حرية – 21/9/2024 – وكالات
في عرض الصحف اليوم نتناول تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله وآخرها مقتل القيادي إبراهيم عقيل بعد غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، وقبلها انفجارات البيجر التي أدت إلى مقتل العشرات.
ونبدأ من صحيفة واشنطن بوست التي نشرت مقالا مشتركا لعدد من الكتّاب تحت عنوان: “نوع جديد من الحرب يتكشف في لبنان”.
ويتساءل الكاتب نيال فيرجسون قائلا: “هل تخوض إسرائيل حرباً مع حزب الله؟ ويجيب على ذلك بالإيجاب، بمعنى أن إسرائيل تقتل عناصر من حزب الله بشكل متكرر، كذلك يحاول حزب الله بانتظام قتل الإسرائيليين بإطلاق الصواريخ عبر الحدود اللبنانية”.
ويرى أن الحرب الأوسع نطاقاً التي توقعها في الشرق الأوسط، والتي كانت لتتحول إلى “حرب لبنان الثالثة” لم تتحقق هذا الصيف، وربما تتحقق، ولكن من ناحية أخرى، هناك أسباب تدفع الجانبين إلى عدم التصعيد إلى حرب حقيقية، على الرغم من عدم القدرة على التنبؤ بنتائجها.
ويقول فيرجسون إن إسرائيل لو كانت عازمة على شن هجوم شامل ضد حزب الله، فإن التوقيت كان لابد أن يكون بعد انفجار أجهزة البيجر مباشرة وذلك عندما كانت اتصالات حزب الله في حالة من الفوضى.
“لقد أظهرت إسرائيل لأعدائها هذا الأسبوع أنها ما زالت أذكى منهم، وإذا كان بوسعها أن تفعل ذلك، فما الذي قد تخبئه لإيران وعملائها الإرهابيين؟ إن مجرد طرح مثل هذا السؤال يشكل انتصاراً ملحوظاً”، وفق الكاتب.
وفي ذات المقال، يشير الكاتب كوري شاكه، إلى أن إسرائيل تكافح من أجل استعادة هيبتها وقوتها في الردع بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول والذي يُعتبر بمثابة فشل استخباراتي وعسكري هائل لإسرائيل، وفق الكاتب.
ويضيف الكاتب أنه “منذ ذلك الحين، وبينما كانت إسرائيل تشن حملة تقليدية لتدمير قوات حماس والبنية التحتية للأنفاق في غزة، نفذت أيضاً بعض العمليات الخاصة، بما في ذلك اغتيال شخصية بارزة في طهران وضربات استهدفت كبار قادة حزب الله في لبنان”.
ويقول الكاتب إن “الضربة الأخيرة، التي أسفرت عن مقتل عناصر من حزب الله بتفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي، تحاول إسرائيل من خلالها إقناع أعدائها بأنها تمتلك القدرة على إحداث دمار هائل بأي شخص يلحق بها الأذى”.
ويخلص شاكه إلى أن “هذه العمليات الإسرائيلية الصاروخية تذكر الأعداء والأصدقاء على حد سواء بالإبداع والبراعة التكتيكية التي تتمتع بها القوات الإسرائيلية، كما أنها توفر دفعة معنوية للإسرائيليين الذين يشعرون وكأنهم يعيشون تحت الحصار”.
ونتحول الآن إلى صحيفة القدس العربي حيث كتب يحيى كامل مقالا تحت عنوان “الخطوط الحمراء: حدود المواجهة بين إسرائيل وحزب الله”.
ويستعرض الكاتب عمليات تفجير أجهزة الاتصال في لبنان، ويرى أنه ليس من المجدي محاولة التقليل من شأن الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي، الذي أسفر عنه التفجيران الأخيران اللذان تسببا في مقتل العشرات.
كما تطرق إلى الطلعات الجوية التي صرحت إسرائيل بأنها دمرت ما يقرب من مئة فوهة إطلاق صواريخ تابعةٍ لحزب الله في الجنوب اللبناني، وتسلسل الأحداث الذي من شأنه أن “يحملنا على تصديق أن ضررا ما قد حل ببعض من هذه المنصات، بغض النظر عن حجمه”.
وأشار كامل إلى عوامل وراء هذه العملية منها “طبيعة هذا العملية، حيث لا بد من التذكير بأنها ليست سابقة من حيث نوعيتها، فقد سبقتها عمليات مماثلة كتفخيخ هاتف المهندس يحيى عياش، واغتيال العلماء الإيرانيين وصولا إلى اغتيال إسماعيل هنية؛ الجديد هنا هو التوسع في استعمال تلك التقنية، بحيث تتخطى الاغتيال أو الضربة شبه الجراحية، لتأخذ صبغة عملية عسكرية واسعة، لا تفرق بين عسكري ومدني، تتساوى في ذلك مع أي قصف صاروخي عشوائي للمدنيين، وبذا تُشكل إرهاب دولة بامتياز”.
ويرى أن “أي قراءة جيدة لطبيعة إسرائيل كان من المفترض أن تقودنا إلى شبه اليقين بحتمية التصعيد مع حزب الله، كما مع إيران، فإسرائيل لا تستطيع الاستمرار من دون التفوق على كل محيطها مجتمعا، ولا الاستمرار وقد تجرأ أعداؤها عليها لهذه الدرجة وازدادت قناعتهم بأنهم يشكلون خطراً وجودياً عليها، لا بد لإسرائيل، وفق منطقها الخاص النابع من وضعها الخاص، أن تستمر وتتوسع حتى تحدث أكبر ضرر وتدمير ممكن، بحيث تتمكن من دحر أي تصور كهذا وإعادة ترميم جدرانها في وجه أعدائها”.
ويشدد الكاتب على ضرورة “وضع الأمور في سياقها التاريخي وفي حجمها الحقيقي: لم يكن لدى إسرائيل مهرب من التصعيد، وستستمر في ضرب المقاومة في لبنان، سيرد حزب الله في الوقت المناسب، بعد أن يصلح الضرر في خطوطه، وعلى الأغلب سيكون الرد موجعا، نحن مقبلون على الأغلب على مزيد من التدمير والألم”.
ويختتم قائلا: “لم تنته إسرائيل بعد ولم تضمحل كقوة عسكرية استخباراتية، كما أن المقاومة لم تُهزم رغم الضربة المؤلمة”.
ونختتم جولتنا بمقالة نشرتها تايمز أوف إسرائيل تحت عنوان: “تحول نتنياهو الحاد في ملف لبنان ليس إلا ذريعة لإنقاذ الائتلاف”، والتي كتبها أمير بار-شالوم.
يقول الكاتب إن الدوافع السياسية وحدها يمكن أن تفسر التحول الحاد في موقف نتنياهو بشأن قضية لبنان، وقد بدأ يتحدث بشكل مختلف هذا الأسبوع، ففي شهر مايو أيار، قال في اجتماع لمجلس الوزراء بخصوص السكان الذين تم إجلاؤهم في الشمال “ماذا سيحدث إذا عادوا بعد أشهر قليلة من الأول من سبتمبر؟”، وفي المقابل، قال نتنياهو للمبعوث الأمريكي الخاص إلى لبنان هوكستين إنه “لا يمكن إعادة السكان إلى الشمال دون حدوث تغيير جوهري في الوضع الأمني”.
ويستذكر الكاتب المناقشات المحمومة في المجلس الأمني الإسرائيلي بشأن العملية البرية للجيش الإسرائيلي في غزة، والتي طالب نتنياهو بالمزيد من التفاصيل حول العملية: فكرة العملية، اتجاهات التسلل، وضع الجبهة الداخلية، نطاق إطلاق الصواريخ من حماس وأكثر من ذلك.
ويضيف الكاتب عندما انتقل المشاركون للحديث عن عدد القتلى والمصابين في الجانب الإسرائيلي، قال نتنياهو- الذي كان لا يزال في حالة صدمة من 7 أكتوبر- “سيكون هناك آلاف القتلى”، فأجابه وزير الدفاع “لهذا السبب الجيش الموجود، لن يكون هناك آلاف القتلى”.
“لم يجر هذا النقاش مؤخرا في ما يتعلق بلبنان، بل جرى قبل 11 شهرا”، يضيف الكاتب الذي يقول إن التغير في تعامل نتنياهو مع الملف اللبناني ما هو إلا ذريعة لإنقاذ ائتلافه.
ويرى الكاتب أمير بار-شالوم أنه في هذه الحالة يبدو أن نتنياهو، بكل حكمته السياسية، لا يقيّم بشكل صحيح الغضب بين جنود الاحتياط الذين سيتعين عليهم أن يتحملوا عبء جبهتي قتال عند اندلاع الحرب في لبنان، ومعظم الغضب، بالمناسبة، هو بين القوميين الدينيين الذين يخدمون في الجيش، فقد تصاعد الخلاف بينهم وبين اليهود الحريديم منذ بداية الحرب.
ويلفت الكاتب إلى أنه وفي الوقت الحالي، الإحباط محصور في مجموعات الواتساب وفي المحادثات الشخصية، ولكن إذا جرى إقرار قانون تجنيد يعطي الأولوية للبقاء السياسي، فسوف ينفجر هذا الغضب، وتنتظر منظمات جنود الاحتياط ما سيأتي به اليوم السياسي، لكنها بدأت تنظم صفوفها لساحة معركة أخرى، ليس في غزة، وليس في لبنان، بل في إسرائيل.