حرية ـ (22/9/2024)
أحمد عبد التواب
تكاثرت وتعاظمت سريعا جرائم الإنترنت، خلال السنوات القليلة من عمر شبكة الإنترنت التى صارت من أهم أدوات العصر الحديث، والتي، كما ابتدعت قدرات فائقة على إنجاز أشياء شديدة الأهمية عبر العالم، ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وعلمياً..إلخ، صارت أيضاً أداة فاعِلة فى تطوير جرائم قديمة، وفى استحداث جرائم لم تكن موجودة قط! من الجرائم الكثيرة، جريمة الابتزاز، والتى صار يطلق عليها (الابتزاز الإلكتروني)، ومن المجال الكبير لهذه الجريمة ابتزاز النساء، وتكون لهذه الجريمة آثار فى غاية السوء على ضحاياها، خاصة فى مثل مجتمعنا الموصوف بأنه (محافظ)! وصارت تنتشر أخبار عن ابتزاز النساء فى وسائل الإعلام والسوشيال ميديا!
من العناصر الأساسية للجريمة أن يتحصَّل مرتكبُها على صور خاصة لإحدى النساء، سواء برضاها إذا كانا على علاقة ما توفر قدرا من الثقة، أو أن يكون على صلة ما بها، أو غريبا عنها، ويتمكن من اختراق جهاز الكمبيوتر الخاص بها والحصول على صورها. ثم، إذا كانت تظن أنها تعرف تصرفاته يتكشف لها وجهه الآخر الصادِم، أو أن يفاجئ الغريب ضحيته، فتقع فى كل الأحوال تحت التهديد بنشر الصور على الملأ، إذا لم تستسلم لشيء ما، أو أن تدفع مالاً، أو أن تقدم شيئاً آخر! فتقع ضحية هذه الجريمة فى مجتمعنا بأزمة عاصِفة، قد تدفعها إلى الانتحار، كما حدث فى عدة حالات منشورة، أو ربما ترضخ وتقدم المطلوب منها، فتنزلق فى هوة بلا قرارا فى سلسلة من التنازلات لا نهاية لها! وأما أضعف الحلقات فى التوصل إلى معاقبة الجانى فعندما تتكتم الضحية نفسها على الابتزاز الذى تتعرض له، خشية من أهلها أو عليهم، فلا تقوم بإبلاغ الأجهزة المختصة بالمعلومات الضرورية لمساءلة الجاني!
وهكذا، ورغم وضع القوانين التى تحسم إنزال العقاب بالجانى وتوفر الضمانة لعدم الإفصاح عن شخصية الضحية، ورغم توافر الجمعيات المدنية التى تقدم لها العون القانونى والنفسي، ورغم عدم تقاعس المسئولين فى التحرى والإمساك بالمتهم وعرضه على المحكمة التى تصدر أحكامها الرادِعة! فإن المُبْتَزّ يمكنه أن يَقترِف جريمته وأن يُفلِت من العقاب!