حرية ـ (19/11/2024)
تراجعت شعبية تطبيقات المواعدة الغرامية لدى المستخدمين والمستثمرين لسلبيات ترتبط، خصوصاً بتسببها بالإدمان وحرقها للوقت والخيبات العاطفية التي تولدها، غير أن هذا المنحى التراجعي أدى في المقابل إلى طفرة في البرامج الإلكترونية الرامية إلى مساعدة المستخدمين في تكوين صداقات.
فقد أطلقت منصة “بامبل” (Bumble) أخيراً تطبيق “بامبل فور فريندز” (Bumble For Friends) في 10 دول، وهو مخصص حصرياً للراغبين في البحث عن الأصدقاء.
وقالت رئيسة المجموعة الأميركية ليديان جونز خلال قمة الويب في لشبونة هذا الأسبوع إن التطبيق الجديد يحقق “نجاحاً كبيراً لأنه يتيح التسجيل من أجل تكوين صداقات حقيقية”.
وبلغ عدد مستخدمي “بامبل فور فريندز” 730 ألف مستخدم نشط شهرياً في الربع الثالث من العام الحالي، وهو رقم ارتفع بنسبة 540 في المئة مقارنة بعام 2023، مقابل انخفاض بنسبة ثماني في المئة في عدد مستخدمي “بامبل” خلال الفترة نفسها، بحسب أرقام شركة “سنسر تاور” المتخصصة.
واستحوذت “بامبل” أيضاً في مايو (أيار) الماضي على تطبيق “جنيفا” (Geneva) الذي يركز على إنشاء مجموعات لدى أفرادها اهتمامات مشتركة، وأوضحت ليديان جونز أن “هذه مجرد بداية لاستراتيجيتنا لتوسيع نطاق مجموعتنا ومساعدة الأشخاص في تكوين روابط بالمعنى الأوسع”.
وكشفت منافستها “ماتش غروب” المالكة خصوصاً لتطبيقَي المواعدة “تيندر” و”ميتيك” في الولايات المتحدة عن تطبيق “يوزو” (Yuzu) في فبراير (شباط) الماضي، وهو يستهدف المجتمع الآسيوي ويتيح للمستخدمين تحديد نوع العلاقة التي يسعون إلى إقامتها، سواء غرامية أو صداقة.
ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في فرنسا، تختبر المجموعة أيضاً خدمة مخصصة للصداقة على تطبيق للمواعدة موجه إلى المستخدمين الأكبر سناً ويحمل اسم “ديزون دومان” (DisonsDemain)، مع عزمها جعله دائماً.
ويرجع استثمار هذه المجموعات الضخمة في مجال تطبيقات الصداقة إلى تنامي النفور لدى الجمهور من التطبيقات المرتبطة بمجال عملها الأساسي، العلاقات العاطفية.
وقالت المسؤولة في شركة “سنسر تاور” سيما شاه لوكالة الصحافة الفرنسية إن تطبيق “تيندر” خصوصاً يستهدف جمهور الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و22 سنة، أي “الجيل زد”، “وهي فئة عمرية تفضل مقابلة الأشخاص شخصياً وليس عبر الإنترنت”.
ويواجه “تيندر” انخفاضاً مستمراً في عدد مستخدميه النشطين شهرياً منذ عام 2021، أي منذ جائحة “كوفيد” التي كانت خلالها تطبيقات المواعدة عبر الإنترنت في أوج نموها، وتُترجم خيبة الأمل هذه أيضاً في النتائج المالية للشركات.
فشهدت مجموعة “ماتش غروب” تراجعاً في قيمتها بأكثر من 40 مليار دولار خلال ثلاثة أعوام، وتدهورت كذلك قيمة “بامبل” بوتيرة سريعة، إذ انخفضت من أكثر من 20 مليار دولار عام 2021، عند إدراجها في بورصة نيويورك، إلى 1.3 مليار دولار.
وأعلنت المجموعة خسارة صافية بلغت 849 مليون دولار في الربع الثالث، وكشفت عن تسريح ثلث قوتها العاملة في فبراير الماضي.
وقال آرثر تشوبينسكي (32 سنة) خلال عشاء نظمه التطبيق الفرنسي “تايمليفت”، “لقد وصلنا إلى نهاية الدورة، يريد الناس الآن مزيداً من الأصالة والتواصل المباشر”.
واختارت شركات ناشئة عدة خوض هذا المجال، بينها “ويرود” و”تريب بي أف أف” اللتان تتيحان للأشخاص الذين يسافرون بمفردهم التعرف إلى آخرين خلال رحلاتهم، أو “وينك” و”بلورا” (سابقاً “بلوم”) للراغبين في تكوين صداقات بناء على الاهتمامات المشتركة، أو “تايمليفت” التي جرى إطلاقها قبل عام ونصف عام وتتيح لستة أشخاص غرباء الالتقاء كل أربعاء لتناول العشاء في المطعم.
ويخضع المستخدمون “لاختبار شخصية يتضمن 40 سؤالاً ويعمل على إثراء خوارزميتنا التي تُنشئ المجموعات”، على ما يوضح المؤسس المشارك لـ”تايمليفت” ماكسيم باربييه.
وتسجل أرنو موندفيليه (30 سنة) الذي كان يقيم في مونبيلييه بشرق فرنسا في “تايمليفت” بعد انتقاله إلى العيش في باريس، إذ كان يشعر في تلك المرحلة بـ”انسلاخ تام”.
ويصف هذا المفتش المالي حاله عند انتقاله إلى باريس، قائلاً “تصل ولا تعرف أحداً، ليس ذلك أمراً سهلاً”.
وللمشاركة في العشاء، يجب على مشتركي التطبيق دفع 12.99 يورو (13.7 دولار)، أو دفع اشتراك شهري يناهز سعره 20 يورو (21 دولاراً) ليتمكنوا من المشاركة في كل الأحداث.
وتثير هذه الصيغة حماسة كثر، ويقول تشوبينسكي، وهو مترجم يبلغ 32 سنة كان يحضر عشاءه الـ12 خلال بضعة أشهر عبر تطبيق “تايمليفت”، إن “هناك موائد رائعة”، وينظم التطبيق وجبات العشاء ضمن 280 مدينة في 62 بلداً، ويقترب من تحقيق الربحية، وفق ماكسيم باربييه.
لكن الطفرة في هذه التطبيقات يمكن تفسيرها قبل كل شيء بعامل الحداثة وفق سيما شاه التي أبدت شكوكاً في شأن قابلية نموذجها الاقتصادي على الاستمرار.
وتقول هذه الخبيرة “أشك بأن الناس سيوافقون على الاستمرار في الدفع مع مرور الوقت”، مضيفة أنه “قد يكون من الأسهل تكوين صداقات في الجوار، أثناء القيام بنشاط ما أو في العمل، من دون إنفاق المال”.