروعيته، لكن لا أحد، خاصة من انتقدوا موقفي الأخير، اعترض أو علق على ما كتبت، وعندما صدر قرار حله، تحركوا لتوجيه اللوم لي والنيل من سمعتي، غير مدركين أن الاتحاد يدار من «أعضاء»، يعملون موظفين وتجاراً، ممن تجاوزوا الثلاثين عمراً.. فواعيباه!
شكراً لكل من كتب وأسهم في إنهاء وضع الاتحاد «غير القانوني»، وهم: الأساتذة حمود عقله العنزي، وسامي النصف، وإقبال الأحمد، وسعود السمكة، ووزير التربية والتعليم العالي السابق بدر العيسى. وبالطبع، صحيفتا القبس والنهار، فلهم جميعاً خالص الشكر.