حرية ـ (17/11/2024)
حذرت الأمم المتحدة من أنه يتعين على قادة أكبر اقتصادات العالم، ممن يجتمعون في ريو دي جانيرو غداً الإثنين، الاتفاق على توفير التمويل اللازم لدعم الدول الأكثر فقراً في مواجهة أزمة المناخ، وإلا فإنهم سيواجهون “كارثة اقتصادية”.
وتستعد دول مجموعة الـ20 للاجتماع في البرازيل لمدة يومين من المحادثات، بينما لا يزال عديد من وزرائها في أذربيجان، إذ تعثرت المفاوضات الحاسمة في قمة “كوب 29” لأزمة المناخ. ولم تقدم حكومات الدول الغنية بعد عروضاً مالية تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وهي المبالغ التي يقول الاقتصاديون إنها ضرورية لمساعدة الدول الفقيرة على خفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة والتكيف مع تأثيرات الظواهر الجوية المتطرفة.
ودعا رئيس شؤون المناخ في الأمم المتحدة، سيمون ستيل، قادة مجموعة الـ20 إلى كسر الجمود القائم، وقال “أنشئت مجموعة الـ20 للتعامل مع المشكلات التي لا يمكن لأي دولة أو مجموعة دول مواجهتها بمفردها، وعلى هذا الأساس، يجب أن تكون أزمة المناخ العالمية على رأس جدول الأعمال في ريو.”
وحذر ستيل قائلاً “تأثيرات المناخ تمزق بالفعل اقتصاد كل دولة من دول مجموعة الـ20، وتدمر حياة الناس، وتعطل سلاسل الإمداد وأسعار الغذاء، وتؤجج التضخم… اتخاذ إجراءات أكثر جرأة في شأن المناخ هو مسألة بقاء أساسية لكل اقتصاد من اقتصادات المجموعة، لذا من دون خفض سريع للانبعاثات، لن ينجو أي اقتصاد من اقتصادات مجموعة الـ20 من الكارثة الاقتصادية التي يسببها المناخ.” وأشار إلى أنه ينبغي على مجموعة الـ20 أيضاً مناقشة تخفيف أعباء الديون، إذ يواجه عديد من الدول الفقيرة صعوبة في اتخاذ تدابير لحماية نفسها من تداعيات أزمة المناخ، بينما تكافح بالفعل مع كلفة خدمة الديون التي ارتفعت بسبب زيادة أسعار الفائدة. وأضاف قائلاً “في أوقات مضطربة وعالم متفكك، يجب على قادة مجموعة الـ20 أن يرسلوا إشارة واضحة وبصوت عال بأن التعاون الدولي ما زال هو الفرصة الأفضل والوحيدة أمام الإنسانية للنجاة من الاحترار العالمي. لا يوجد طريق آخر.”
وحضر عدد قليل من رؤساء حكومات دول مجموعة الـ20 محادثات قمة “كوب 29” عندما بدأت الأسبوع الماضي، ووصل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى باكو، عاصمة أذربيجان، لكن عديداً من الدول أرسلت وزراء أو مسؤولين رفيعي المستوى بدلاً منهم.
الدول الفقيرة في حاجة إلى تريليون دولار سنوياً
وتأمل الدول الفقيرة في التوصل إلى تسوية مالية عالمية من قمة “كوب 29” تصل إلى تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030، وهو رقم مقبول على نطاق واسع استناداً إلى أبحاث من قبل الاقتصاديين البارزين نيكولاس سترن وفيرا سونغوي وأمار باتاتشاريا، ووجدوا أن الدول النامية، باستثناء الصين، تحتاج إلى نحو 2.4 تريليون دولار سنوياً لتلبية متطلبات اتفاق باريس للمناخ، لكن معظم هذا المبلغ يمكن توفيره من الموازنات المحلية.
ووفقاً للبحث، يجب أن يأتي نحو نصف التريليون دولار من التمويل الخارجي من القطاع الخاص، ونحو ربع المبلغ من البنوك التنموية المتعددة الأطراف مثل البنك الدولي، ويجب أن يأتي الباقي من مزيج من التبرعات والمساعدات الخارجية من الاقتصادات الكبرى والضرائب المحتملة على الأنشطة ذات الانبعاثات الكربونية العالية مثل السفر الجوي المتكرر وعائدات مبيعات أرصدة الكربون.
وتعرضت القمة التي تعني مؤتمر الأطراف، والتي أنشئت بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ لعام 1992 أيضاً لانتقادات.
وكتبت مجموعة من الشخصيات العالمية البارزة في مجال المناخ إلى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، داعين إلى وضع ضوابط لضمان عقد قمم كوب المستقبلية فقط في البلدان التي تمتلك بالفعل التزامات قوية في شأن العمل المناخي.
أُسس اقتصاد أذربيجان على النفط والغاز منذ منتصف القرن الـ19، عندما أصبحت باكو واحدة من أولى مدن النفط في العالم، ويشكل الوقود الأحفوري 90 في المئة من صادرات البلاد، وقال رئيس البلاد إلهام علييف في جلسات افتتاح قمة “كوب 29” الأسبوع الماضي إن هذه الموارد يجب أن تعد “هدية من الله”.
“هذه المحادثات في أزمة”
وهذا العام يوجد ما لا يقل عن 1773 من لوبيات الوقود الأحفوري بين أكثر من 60 ألف مندوب، وهو عدد يفوق مجموع وفود أكثر 10 دول عرضة للأخطار. وستعقد قمة “كوب 30” العام المقبل في البرازيل، التي تستضيف أيضاً قمة مجموعة الـ20 هذا العام. ومن المرجح أن يدفع رئيس البلاد، لولا دا سيلفا، قادة مجموعة الـ20 في ريو إلى الاتفاق ليس فقط على تمويل المناخ للدول الفقيرة، لكن أيضاً على أهداف انبعاثات أكثر صرامة لاقتصاداتهم، إذ يجب تحقيقها بحلول فبراير (شباط) 2025، وفقاً لقواعد الأمم المتحدة، وستكون النتيجة الرئيسة لقمة “كوب 30” في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
من جانبها قدمت بريطانيا هدفها الجديد، وهو خفض بنسبة 81 في المئة في انبعاثات الكربون بحلول عام 2035، مقارنة بمستويات عام 1990، وحظي كير ستارمر بتصفيق واسع في قمة “كوب 29” عندما أعلن عن هذا الهدف، إضافة إلى إعادة الالتزام بتوفير 11.6 مليار جنيه استرليني (14.6 مليار دولار) في تمويل المناخ الخارجي بين 2021 و2026.
تحدد هذا الهدف من قبل رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، لكنه فشل في ضمان تحقيقه، وهدد خلفه ريشي سوناك بإلغائه، مما ترك حزب العمال ليعوض النقص في العامين المقبلين.
وستنتهي محادثات قمة “كوب 29” رسمياً في السادسة من مساء الجمعة، لكن من المتوقع أن تستمر حتى عطلة نهاية الأسبوع المقبل. وعلى رغم أن التقدم في الأسبوع الماضي كان بطيئاً، فإن الوفود كانت تدعم الرئاسة الأذرية بصورة عامة، وأشار عديد من الذين تحدثوا إلى صحيفة “الأوبزرفر” إلى قمم “كوب” السابقة التي واجهت مشكلات مشابهة في النصف الأول.
وقال أحدهم “هذا أمر متوقع في هذه المرحلة. لا أقول إن هذه المحادثات في أزمة، لكننا في حاجة إلى تسريع وتيرتها الأسبوع المقبل”.