حرية ـ (1/10/2024)
رجل ياباني عجوز أمضى ما يقرب من خمسين عاماً منتظراً حكم الإعدام في جريمة ثبُتَ أنه لم يرتكبها
بعد دقائق قليلة من صدور الحكم في هذه القضية الاستثنائية، صوّرت وسائل الإعلام اليابانية هذا الرجل العجوز ويدعى إيواو هاكامادا وهو يغادر موقع سكنه.
وقد بدا هاكامادا منهكاً جسدياً وعقلياً بسبب ما يقرب من خمسة عقود أمضاها في ما يُعرف بـ”رواق الموت”، ولم يحضر جلسة الاستماع في شيزوكا القريبة من المكان الذي يعيش فيه.
سار هاكامادا، الذي كان يرتدي سترة بلا أكمام فوق قميص بلون فاتح وقبعة، بضع خطوات بمساعدة امرأة قبل ركوب السيارة. وبحسب وسائل إعلام محلية، حرص أقاربه على عدم مشاهدته التلفزيون وقت صدور الحكم.
عقوبة الإعدام في اليابان بين المؤيدين والمعارضين
ترتدي هذه القضية، التي بدأت عام 1966، رمزية كبيرة لمؤيدي إلغاء عقوبة الإعدام في اليابان، وهم أقل عددا في الأرخبيل مقارنة بالمؤيدين وفقا لاستطلاعات الرأي.
كان إيواو هاكامادا، وهو ملاكم سابق أصبح موظفا في شركة متخصصة في تصنيع الميسو (فول الصويا المخمر)، قد اتُهم بقتل رئيسه وثلاثة أفراد من عائلة الأخير في عام 1966، وحُكم عليه بالإعدام بعد عامين.
لكن يوم صدور الحكم ببراءته يوم الخميس في 26 أيلول/ سبتمبر، وفي ختام محاكمة المراجعة هذه، شكك القاضي جديا في صحة التحقيق.
اعتبر القاضي أن ” المحكمة قررت أن ثلاثة عناصر من الأدلة لٌفقت للإشارة إلى أن المتهم هو مرتكب الجريمة. وباستبعاد هذه العناصر، فإن العناصر الأخرى ضده ليست كافية لإثبات إدانته”.
القاضي اعتبر أن هاكامادا تعرّض “لاستجوابات غير إنسانية”
كما وصف الاستجوابات بأنها “غير إنسانية” وتهدف إلى إلحاق “الألم الجسدي والعقلي” و”انتزاع أقوال تحت الإكراه”، وهي حجة لطالما أيدها محاموه. واعترف هاكامادا في البداية بالوقائع قبل أن يتراجع عن ذلك بحجة تعرضه للإكراه خلال الاستجواب.
مع ذلك، تم تأييد حكم الإعدام الصادر بحقه في عام 1980. وفي عام 2014، أقرت المحكمة بوجود شكوك حول ذنبه بعد أن أظهرت الاختبارات أن الحمض النووي الموجود على الملابس الملطخة بالدماء لا يتطابق مع حمضه النووي.
بعد هذه الوقائع، أُطلق سراح هاكامادا. ولكن بعد استئناف من الادعاء، شككت المحكمة العليا في طوكيو في عام 2018 في موثوقية الاختبارات وألغت قرار عام 2014، من دون إعادة هاكامادا إلى السجن.
في عام 2020، حدث تطور جديد تمثل في إلغاء المحكمة العليا القرار الذي منع إعادة محاكمة هاكامادا. ولذلك فإن حكم هذه المحاكمة هو الذي كان ينتظره هاكامادا وأقاربه وفي مقدمهم أخته هيديكو البالغة 91 عاما، وأنصاره.
خشية من الاستئناف
وقالت أخت إيواو هاكامادا يوم الخميس خلال مؤتمر صحافي مع محاميها “عندما أعلنت المحكمة أن المتهم غير مذنب، بدا الأمر إلهياً بالنسبة لي. كنت متأثرة وسعيدة جدا لسماع ذلك لدرجة أنني لم أستطع التوقف عن البكاء. لكنها كانت دموع الفرح”.
كذلك أسعد هذا الحكم النادر بالبراءة أنصار هاكامادا الذين تجمعوا أمام المحكمة منذ بداية اليوم بالقمصان ولافتات الدعم.
قالت أكيكو آبي، وهي امرأة يابانية تبلغ 64 عاما، إن “الحكم كان كما توقعناه. خطوتنا التالية هي مطالبة المدعين بعدم الاستئناف”، خوفا من استخدام هذا الحق من قبل الادعاء الذي أمامه حتى العاشر من تشرين الأول/أكتوبر للطعن بالحكم.
وقال فوميو أوجورا، وهو رجل ياباني يبلغ 74 عاما، كان حاضرا أمام المحكمة “لم يُعامَل هاكامادا بكرامة منذ نصف قرن. ومع هذا الحكم، آمل أن يقضي بقية حياته بكرامة”.
في اليابان، غالبا ما يتم تحذير المحكوم عليهم بالإعدام في اللحظة الأخيرة من إعدامهم شنقا، وهي الطريقة الوحيدة المقبولة في الأرخبيل، الذي يضم ما يزيد قليلا عن 100 محكوم عليهم بالإعدام في سجونه.