حرية ـ (23/9/2024)
تبحث شركتان عملاقتان في مجال صناعة الرقائق بناء مجمعات صناعية ضخمة في الإمارات، يمكن أن تحوّل الصناعة خلال السنوات المقبلة، وتصبح ركيزة أساسية للاستثمارات في الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.
ونقلت الصحيفة الأميركية، الأحد، عن مصادر مطلعة لم تسمها، قولها إن كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات” (TSMC)، أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم، زاروا الإمارات مؤخراً وتحدثوا عن مجمع مصانع يضاهي بعض أكبر مرافق الشركة وأكثرها تقدماً في تايوان.
كما تدرس شركة سامسونج للإلكترونيات (Samsung Electronics) أيضاً عمليات تصنيع رقائق كبرى جديدة في البلاد خلال السنوات المقبلة، وفقاً لأشخاص آخرين على دراية باستراتيجيتها، أضافوا أن “كبار قادة الشركة الكورية الجنوبية زاروا الإمارات مؤخراً وناقشوا الاحتمال.
ولا تزال المناقشات في مراحلها المبكرة، وتواجه عقبات فنية وعقبات أخرى، ما يعني أنها “ربما لا تنجح”.
وبموجب بنود أولية تجري مناقشتها، ستموّل الإمارات تلك المشروعات، على أن تضطلع بدور محوري شركة “مبادلة للاستثمار” التي تعد أحد صناديق أبوظبي السيادية، التي تتطلع إلى تطوير صناعة تكنولوجيا محلية.
وأضاف بعض الأشخاص، أن الهدف الأشمل سيكون زيادة إنتاج الرقائق العالمية، والمساعدة في خفض أسعارها دون الإضرار بربحية صانعي الرقائق.
في المقابل، قال متحدث باسم شركة “مبادلة” إن شركة “إم جي إكس” (MGX) الاستثمارية في أبوظبي والتي تقود بعض أبرز استثمارات الذكاء الاصطناعي في أبوظبي، جعلت تصنيع أشباه الموصلات ركيزة لاستراتيجيتها، وكانت “في حوار منتظم مع شركاء في أنحاء العالم”، على الرغم من عدم وجود خطط محددة حالياً لبناء منشأة في الإمارات.
تكاليف ضخمة
واعتبرت الصحيفة، أن المناقشات مع “تي إس إم سي” وسامسونج تعكس طموحات الإمارات المتنامية في مجال التكنولوجيا، والضغط العالمي لتمويل إنتاج الرقائق الموسع، وذلك إلى حد كبير لتلبية احتياجات طفرة الذكاء الاصطناعي.
وأشارت إلى تضخم التكاليف في السنوات الأخيرة، إلى الحد الذي ربما يحتاج بناء مصنع رقائق متطور واحد 20 مليار دولار. والمشاريع بهذا المستوى التي تجري مناقشتها في الإمارات، تشمل مجمعات صناعية يمكن أن تحتوي على العديد من المصانع وتكلّف أكثر من 100 مليار دولار بشكل إجمالي.
وتمتلك أبوظبي واحدة من أكبر مجموعات الثروة السيادية في العالم، وقالت “مبادلة” إن محفظة استثماراتها قدرت قيمتها بنحو 300 مليار دولار في العام الماضي.
مع ذلك، يقول مسؤولون حكوميون ومديرون تنفيذيون في الصناعة، إن العقبات الفنية والسياسية الكبيرة لا تزال قائمة. وأحد المخاوف هو أن تصنيع الرقائق يتطلب كميات كبيرة من المياه فائقة النظافة لاستخدامات مثل شطف رقائق السيليكون التي تُنقش الدوائر المجهرية عليها. والكثير من مياه الإمارات تنتج من خلال تحلية المياه، وستتطلب عمليات تنقية كبيرة.
ولفتت الصحيفة أيضاً إلى مخاوف تتعلق بمدى توفر المواهب الهندسية لتوفير الموظفين في المصانع الجديدة الكبرى بعيداً عن المقرات الرئيسية للشركات، في بلد لا يوجد به الكثير من سلاسل توريد تصنيع الرقائق القائمة.
ورجحت أنه في حال مضت الشركتان قدماً، ربما تفتح المشروعات الباب أمام موجة أخرى من التوسع الصناعي بعد عصر من النمو في التصنيع مدفوعاً بإعانات حكومية في الولايات المتحدة وأوروبا وشرق آسيا.
وتضخ الولايات المتحدة منح بقيمة 39 مليار دولار في صناعة الرقائق المحلية بموجب قانون الرقائق لعام 2022، إلى جانب حوافز ضريبية من المتوقع أن تكون قيمتها أكبر من ذلك بكثير. وجمع القادة الأوروبيون حزم الحوافز الخاصة بهم، واستقطبوا شركات تشمل “إنتل” و”تي إس إم سي”.
مخاوف أميركية
في غضون ذلك، تشعر واشنطن بقلق متزايد من وصول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتطورة التي تنتجها إلى الصين عبر الإمارات ودول الشرق الأوسط الأخرى؛ لا سيما مع توسع المنطقة في إبرام اتفاقات في مجال التكنولوجيا.
وبينما تفكر الشركتان في مشروعات جديدة في الإمارات، أجرت “تي إس إم سي” وسامسونج مناقشات مع مسؤولين حكوميين أميركيين قلقين بشأن شحنات رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين.
وتحدث الطرفان إلى مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن منح الولايات المتحدة الإشراف على إنتاج وشحن الرقائق الواردة من أي مصانع في الإمارات، على الرغم من أن التفاصيل لم يتم تحديدها بعد.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي: “عملنا بشكل مكثف مع الإمارات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة على مدى العامين الماضيين، والشراكة تتحرك في الاتجاه الصحيح”.
ولا يتوقع صانعو الرقائق تسوية قريبة للمسائل التي تتعلق بمخاوف الولايات المتحدة بشأن الصين، ومن غير المرجح أن يبدأ بناء المصانع حتى يحدث ذلك، وفقاً لأشخاص شاركوا في المناقشات.
وأحرزت الإمارات تقدماً مؤخراً في جهودها لتصبح لاعباً في مجال التقنيات المتقدمة. وتحدث الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام ألتمان مع مستثمرين في الإمارات، من بين دول أخرى، بشأن التوسع بشكل كبير في إنتاج الرقائق والطاقة وغيرها من الإسهامات الأساسية لتطوير الذكاء الاصطناعي، وهي الجهود التي ربما تستلزم في نهاية المطاف استثمار ما يصل إلى 5 إلى 7 تريليون دولار، حسبما ذكرت “وول ستريت جورنال” في فبراير الماضي.
وأقامت مؤسسات إماراتية علاقات تعاون مع شركات كبيرة أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك حصة في شركة Anthropic الناشئة بقيمة 500 مليون دولار تقريباً، ومحادثات أخيرة بشأن المشاركة في أحدث جولة تمويل لشركة OpenAI. وحصلت شركة الذكاء الاصطناعي الرائدة في البلاد G42، على استثمارات بقيمة 1.5 مليار دولار من مايكروسوفت هذا العام.
كما دخلت MGX في شراكة مع شركات تشمل BlackRock ومايكروسوفت في صندوق أعلن عنه هذا الشهر لاستثمار ما يصل إلى 100 مليار دولار في توسيع وبناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.