حرية ـ (22/10/2024)
قليل من الناس يُعير اهتماماً للباركود أو الشِفرة الموجودة على مشترياتهم، لكن هذا لا ينفي أنه منذ ابتكاره قبل 75 عاماً، ساهم في إنقاذ الأرواح، بل وغاص في الفضاء وأثار مخاوف تتعلق بظهور المسيح الدجال.
أشعة الليزر هي كل ما يحتاجه موظفو المتاجر، كما قال بول ماكنرو، الذي صمّم الباركود مع زملائه من شركة “آي بي إم”. ما عليهم سوى استخدام أجهزة المسح الضوئي عند نقاط إتمام عمليات الشراء “الكاشير” بمسدسات صغيرة. عليهم التصويب وإطلاق الأشعة ومن ثم البيع!
في عام 1969، كانت رؤية المستقبل غريبة: أشعة ليزر تقوم بمسح خطوط صغيرة غريبة بالأبيض والأسود على المنتجات.
وقال ماكنرو والحماس يبدو عليه إن هذا من شأنه أن يزيد من سرعة سير طوابير الانتظار في المتاجر الكبرى. وأصبح هذا الحل معروفاً باسم “الباركود”.
في هذه المرحلة من التاريخ، لم يُستخدم الباركود تجارياً بالمرة، على الرغم من أن الفكرة كانت تختمر لعقود من الزمان بعد براءة اختراع قُدِّمت في 20 أكتوبر/تشرين أول من عام 1949، من أحد المهندسين الذي أصبح الآن جزءاً من فريق ماكنرو.
كان مهندسو “آي بي إم” يحاولون إخراج فكرة الباركود إلى النور. وكان لدى شركة “آي بي إم” رؤية مستقبلية تأمل في أن يمر المتسوقون بسرعة عبر نقاط البيع باستخدام أجهزة مسح بالليزر لكل سلعة يريدون شراءها.
ومع ذلك، فإن فريق المحاماة في “آي بي إم” كانت لديه مشكلة مع المستقبل؛ حيث قالوا “لا سبيل لذلك”، وفقاً لماكنرو، المهندس المتقاعد الآن.
قرود لتجارب الليزر
كان خوفهم يتمحور حول “الانتحار بالليزر”؛ فماذا لو جرح الناس أعينهم عمداً باستخدام الماسحات الضوئية، ثم رفعوا دعوى قضائية ضد شركة “آي بي إم”؟! ماذا لو أصيب موظفو المتاجر بالعمى؟!
حاول ماكنرو أن يوضح أن الأمر لا يعدو عن مجرد شعاع ليزر بقوة نصف ميلي واط، وأن مصباح كهربائي بقوة 60 واط لديه 12 ألف ضعف تلك الطاقة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
لذا، لجأ ماكنرو إلى قرود الريسوس المستوردة من أفريقيا، التي لا يتذكر عددها الآن، قائلاً “أعتقد أنها كانت ستة. لا أستطيع أن أجزم بذلك”. وبعد أن أثبتت التجارب في مختبر قريب أن التعرض لأشعة بسيطة من الليزر لم تضر أعين الحيوانات، تراجع المحامون عن موقفهم وسلّموا بالأمر.
وهكذا أضحى مسح الباركود أمراً شائعاً في المتاجر الكبرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وفي العالم أجمع بنهاية المطاف.
وفي تطور غير متوقع، أبلغ المختبر الذي استخدمه ماكنرو أنه سيرسل إليه القردة التي استخدمها في التجارب! لقد باتت مشكلته الآن. قال ذلك وهو يتذكر ضاحكاً: “لقد كان الأمر جنونياً. لقد أسّست حديقة حيوانات في ولاية نورث كارولينا”.
يستحق كل عضو في فريق ماكنرو في “آي بي إم” الثناء على ابتكار رمز المنتج العالمي (UPC)، حيث أصبحت نسختهم من الباركود معروفة رسمياً. الشكر موصولٌ بالطبع للقردة أيضاً.
جو وودلاند كان من بين الفريق، وهو المهندس صاحب الفضل في ابتكار مفهوم الباركود قبل عقود من الزمان، عندما رسم بأصابعه رؤيته للباركود خطوطاً على رمال الشاطئ. كان هو ومهندس آخر من تقدموا بطلب الحصول على براءة اختراع للفكرة الأساسية للرموز الشريطية “الباركود” في أكتوبر/تشرين الأول عام 1949.
ومن الأهمية بمكان أن جورج لورير وأعضاء آخرين من فريق “آي بي إم” أخذوا هذا الاقتراح الموجود مسبقاً للرموز على غرار الرموز الشريطية، وطوروها إلى مستطيل أنيق من الخطوط السوداء الرأسية المطابقة لأرقام يمكنها تحديد أي سلعة تتخيلها؛ من علب الحساء إلى معلبات حبوب الإفطار.
دوائر وخطوط
تبنت المتاجر رسمياً الرموز الشريطية عام 1973. وجرى مسح أول منتج يحمل “الباركود” في متجر مارش في أوهايو عام 1974. ومن ذاك الحين، غزى “الباركود” العالم.
وسرعان ما تبع ذلك ظهور أنواع أخرى من الباركود التي مهّدت لابتكارها “يو بي سي” UPC، ومنها ما يسمى “الباركود ثنائي الأبعاد” كأكواد الاستجابة السريعة “الكيو آر كود”، التي يمكنها تشفير المزيد من المعلومات.
ومع ذلك، فإن تاريخ هذه العلامات الصغيرة بالأبيض والأسود أكثر غرابة وصعوبة مما قد تتخيله. بل ويمكننا أن نقول إن الأمر بدأ مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
يشرح ماكنرو قائلاً: “كنت أجري عمليات مسح لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. لخرائط كبيرة رائعة”. كانت هذه واحدة من أولى وظائفه في شركة “آي بي إم”، التي تضمنت أجهزة مسح الصور.
وكما يوضح في كتابه عن اختراع باركود “يو بي سي”، فقد ساعده هذا في الاستعداد للعمل على تكنولوجيا جديدة تماماً، لكنها ليست بالغريبة عن المجال، ويمكنها أن تُحدِث ثورة في قطاع تجارة التجزئة.
كان ماكنرو يعلم أن طوابير الخروج في المتاجر سوف تتحرك بسرعة أكبر إذا كان باستطاعة الموظفين مسح السلع على جهاز كمبيوتر، بدلاً من الاضطرار إلى قراءة الأسعار المختومة على كل عنصر ثم معالجة البيع يدوياً.
وفي سبيل نيل القبول لاستخدام مثل هذا النظام لمسح الرموز، لابد أن يعمل في كل مرة، وأن يقرأ الرمز بشكل صحيح، حتى إذا جرى سحب المنتج عبر الماسح الضوئي بسرعات تصل إلى 100 بوصة في الثانية (2.5 متر/ثانية).
وشرع فريق “آي بي إم” في العمل، مستفيداً من التصميم الذي حصل وودلاند وزميله على براءة اختراعه، لكن مع اختلاف مهم. فقد اعتمد النهج الأصلي على قراءة سُمك الخطوط السوداء. وكان أحد المفاهيم التي اقترحوها في براءة الاختراع رمز شريطي مستدير على شكل عين الثور، يتكون من دوائر متحدة المركز، طورته مجموعة منافسة. ولكن ثبت أن طباعته كانت صعبة، بل ومن الصعب وضعه بدقة على غلاف المنتجات.
وتوصل فريق “آي بي إم” إلى أنه من الأسهل طباعة خطوط عمودية، وأن تستند عملية المسح الضوئي لا إلى قياس سُمك تلك الخطوط، بل إلى المسافة بين الحافة الأمامية لخط واحد والحافة الأمامية للخط المجاور له. أو بعبارة أخرى، المسافة بين الخطوط، التي كانت أكثر انعكاساً وأسهل في التقاطها بواسطة الماسح الضوئي.
وبهذه الطريقة، لم يعد من المهم إن كانت طابعة الملصقات بها الكثير من الحبر أو إن كانت ترسم خطوطاً أسمك من المفترض، فستظل عملية المسح الضوئي تعمل في كل مرة تقريباً.
وعلى الرغم من بيع أول منتج يحمل علامة الباركود في أحد المتاجر الكبرى في الولايات المتحدة في عام 1974، إلا أن الأمر استغرق خمس سنوات أخرى قبل أن تصل الباركودات إلى المتاجر الكبرى البريطانية. ومع وصولها، كان أول مُنتج جرى مسحه هناك هو صندوق من أكياس الشاي.
ويؤكد ماكنرو أن إطلاق تقنية الباركود UPC لم يكن أمراً جرى دون اختلاف حوله.
ويتذكر قائلاً: “لم يفتح متجرنا الأول أبوابه”، فقد كان هناك أناس في الخارج يحتجون على أن الأسعار لن تكون مختومة على كل منتج، بل فقط على الأرفف حيث توضع المنتجات في المتجر.
في نهاية المطاف، بدأت بعض النقابات العمالية في ذلك الوقت تشعر بأن تقنية المسح الضوئي تهدد بعض وظائف المتاجر.
وكانت هناك أيضاً مخاوف من إمكان استخدام الباركود لإخفاء الأسعار.
يتذكر ماكنرو نفسه كيف كان المتسوقون في الماضي يبحثون أحياناً عن سلع قديمة في المتاجر، فلربما لا تزال تحمل ختماً قديماً بسعر أقل. وإذا انتشر استخدام الباركود، فإن فرص البحث عن مثل هذه الأمور ستختفي.
سرعان ما تلاشت هذه المخاوف، لكن الباركود ظل يزعج بعض الناس، وبالنسبة لقلة متعصبة، فهي تمثل لهم الشر بعينه.
المسيح الدجال
نشر جوردان فريث، أستاذ الإعلام في جامعة كليمسون في ساوث كارولينا، في عام 2023، كتاباً عن تاريخ الباركود. وعثر خلال بحثه، على مقالة تعود إلى عام 1975 في مطبوعة تسمى “غوسبيل كول” وتعني “نداء الإنجيل”، تشير إلى أن الباركود يمكن أن يكون “رمز الوحش”، في إشارة إلى نبوءة من سفر الرؤيا في الكتاب المقدس حول نهاية العالم.
ويشير المقطع المذكور في العهد الجديد إلى وحش، يُفسَّر أحياناً على أنه المسيح الدجال، يجبر كل شخص على وضع وسم على يده اليمنى أو جبهته. وفي النبوءة، يُسمح فقط للذين يقبلون مثل هذا الوسم بالشراء أو البيع.
وذكرت المقالة المنشورة عام 1975 أنه في النهاية، سيجرى “وشم الباركود بالليزر” على جبهة الجميع أو ظهر أيديهم، استعداداً للعرض عند نقاط الخروج من المتاجر.
وعلى الرغم من غرابة الفكرة، إلا أنها لاقت رواجاً لدى البعض بما يثير الدهشة.
وقد ساهم كتاب صدر عام 1982 بعنوان “نظام النقود الجديد” للكاتبة الإنجيلية ماري ستيوارت ريلف، في ترويج الرابط الافتراضي بين رموز الباركود الموحدة للمنتجات و”رمز الوحش”، بعد أن زعمت أن الرقم 666 “مخفي” داخل الخطوط الموجودة في كل طرف وفي منتصف كل رمز باركود.
في الواقع، تعمل هذه الخطوط، كنقطة مرجعية لمساعدة الماسح الضوئي بالليزر في تحديد بداية ونهاية كل تسلسل من رموز الباركود الموحدة للمنتجات.
وأصر لورير في فريق “آي بي إم”، الذي يُعد أحد المشاركين في اختراع رمز الباركود الموحد للمنتجات، في وقت لاحق على أنه لا يوجد ما هو شرير في هذا، وأن التشابه مع النمط المستخدم في ترميز الرقم ستة كان محض مصادفة.
ومع ذلك، يظل لهذه النظرية الغريبة شعبية بين بعض رواد الإنترنت في زوايا معينة.
ويتخذ البعض خطوات متطرفة لتجنب رموز الباركود، ومنهم أعضاء مجموعة مسيحية روسية أرثوذكسية تُعرف باسم “المؤمنين القدامى”.
قالت أغافيا لايكوف، إحدى المؤمنات القدامى، التي تعيش في منطقة نائية للغاية في سيبيريا، في حديثها لصحفيين زائرين من موقع “فايس” عام 2013، إن الرموز الشريطية ما هي إلا “ختم المسيح الدجال”. وأضافت أنه إذا قدم لها أي إنسان شيئاً عليه الباركود، كعلبة بذور مثلاً، فإنها تُخرِج المحتويات وتُحرق العُلبة.
بالإضافة إلى ذلك، في عام 2014، نشرت شركة ألبان روسية بياناً على موقعها على الإنترنت يشرح سبب طباعة صليب أحمر فوق الرموز الشريطية على علب الحليب التي تبيعها؛ لأنه “من المعروف”، بحسب البيان، أن الرموز الشريطية هي “رمز الوحش”. وقد حُذِف البيان فيما بعد من موقع الشركة على الإنترنت.
ويعلق ماكنرو على إدراكه وجود بعض هذه المعتقدات الغريبة حول الباركود في دبلوماسية قائلاً “إنه أمرٌ لا أميل إلى التفكير فيه”.
ويوضح الأستاذ الجامعي جوردان فريث أنه “من الغرابة بمكان أن نتخيل أن مجموعة من المديرين في المتاجر يقودون العالم نحو يوم القيامة!”.
ومع ذلك، يمكن القول إن هناك أمراً غريباً في الباركود. فبالنسبة للبعض، أصبح رمزاً للرأسمالية في أحدث أشكالها. كما تظهر غالباً في تسلسل مرعب في الأفلام.
استخدامات غريبة
ففي فيلم “ذا ترمينيتور”، نشاهد سجناء الروبوتات القاتلة توضع على أذرعهم رموز باركود لتحديد هويتهم. “يجري حرقها بواسطة مسح بالليزر”، كما يشرح بطل الرواية المسافر عبر الزمن كايل ريس لسارة كونور المرعوبة، في أحداث الفيلم. ورمز الباركود في هذا السياق، يحمل فكرة الأرقام الموشومة على أذرع سجناء معسكرات الاعتقال النازية أثناء الحرب العالمية الثانية.
في بعض الأحيان يستخدم الناس الباركود بشكل خبيث، لاسيما عندما يتعلق الأمر برموز الاستجابة السريعة التي تعرف بـ”الكيو آر كود”، التي بدلاً من استخدام خطوط عمودية، تتكون من مجموعات من المربعات الصغيرة بالأسود والأبيض في نمط يمكن قراءته بواسطة كاميرات الهواتف الذكية الرقمية.
فعلى سبيل المثال، يقوم القراصنة الإلكترونيين باستخدام رمز الاستجابة السريعة “الكيو آر كود” لتوجيه هاتفك إلى أحد المواقع الضارة المشبوهة.
وقد وجه المركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة، المواطنين بضرورة توخي الحذر فيما يتعلق برموز الاستجابة السريعة. كما جرى تحذير السائقين في العديد من المدن الإنجليزية من عمليات احتيال، حيث قام المحتالون بإلصاق رموز “كيو آر كود” مزيفة على ماكينات مواقف السيارات، في محاولة لسرقة الأموال من السائقين غير المنتبهين، لدرجة أن أحد الرموز المستخدمة في مواقف السيارات في ليستر ببريطانيا كانت ذات صلة بروسيا.
وفي سبتمبر/أيلول، اتهمت جماعة حزب الله في لبنان إسرائيل بإسقاط منشورات تحتوي على رمز كودي خطير، يشار إليه في بعض التقارير باسم “كيو آر كود”، يمكنه أن “يسحب جميع المعلومات” من أي جهاز يستخدم لمسحه. ولم تتمكن بي بي سي من التحقق من صحة هذه الادعاءات.
عشرة مليارات عملية حول العالم
وعلى الرغم من بعض الاستخدامات الشريرة لرموز الباركود، والادعاءات الغريبة بأنها تمثل “رمز الوحش”، إلا أن هذه العلامات تدعم الآن آلاف العمليات الصناعية والتجارية في جميع أنحاء العالم.
وتشير تقديرات “جي إس وان”، المنظمة التي تشرف على معايير “الباركود” و”الكيو آر كود”، إلى أن هناك ما يقرب من 10 مليارات عملية يومية للمسح الضوئي لرموز الباركود على مستوى العالم.
ولربما لاحظت على سبيل المثال، رموز “الباركود” و”الكيو آر كود” على تغليف سلع تتلقاها عبر البريد. ويقول فريث إنه يمكن مسح حزمة واحدة عدة مرات خلال رحلة السلعة من المستودع إليك.
وبما أن رموز “الباركود” تسمح لتجار التجزئة بتتبع مخزون المنتجات الضخمة، فهذا يعني أن هذه الشركات يمكنها تشغيل متاجر عملاقة بعدد قليل نسبياً من الموظفين.
ويعلق فريث قائلاً: “لا يمكن أن تستغني هذه المتاجر العملاقة أو أي شيء من هذا القبيل عن الباركود. لقد غيرت الشكل المادي لتجارة التجزئة”.
وتتفق إيرين تيمين، مديرة الحسابات في شركة الملصقات “إلكترونيك إيميجينغ ماتيريالز”، مع طرح فريث؛ حيث تنتج شركتها، مثل بعض الشركات الأخرى في الصناعة، ملصقات الباركود التي ستعمل في أي بيئة عملياً.
وتشمل هذه المنتجات على سبيل المثال، ملصقات مقاومة للبرودة لا تسقط من المعدات المملوءة بالنيتروجين السائل، وملصقات مقاومة للمواد الكيميائية تحتفظ برموزها الكودية حتى لو تناثرت عليها مواد ضارة في المختبر. كما تنتج الشركة ملصقات إضافية عاكسة للرموز الكودية. وتقول تيمين إن “هذا يزيد من مسافة المسح”.
وهذه العملية تسهل على العمال المتعجلين مسح الرمز على مسافة تصل إلى 14 متراً، وتجعله قابلاً للاكتشاف حتى لو كان الرمز الكودي على عنصر موضوع في مكان مرتفع على الرف مثلاً.
ويشير هذا التنوع إلى مجموعة واسعة من السياقات التي يُستخدم فيها “الباركود”؛ فقد ساعدت في تتبع سلوك وحركة النحل والطيور المغردة، ووضع علامات على البيض والأجنة في عيادات الخصوبة لتجنب الالتباس، كما جرى وضعها على شواهد القبور لتوجيه الزوار إلى النصب التذكارية عبر الإنترنت للمتوفى.
الرعاية الصحية
وتستخدم القوات المسلحة الأميركية الباركودات للمساعدة في تتبع حضور وتدريب الموظفين. كما قامت إحدى الجامعات في المملكة العربية السعودية بتجربة استخدام الباركودات لتسجيل حضور الطلبة للمحاضرات.
وقد وصلت الباركودات إلى الفضاء؛ حيث يستخدم رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية ماسحات الباركودات لتحديد المعدات والأجزاء الميكانيكية، على الرغم من استبدالها حالياً إلى حد كبير بعلامات التردد اللاسلكي. كما تُستخدم الباركودات لتسجيل تناول الطعام والشراب من قبل رواد الفضاء، وكذلك لتحديد عينات الدم واللعاب والبول.
وبالعودة إلى الأرض، ربما ساهمت الباركودات في إنقاذ أرواح بشرية؛ حيث تستخدم المستشفيات أنظمة الباركودات لتتبع عينات الدم والأدوية والأجهزة الطبية مثل استبدال مفصل الحوض. ولدى الخدمة الصحية الوطنية في المملكة المتحدة برنامج “سكان فور سيفتي”، لتعزيز استخدام الباركودات لتتبع مثل هذه الأمور. وتحديد الهوية بمساعدة الماكينة قد يساعد الموظفين على سبيل المثال، على ضمان قيام الأطباء بإعطاء الدواء الصحيح للمريض الصحيح.
وفقاً لتقرير صادر عن “سكان فور سيفتي”، فقد أدى إدخال هذه التكنولوجيا إلى توفير 140 ألف ساعة من وقت الموظفين لرعاية المرضى، كان من الممكن إهدارها في أداء مهام إدارية وفحص المخزون. كما يكشف التقرير أن مسح الباركود وفر أيضاً على الخدمة الصحية ملايين الجنيهات.
وتقول فالنتينا ليشتنر، المحاضرة البارزة في الصحة الرقمية واتخاذ القرار في كلية إدارة الأعمال بجامعة ليدز: “تحدثت إلى الأطباء وأعضاء الفريق في المستشفيات، المسؤولين عن إدارة المخزون، وجميعهم أبلغوني بمدى الاستفادة من الباركود.” وتدرس ليشتنر حالياً تأثير أنظمة تتبع الباركود في بيئات الرعاية الصحية.
وحتى الألعاب
في عالم يوجد فيه الباركود في كل مكان تقريباً، من الممكن تصميم ألعاب وتجارب مثيرة للاهتمام باستخدام الباركود أو الرموز الشريطية. وأحد أشهر الأمثلة على ذلك “سكانرز” وهي لعبة فيديو محمولة في أوائل العقد الأول من القرن 21، بها ماسح ضوئي للباركود مدمج في الجهاز.
كان على اللاعبين مسح باركود عشوائي في المتاجر، على سبيل المثال، حتى يعثروا على رمز يؤدي إلى “اصطياد” وحش فضائي في اللعبة، بما يشبه ألعاب بوكيمون الشهيرة.
واعتمدت ألعاب أخرى، منها “باركود باتلير” اليابانية أيضاً على دفع اللاعبين إلى مسح الرموز الشريطية كجزء من “المتعة”.
كل هذا لم يكن ممكناً دون الخطوط الشريطية التي رسمها وودلاند على الرمال، وعمل ماكنرو وفريقه في “آي بي إم” حالياً.
وهناك توجه حالي تحت شعار “صن رايز 2027” لدفع تجار التجزئة إلى تبني رموز “كيو آر”، بدلاً من التصميمات القديمة القائمة على الخطوط العمودية.
وسيسمح هذا للتجار بتشفير المزيد من المعلومات، مثل تواريخ الاستخدام على عبوات الطعام، أو التعليمات الخاصة بكيفية استخدام منتج تنظيف معين.
ومع ذلك، يعتقد فريث أن الباركود الشريطي التقليدي سيستمر وجوده لفترة مستقبلية طويلة. فهي تقنية أو خدعة بسيطة، كما يقول، أثرت على عدد لا يحصى من الصناعات.
ومع ذلك، ورغم وجودها في كل مكان، فإن أغلب الناس لا يتفكرون ملياً في عملية استخدام الباركودات، التي يقول عنها فريث: “إن أكبر دليل على نجاحها هو أننا لا نفكر فيها مطلقاً”.