حرية ـ (23/11/2024)
قررت بيكا زيغلر البالغة 24 سنة تجميد جثتها في براد بعد وفاتها من طريق مختبر في برلين على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.
وقعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية عقداً مع شركة “تومورو بايوستيتس” الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.
وعندما تتوفى زيغلر سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.
وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لوكالة الصحافة الفرنسية، “بصورة عامة أحب الحياة، ولديَّ فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل”.
لم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينيات القرن الـ20 مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيار العلمي مثل ما ظهر في فيلم “ذي إمباير سترايكس باك” الذي تم فيه تجميد هان سولو وفيلم “هايبرنيتس” حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي إلى الحياة.
وتوفر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويقدر عدد الأشخاص الذين وضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد. وتأسست “تومورو بايوستيتس” عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا. وفي حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها “خفض الكلف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع”.
ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طوال حياتهم تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم. ويضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يدفع بعد الوفاة – 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده – ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.
يقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.
وتشير “تومورو بايوستيتس” إلى أن نحو 700 زبون متعاقد معها، وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.
ويلفت كيندزورا إلى أن غالبية زبائنه تراوح أعمارهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، وهم ذكور أكثر من إناث.
عندما يموت أحد الزبائن تتعهد “تومورو بايوستيتس” بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. ويتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة “حفظ بالتبريد” ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.
وفي عام 2016 نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.
لكن الباحث في معهد “آي أل كاي” بدريسدن (شرق ألمانيا) هولغر رينش يرى أن الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية، “نشك في ذلك، وأنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء”. ويتابع، “في الممارسة الطبية الحد الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينيات القرن الـ20”.
ويقر كيندزورا بعدم وجود ضمانات. ويقول، “لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا”.
بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف، “قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان”.