حرية ـ (22/9/2024)
تبادلت إسرائيل و”حزب الله” إطلاق النار الكثيف، الأحد، إذ نفذت طائرات حربية إسرائيلية، أعنف قصف منذ ما يقرب من عام من الحرب عبر جنوب لبنان، في حين أعلنت الجماعة اللبنانية، مسؤوليتها عن هجمات صاروخية على أهداف عسكرية في شمال إسرائيل.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب نحو 290 هدفاً، السبت، بما في ذلك منصات إطلاق الصواريخ التابعة لـ”حزب الله”، وتوعد بـ”ضربات مستمرة أكثر حدة”.
وساهم هذا التصعيد العسكري المباشر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، والذي جاء بعد “هجمات البيجر” الإلكترونية التي طالت أعضاء “حزب الله” في كافة أنحاء لبنان، في تزايد مخاوف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إزاء خطر اندلاع حرب شاملة، لكنها تأمل في استخدام الضغط العسكري الإسرائيلي المتزايد على “حزب الله” للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يسمح بإعادة المدنيين إلى ديارهم على جانبي الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، حسبما ذكر مسؤولون أميركيون لموقع “أكسيوس”.
تأتي تلك التطوّرات وسط تصعيد متبادل بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله”، بعد الرد الأولي للجماعة اللبنانية على انفجارات أجهزة اتصالات أسقطت عشرات الضحايا وآلاف الجرحى قبل أيام، وغارة جوية إسرائيلية على بيروت استهدفت قادة في “حزب الله”، الجمعة، أودت بحياة 45 شخصاً على الأقل.
وقالت الجماعة اللبنانية، إن القياديين إبراهيم عقيل وأحمد وهبي من بين 16 من أعضائها سقطوا ضحايا في الضربة التي تعد الأعنف خلال ما يقرب من عام من الصراع مع إسرائيل.
وأشار موقع “أكسيوس” الأميركي، السبت، إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تبحثان عن سبل لفصل “حزب الله” عن حركة “حماس” الفلسطينية، فعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية، التي بذلتها إدارة بايدن على مدى الشهور الماضية، فإن “حزب الله” لم يوافق على أي اتفاق لوقف القتال الحالي مع إسرائيل قبل إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة.
وتزايدت المخاوف بشأن تصعيد يصل إلى “حرب شاملة”، بعدما زعم الجيش الإسرائيلي أن “حزب الله” يستعد لـ”ردٍ وشيك” على سلسلة الهجمات الإسرائيلية الأخيرة في لبنان.
إسرائيل تعلن الطوارئ
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري، إن وزير الدفاع يوآف جالانت، وقَع على أمر يحدد جميع المناطق من حيفا إلى الحدود مع لبنان “في حالة الطوارئ” تحسباً لهجمات محتملة من قبل “حزب الله”.
من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، إن هناك “خطراً حقيقياً وشديداً” من اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان، وإن الولايات المتحدة تعمل على منع حدوث ذلك.
كما أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، السبت، إلغاء رحلته إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب التطورات المرتبطة بالغارات الإسرائيلية على لبنان.
ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن الهجمات المتزايدة الأخيرة ضد “حزب الله”، لا تهدف إلى بدء الحرب، ولكنها محاولة للوصول إلى “خفض التصعيد من خلال التصعيد”.
وأشار المسؤولون، إلى أن إسرائيل تعتقد أن ممارسة المزيد من الضغوط على “حزب الله”، ربما تدفعه إلى الموافقة على اتفاق دبلوماسي، لإعادة السكان إلى شمال إسرائيل وجنوب لبنان بغض النظر عن نتائج المفاوضات المتعثرة للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة.
“مقامرة” إسرائيلية
وقال مسؤولون أميركيون لـ”أكسيوس”، إنهم يتفهمون المنطق الإسرائيلي ويتفقون معه، لكنهم يؤكدون أن ما يجري يمثل “مقامرة صعبة للغاية” يمكن أن تخرج عن السيطرة بسهولة، وتؤدي إلى حرب شاملة.
وأشار الموقع، إلى أن سوليفان ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ومستشاري بايدن بريت ماكجورك، وآموس هوكستين، أجروا عدة مكالمات مع نظرائهم الإسرائيليين، يومي الجمعة والسبت.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين للموقع: “كانت إحدى الرسائل الرئيسية هي أننا نريد إبقاء الطريق مفتوحاً للتوصل إلى حل دبلوماسي، وبالتالي فإننا لا نريد أن يتخذ الإسرائيليون خطوات ربما تؤدي إلى إغلاق مثل هذا الطريق”.
ويمثل الهجوم على الضاحية الجنوبية لبيروت، الجمعة، تصعيداً حاداً في الصراع بين إسرائيل و”حزب الله”، وضربة أخرى للجماعة بعد هجمات على مدى يومين الأسبوع الماضي بتفجير أجهزة الاستدعاء “بيجر” وأجهزة لاسلكية أخرى “ووكي توكي” يستخدمها أعضاؤها.
واعتبر مسؤولون في إدارة بايدن، أن قتل قائد “قوة الرضوان” إبراهيم عقيل من قبل إسرائيل كان “عادلاً” على خلفية دوره في تفجير السفارة الأميركية وثكنات مشاة البحرية في بيروت قبل 40 عاماً، لكن الولايات المتحدة تشعر، في الوقت نفسه، بالقلق من أن الاغتيال والهجمات الأخيرة تضع الصراع بين إسرائيل و”حزب الله” على “منحدر زلق” يمكن أن يؤدي إلى الحرب.
وقال مسؤولون أميركيون، إن واشنطن أوضحت لإسرائيل أن مثل هذه الحرب لن تساعدها في تحقيق هدفها المتمثل في إعادة عشرات الآلاف من الإسرائيليين النازحين إلى ديارهم على الحدود مع لبنان.
تراجع نفوذ إدارة بايدن
وأقر مسؤولو إدارة بايدن، بأن لديهم تأثيراً محدوداً على القرارات العسكرية الإسرائيلية، وهو ما يجعلهم يركزون على التوصل إلى تفاهم مع القادة الإسرائيليين بشأن “مدى حجم التصعيد”.
وقال مسؤولون إسرائيليون وأميركيون، إن إدارة بايدن طلبت من تل أبيب، الامتناع عن اتخاذ إجراءات مثل الغزو البري، أو الضربات الجوية واسعة النطاق في المناطق المدنية، التي قد تؤدي إلى تصعيد الصراع إلى حرب ووقف الجهود الدبلوماسية.
وقال ماكجورك، الجمعة: “لدينا خلافات مع الإسرائيليين بشأن التكتيكات وكيفية قياس مخاطر التصعيد.. الوضع مقلق للغاية”.
وتبادلت إسرائيل و”حزب الله” إطلاق النار الكثيف، الأحد، إذ نفذت طائرات حربية إسرائيلية أعنف قصف منذ ما يقرب من عام من الحرب عبر جنوب لبنان، في حين أعلنت الجماعة اللبنانية مسؤوليتها عن هجمات صاروخية على أهداف عسكرية في شمال إسرائيل.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب نحو 290 هدفاً، السبت، بما في ذلك آلاف فوهات إطلاق الصواريخ التابعة لحزب الله. وأضاف أنه سيواصل ضرب أهداف للجماعة المتحالفة مع إيران.
ودوت صفارات الإنذار طوال الليل بعد إطلاق العديد من الصواريخ والقذائف من لبنان والعراق، وقال الجيش الإسرائيلي، إن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت معظمها.
في المقابل، قالت جماعة “حزب الله”، عبر قناتها على تليجرام، إنها استهدفت، الأحد “قاعدة ومطار (رامات ديفيد) بعشرات من الصواريخ من نوع (فادي 1) و(فادي 2)، وذلك رداً على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت مختلف المناطق اللبنانية”.
وأضافت أنها هاجمت مجمعاً إسرائيلياً للصناعات العسكرية في شمال مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع “فادي 1″ و”فادي 2” وكاتيوشا في رد أولي على تفجيرات أجهزة “البيجر”، واللاسلكي.
وتعد الهجمات الصاروخية على “رامات ديفيد”، أعمق ضربات يعلن “حزب الله” المسؤولية عنها منذ بدء الأعمال القتالية.
وسرعان ما رد الجيش الإسرائيلي قائلاً إنه قصف أهدافاً لجماعة “حزب الله” في لبنان.
كما أعلنت فصائل مسلحة عراقية متحالفة مع إيران في بيان، مسؤوليتها عن هجوم بطائرات مسيرة على إسرائيل في ساعة مبكرة من صباح الأحد.
“مرحلة جديدة” من الحرب
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت على منصة “إكس”: “سيستمر تسلسل الإجراءات في المرحلة الجديدة حتى نحقق هدفنا، وهو العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم”.
وكان جالانت قال الأسبوع الماضي إن إسرائيل تشن “مرحلة جديدة” من الحرب على الحدود الشمالية.
وترك عشرات الآلاف منازلهم على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية، منذ أن بدأت جماعة “حزب الله” إطلاق الصواريخ على إسرائيل في أكتوبر تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.
وأكد بيان صادر عن قمة استضافها الرئيس الأميركي بايدن مع زعماء اليابان والهند وأستراليا على ضرورة منع حرب غزة من “التصاعد والانتشار في المنطقة”، لكن البيان لم يشر على وجه التحديد إلى الصراع بين إسرائيل و”حزب الله”.
وتجاوز عدد الضحايا في لبنان 740 شخصاً منذ أكتوبر 2023، بعد مصرع 70 على الأقل الأسبوع الماضي. والاشتباكات الدائرة حالياً بين إسرائيل و”حزب الله” هي الأسوأ منذ أن خاض الطرفان حرباً في عام 2006.