حرية ـ (28/11/2024)
يعرف ملايين الأشخاص حول العالم أن الجمعة السوداء ستحل قريبا – في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني – سواء كانوا ينوون إنفاق أي أموال أم لا.
تمتلئ واجهات المتاجر وصناديق البريد الإلكتروني برسائل “اشتر الآن!” و”لا تفوت الفرصة!” و”تنتهي الصفقات قريبا”.
لقد تطورت الفترة التي تخفض فيها المتاجر وتجار التجزئة أسعارهم مؤقتا، لتشجيع المتسوقين على التخلي عن أموالهم، من تقليد أمريكي إلى ظاهرة عالمية منذ فترة طويلة.
ولكن كيف أصبحت الجمعة السوداء واحدة من أكثر مناسبات التسوق ازدحاما خلال العام، لماذا لا يعد هذا دائما خبرا جيدا للمستهلكين؟
متى تكون الجمعة السوداء وما هو أصلها؟
يحل يوم الجمعة السوداء في الأسبوع الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، وهو اليوم التالي لعيد الشكر، وهو عطلة يتم الاحتفال بها في الولايات المتحدة.
لا علاقة لأصول المصطلح بالتسوق: كان أول إشارة إلى يوم الجمعة السوداء خلال الأزمة المالية عام 1869 التي اندلعت بسبب الانخفاض الحاد في أسعار الذهب.
في منتصف القرن العشرين، كان المصطلح يشير إلى معدل التغيب في القوى العاملة الأمريكية بعد العطلة.
كان يوم الجمعة السوداء أيضا هو التعبير الذي وصفت به قوات الشرطة في فيلادلفيا التدافع والازدحام، الناجم عن التسوق في المدينة من جانب المستهلكين.
في الثمانينيات، حوَّل تجار التجزئة المصطلح إلى شيء أكثر إيجابية: التاريخ الذي بدأوا فيه تحقيق الربح – أو بتعبير محاسبي، عندما انتقلت ميزانياتهم من اللون الأحمر إلى الأسود.
ثم أصبح مرادفا للخصومات الضخمة والحشود التي تتدافع للحصول على الصفقات في الولايات المتحدة. وتبع ذلك يوم الاثنين الإلكتروني، وهو عبارة تم صياغتها مؤخرا للترويج للتسوق عبر الإنترنت، في يوم الاثنين التالي للجمعة السوداء.
وانتشرت فكرة الجمعة السوداء منذ ذلك الحين إلى دول وقارات أخرى حول العالم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الإنترنت.
ما مدى ضخامة يوم الجمعة السوداء؟
قدَّر بحث من شركة البرمجيات الأمريكية Salesforce أن المستهلكين على مستوى العالم أنفقوا 70.9 مليار دولار أمريكي، عبر الإنترنت فقط خلال فترة المبيعات في عام 2023 – بزيادة قدرها 8 في المئة مقارنة بعام 2022.
في المملكة المتحدة، حيث بدأت أول مبيعات الجمعة السوداء الكبيرة في عام 2010 فقط، فقد طغت على حدث التسوق التقليدي التاريخي في البلاد – Boxing Day أو يوم الهدايا، والذي يحل غداة عيد الميلاد.
ومن المتوقع أن ينفق المستهلكون ما يقرب من 9 مليارات دولار خلال هذه الفترة، وفقا لشركة الاستشارات PwC.
في أفريقيا، قالت الشركة المزودة لخدمة الدفع عبر الإنترنت PayU أن عدد المعاملات التي تم تنفيذها في يوم واحد فقط – في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 – كان أعلى بنسبة 83 في المئة من الحجم اليومي المعتاد في نيجيريا وجنوب أفريقيا وكينيا.
وأفادت الشركة أيضا أن الأرجنتين، ورغم الأزمة المالية المستمرة، سجلت زيادة بنسبة 104 في المئة في معاملات التجارة الإلكترونية خلال الجمعة السوداء العام الماضي.
ومع ذلك، فإن الجمعة السوداء ليست يوم التسوق العالمي الكبير الوحيد في نوفمبر/ تشرين الثاني.
يستعد العملاء الفرنسيون لـ Vendredi Fou أو “الجمعة المجنونة”.
وتقيم الصين حدث تسوق رئيسيا خاص بها، يوم العزاب، وهو مهرجان تسوق يستمر لبضعة أسابيع، وتصل ذروته في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني.
ويحتفل المكسيكيون بعيد El Buen Fin de Semana – أو “عطلة نهاية الأسبوع السعيدة” بالإسبانية – حوالي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو عطلة وطنية احتفالية.
وفي الشرق الأوسط، يُعرف يوم الجمعة السوداء باسم الجمعة البيضاء لأسباب دينية، حيث إن يوم الجمعة يوم له خصوصية في الإسلام.
هل يقدم يوم الجمعة السوداء أفضل العروض حقا؟
الإجابة ليست بسيطة.
في المملكة المتحدة، توصلت دراسة أجرتها مجموعة المستهلكين “ويتش”، في عام 2022، أن صفقة واحدة فقط من كل سبع صفقات في الجمعة السوداء تقدم خصما حقيقيا، وأن الغالبية العظمى من العروض الترويجية كانت أرخص أو بنفس السعر على مدار الأشهر الستة السابقة.
ومع ذلك، قام موقع MoneySavingExpert، وهو موقع ويب رائد للمستهلكين، بتحليل 50 منتجا شائعا تم البحث عنها عبر الإنترنت – معظمها منتجات تكنولوجية – في عام 2023، ووجد أن 35 منتجا كانت أرخص في الجمعة السوداء مقارنة بفترة ما قبل عيد الميلاد مباشرة، في 19 ديسمبر/ كانون الأول.
في البرازيل، اشتكى بعض العملاء عندما مارس تجار التجزئة ما أصبح يُعرف باسم “الاحتيال الأسود” – وهو رفع الأسعار قبل أيام من الجمعة السوداء، ثم تقديم خصم.
كما يُحذَّر المتسوقون الباحثون عن الصفقات بضرورة البقاء يقظين.
وترتفع عمليات الاحتيال بنسبة الثلث حول الجمعة السوداء، وفقا لتحليل أجراه بنك لويدز، حيث ترتبط معظم عمليات الاحتيال بشراء الملابس.
وقال البنك إن حجم عمليات الاحتيال ارتفع بنسبة 29 في المئة، حول الجمعة السوداء والإثنين الإلكتروني، في المملكة المتحدة في عام 2021.
نصائح حول كيفية التسوق بذكاء وتجنب عمليات الاحتيال
ينتشر الشراء الاندفاعي خلال الجمعة السوداء – في المملكة المتحدة، أشار محللو التجزئة مازحين إلى يوم 3 ديسمبر/ كانون الأول باسم “خميس الإرجاع”، حيث يتم إرجاع المزيد من المنتجات في ذلك اليوم أكثر من أي تاريخ آخر في العام، وفقا لهيئة التجارة الإلكترونية IMRG.
وتحذر جماعات حقوق المستهلك من أن المبيعات السريعة تجعل من الصعب على الناس التحكم في إنفاقهم.
وقال بريان سيمبل، المتحدث باسم معهد سياسة المال والصحة العقلية، وهو مؤسسة خيرية مقرها لندن، لهيئة الإذاعة البريطانية: “الأمر أصعب على الإنترنت، حيث يسهل على تجار التجزئة تطبيق تكتيكات الضغط على المستهلكين”.
النصيحة العامة هي أن يفكر الناس مرتين قبل النقر على زر الفأرة (الدفع إليكترونيا) أو فتح محافظهم.
لكن الخبراء يوصون أيضا ببعض الخطوات الأساسية:
- لا داعي للذعر والتسرع في عمليات الشراء.
- ابحث عن الصفقات بنفسك، وقارن الأسعار.
- تجنب الشراء من مواقع الإنترنت غير المألوفة، فقد يكون السعر المنخفض جدا لدرجة يصعب تصديقها سعرا زائفا.
- استشر شخصا ثانيا.
- إذا كنت تبحث عن تقييم المنتج، فتأكد من استخدام مواقع الإنترنت الموثوقة لتجنب المنتجات المزيفة.
- استخدم بطاقة ائتمان لأنها توفر عموما حماية إضافية إذا حدث خطأ ما، وتأكد من إجراء جميع المدفوعات من خلال المنصة التي تستخدمها عادة.