حرية ـ (21/11/2024)
وليد فارس
لطالما أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وقد أصر على هكذا مبدأ منذ سنوات، أنه يريد إنهاء “الحروب الطويلة”. وقد جيش قاعدة واسعة تحت شعار كهذا باتت جزءاً من قاعدته الانتخابية العملاقة التي أعطته النصر المبين في الخامس من نوفمبر (تشرين الأول)، عندما فاز بشكل ساحق على منافسته كامالا هاريس، وسيطر الحزب الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ، كما أن المحكمة العليا محافظة هي الأخرى. إذاً مطلب “إنهاء الحروب” له شعبية كبيرة في قاعدة الإدارة المقبلة والكونغرس الجديد، ولا بد أن تترجمه الإدارة الجديدة في مشاريع وخطوات وقرارات متلاحقة. ولكن السؤال هو: كيف؟
ليس هنالك من ملفات محددة يعرفها جميع المعنيين، لكن بعضهم يعرف بعضها. بعض الحروب سيركز ترمب على إنهائها، وبعضها الآخر سيتفاوض حوله. بعضها يعتبره الرئيس الانتقالي “حروباً بلا معنى”، وآخر يعده “حروباً خطرة” تهدد العالم وربما تقود إلى حرب نووية ثالثة أو حتى لهلاك البشرية. لكن إدارته وكبار أنصاره ليسوا أصحاب نظرة واحدة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية. وقد نرى أخذاً ورداً بين الأجنحة، لكن القرار النهائي سيكون بين يدي دونالد ترمب وأقرب مقربيه.
أولاً كيف يمكن قراءة مفهوم “إنهاء الحروب”، لا سيما الطويلة منها؟ عديد من المتابعين يعتقد أن الرئيس المنتخب ترمب سيسعى إلى الانتهاء من كل الحروب من طرف واحد من دون الأخذ في الاعتبار المصالح القومية أو التوازنات أو التحالفات. ويعتقد آخرون أنه سينهيها بين ليلة وضحاها، وأن كل المواجهات متشابهة، بالتالي فكل المعالجات متشابهة.
لكن الأجوبة متعددة بحسب الفريق الذي يطلب منه المعالجة، وبحسب المستشارين المحيطين بالرئيس المنتخب. فمبدأ إنهاء الحروب التي تعتبر طويلة وخطرة، هو مبدأ متفق عليه من قبل كل الاطراف السياسية في أميركا. فلا أحد يطالب بالحروب لحبهم بها إلا التوتاليتاريين الذين يؤمنون بأن حروبهم المقدسة تمثل إرادة إلهية لا سيطرة للبشر عليها. أما الباقون فلديهم مصالح ومعادلات وحسابات. إن هدف ترمب الأسمى هو أن يضع ثقله في الميزان الدولي لإنهاء الحروب من جذورها، لكن هذا الهدف يمكن الوصول إليه عبر وسائل عدة سنفصل فيها بمقالات لاحقة.
عملياً عندما سيتم إنزال طواقم الإدارة الجديدة في البيت الابيض وسائر المباني، ستجد نفسها بمواجهة حروب متعددة، إضافة إلى معارضة شرسة في الداخل. من هنا فما ستفعله إدارة ترمب ورئيسها يدخل البيت الأبيض يبقى غير معروف حتى الآن. لكن الفريق الانتقالي استعد لبعض الملفات أهمها حرب أوكرانيا، والحرب الإيرانية- الإسرائيلية وجبهاتها الست، واحتمال مجابهة عسكرية صينية مع تايوان، إضافة إلى المواجهة مع الإرهاب دولياً.
والسؤال هنا: كيف سيتمكن الرئيس الجديد من إنهاء كل هذه الحروب دفعة واحدة. يجيبك أحدهم بأن ترمب مصمم على المبدأ، وقد تقتضي الأمور أن يحسم مع من لا يريد الانتهاء من القتال وتهديد الآخرين ليصل إلى شاطئ الاستقرار فيهندس السلام النهائي. فالهدف النهائي هو السلام، وإذا اقتضى الأمر أن يزيل حواجز للعبور إليه فسيزيلها باسم هذا السلام.