حرية ـ (26/11/2024)
يبحث العراق، أحد أكثر بلدان العالم إهداراً للغاز الطبيعي المصاحب لإنتاج النفط الخام، عن مئات المليارات من الدولارات لتمويل ما يحتاجه من أجل تحقيق أهدافه المتعلقة بالانبعاثات من خلال حضوره في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي.
ويحتاج العراق الغني بالنفط إلى ما يقدر بنحو 233 مليار دولار بحلول عام 2040، وفقا لتقديرات مؤسسة التمويل الدولية، لتنفيذ برامج تهدف إلى الحد من الانبعاثات الضارة واحتجاز الغاز المصاحب وتحسين كفاءة الطاقة.
إن هدف المساهمة الوطنية المحددة للعراق، هو خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 15% بحلول عام 2030، ولكن ما يصل إلى 13% من ذلك مشروط بالدعم الدولي، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
سعي لتصفير الغاز
ويقول مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح في حديث له ان “السياسة الوطنية العراقية تسير في مسألة تصفير حرق الغاز المصاحب وتحويله الى الاستخدامات السليمة غير الملوثة للبيئة كوقود لمحطات الكهرباء او الطبخ المنزلي او تصدير الفائض منه بعد المعالجة”، مبينا انها “خطة تسير في تخطيط دقيق وجاد على أن تنتهي البلاد من هذا الموضوع في غضون السنوات الثلاث القادمة”.
وأكد صالح؛ أن “بلادنا ليست هي من البلدان المساهمة في تلوث البيئة اطلاقاً، ولكن على العكس يتعرض العراق الى ظاهرة التصحر الإجباري بسبب النقص في مصادر المياه الدولية الداخلة إليه، وهو أمر عرض العراق الى انحسار في المناطق الزراعية الخضراء على مدار السنوات الماضية بعد أن اصبحت بلادنا لا تتلقى سوى ثلث حصتها المائية من بلدان المنبع”.
واشار الى ان “العراق يفقد بسبب نقص المياه عموما ومياه الاهوار والمنخفضات المائية الطبيعية خصوصا مساحات خضراء وطبيعية مهمة، قد جعلت بلادنا في وضع بات للمجتمع الدولي أن ينظر إليه بنظرة الدعم والاسناد في حقوقه المائية لإعادة مناطقه الخضراء، ففقدان قرابة 150 ألف دونم او اكثر من اجود الاراضي الزراعية سنوياً وتقلص المساحات المزروعة منها والهجرة من الأرياف الى المدن يجب ان تؤخذ بالاعتبار بسبب نقص المياه وما يترتب على ذلك من مشكلات التصحر، وهي مجهودات استثنائية تتطلب من المجتمع الدولي اعادة التفكير في موضوع المسار نحو موضوع التزامات تصفير الكاربون بشكل صحيح ، ما يقتضي تعويض بلادنا على الدوام جراء مشكلات نقص المياه الدولية الوافدة والآثار المترتبة على البيئة والبيئة الخضراء بشكل عام”.
وفي عام 2023، أفادت التقارير أن العراق أحرز تقدماً في استثمار الغاز المصاحب للنفط، محققاً معدل استخدام بنسبة 60٪: تم استثمار 700.8 مليار قدم مكعب من أصل 1141.8 مليار قدم مكعب من الغاز المصاحب المنتج، بحسب وكيل وزير النفط العراقي لشؤون الغاز عزت صابر في مقابلة أجريت معه في مارس 2024.
ومع ذلك، أشارت بيانات دولية من نفس العام إلى حرق 636.8 مليار قدم مكعب، مما أدى إلى انبعاثات ثقيلة من غاز الميثان.
وأعلنت حكومة المملكة المتحدة عن حزمة تمويل بقيمة 6.5 مليون دولار مصممة لتقديم الدعم الفني والسياسي وبناء القدرات، حيث كان العراق واحد من الدول الثلاث الأولى التي تلقت المساعدة. تم تقديم المساهمة، التي تم الإعلان عنها في 12 نوفمبر، لبرنامج تنظيم الوقود الأحفوري الذي أطلقه مؤخرًا تحالف المناخ والهواء النظيف و CATF.
ولكن الخبراء يقولون إن العراق ما زال في حاجة إلى تنفيذ سياسات لجذب التمويل. ومن بين العوائق الأخرى أمام التمويل البيئة الأمنية غير المستقرة في العراق والفساد المستشري، الذي يخشى المستثمرون منه بشدة.
غير قادر على التحول
ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان “العراق يعتمد بشكل كامل على الطاقة الأحفورية استخراجا وصناعة وتكريرا وتوليدا للكهرباء، لذا فمن الصعب جدا التحول خلال الثلاثين سنة القادمة على الأقل للطاقة النظيفة وأن دولا أكثر غنى ونقاءا للاجواء من العراق لم تستطع التحول الكامل للطاقة الخضراء مستدركا في الوقت نفسه أن الحكومة وضعت خطط للإحلال النسبي للطاقة النظيفة عبر بناء محطات طاقة شمسية بواقع محطتين بقدرة توليدية جيدة لكنها تبقى بعيدة عن الإحلال الكلي ويظل الإحلال نسبيا للطاقة النظيفة”.
واضاف ان “العراق مطالب بتقليل الاعتماد على المولدات الاهلية كونها تعمل بوقود الديزل الذي يعتبر ملوثا اكثر من انواع الوقود الاخرى لذا فإن دعم تبنى الأفراد بقروض وتوفير منظومات رصينة للطاقة الشمسية سيقلل الاعتماد على المولدات الاهلية”.
تدخلات خارجية وداخلية
ويقول الخبير النفطي حمزة الجواهري في حديث لوكالة شفق نيوز ان “التدخلات الخارجية والداخلية سلبية وراء اعاقة العمل للتحول البلاد نحو الطاقة النظيفة او الخضراء”، مشيرا الى ان “الحكومة هي جادة في التحول ولكن تبقى هذه التدخلات توقف ما هو كل قرار ومشروع مهم يذهب بهذا الاتجاه”.
وأضاف الجواهري؛ ان “هناك حاجة إلى لوائح ضريبية على الكربون وسياسات تحظر حرق الغاز إلا في ظل ظروف صارمة للغاية”.
ولفت إلى أن “المشكلة تكمن في التنفيذ الفعال لهذه القواعد ووجود هيئة تنظيمية قوية تكون بعيدة عن التدخلات”.