حرية ـ (22/10/2024)
تشير حركة الأسعار في بعض الأصول الأكثر حساسية للمخاطر في العالم إلى القلق من أن قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ببدء خفض أسعار الفائدة ربما كان سابقا لأوانه – أو قد لا يكون مستداماً.
ومنذ أن أطلق بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تيسير السياسة النقدية التي طال انتظارها في 18 سبتمبر/أيلول بخفض 50 نقطة أساس، وهو ضعف متوسط التوقعات، تم تداول أصول الأسواق الناشئة كما لو أن تكاليف الاقتراض في أكبر اقتصاد في العالم ستظل مرتفعة، مما ترك أصول العالم النامي في حالة من الغموض، متجهة إلى فترة أخرى من الأداء الضعيف، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ”، واطلعت عليه “العربية Business”.
وفي غضون شهر واحد فقط، طغت المخاطر الجديدة التي تجعل المستثمرين العالميين يتجنبون أصول الأسواق الناشئة، مما طغى على المكاسب التي عادة ما تسفر عن دورات تخفيف السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي.
وبينما اتخذت التهديدات أشكالاً مختلفة ــ عائدات أعلى على سندات الخزانة، ودولار أقوى، وتقلبات أكبر في خيارات العملة ــ تتلخص المخاطر في موضعين رئيسيين: العودة المحتملة لدونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وتدابير تحفيزية غير كافية في الصين.
ويعني ذلك أن المتداولين في الأسواق الناشئة يتخذون مرة أخرى موقفاً دفاعياً في مواجهة تضخم الاقتصاد الأميركي وآخر انكماشي في الصين.
وقال مدير الاستثمار في شركة “Gam UK”، بول ماكنمارا: “ما زلنا في عالم يواجه تهديدين محتملين للأسواق الناشئة ــ ضعف الصين وترامب”، موضحاً أن قوة الاقتصاد الأميركي دون تضخم أمر جيد للأسواق الناشئة، ولكن التضخم المستمر لن يؤجل المزيد من التخفيضات فحسب، بل سيثقل كاهل جميع الأصول الخطرة على المدى المتوسط”.
ورغم الدعم الأولي الذي تلقته الأسواق الناشئة من تحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي، قاطعه بيانات أميركية قوية أحيت المخاوف من تجدد التضخم، ثم تعليقات لاحقة من جانب المرشح الرئاسي، دونالد ترامب، أدت إلى تفاقم هذه المخاوف، إذ وضع المرشح الجمهوري التعريفات الجمركية والحمائية في صميم أجندته. وإذا تم تنفيذ ذلك، فمن المرجح أن يؤدي إلى رفع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة وتقويض الطلب على الصادرات من العالم النامي، وفقا للعديد من خبراء الاقتصاد.
من جانبه، قال رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في شركة ” FIM Partners”، تشارلي روبرتسون: “نحن على بعد أسابيع فقط من الانتخابات الأميركية التي قد تؤدي إلى هجوم اقتصادي من جانب ترامب على أكبر الأسواق الناشئة الصين”. فالأمر متعلق بمن سيفوز في الانتخابات، ما يجعل من الصعب “إنها قريبة من رمي العملة فيما يتعلق بمن سيفوز في الانتخابات الأميركية، كما تجعل من الصعب اختيار التداول في السوق المفضل لك”.
خيبة أمل مرة أخرى
تزيد صناديق التحوط من مراكزها المضاربة على مكاسب الدولار مقابل الاقتصادات النامية المعرضة لرسوم جمركية أعلى.
كما تتجه أسهم الأسواق الناشئة، التي تعافت لفترة وجيزة من أدنى مستوى لها على الإطلاق مقارنة بالأسهم الأميركية بعد قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى هذا المستوى مجدداً وسط حالة عدم اليقين.
علاوة على ذلك، تعدد عملات الأسواق الناشئة والسندات المقومة بالعملة المحلية بصدد تسجيل أسوأ شهر لها منذ فبراير/شباط 2023.
وشهد مستثمرو السندات ركود في عائداتهم في الشهر الذي تلا قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي. إذ انقلبت توقعاتهم بأن يحذو العالم النامي حذو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي رأساً على عقب بسبب حذر البنوك المركزية، حيث قرر صناع السياسات من إندونيسيا إلى المجر وتركيا إيقاف تخفيضات أسعار الفائدة مؤقتاً.
الصين
بالنسبة لأسهم الأسواق الناشئة، كانت الاضطرابات الناجمة عن المشهد الاقتصادي والسياسي في الولايات المتحدة أحد المشاكل التي تواجهها. ففي الصين، أشعلت تدابير التحفيز المتعاقبة في البداية موجة صعود حادة في الأسهم، ثم فشلت في نهاية المطاف في إقناع المستثمرين بأنها كافية لتحويل الاقتصاد.
ويتخلف مؤشر الأسهم في الأسواق الناشئة، حيث تحتفظ الصين بأكبر وزن به، مرة أخرى عن مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، مما يخالف التوقعات بأنها لن تسجل عاما سابعا على التوالي من الأداء الضعيف عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة.
وفي الوقت الحالي، ينصب التركيز على تجاوز الانتخابات الأميركية. ومع إظهار استطلاعات الرأي أن ترامب يتعادل مع منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، ينبغي الانتظار للحصول على رؤية أوضح بشأن الأسواق الناشئة.
ويرى ماكنمارا أن هناك سيناريو واحدا يمكن فيه جني ثمار التداولات المرتبطة بخفض “الفيدرالي” أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة وهو “فوز هاريس”.