حرية ـ (15/12/2024)
كشفت وثائق لجهاز المخابرات السوري عن قيام النظام السابق برئاسة بشار الأسد بالوقوف وراء العديد من التفجيرات وعمليات الاغتيال واتهام الجماعات المعارضة للنظام بتنفيذها.
وذكر موقع “الحرة” في تقرير أنه في خضم السقوط المفاجئ للنظام الحاكم في سوريا وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، اختفت معظم رؤوس أجهزة المخابرات وتركت خلفها وثائق استخباراتية كثيرة كشفت معلومات حول سياسة النظام الخارجية والداخلية، وبالتحديد فيما يخص وقوف الأسد خلف تفجيرات واغتيالات اتهم بها الجماعات المرتبطة بالمعارضة السورية وقتها.
الوثيقة الأهم
وتعود إحدى تلك الوثائق إلى الثامن من آيار/ مايو 2012، وهي صادرة عن جهاز المخابرات الخارجية. تكشف أوراقها على أمر بتنفيذ انفجار في منطقة القزاز في دمشق تحت عنوان إقناع الرأي العام المحلي والدولي بوجود عصابات إرهابية مسلحة.
وجاء فيها تقديم طلب للقيام بتفجير انتحاري بسيارة محشوّة بكميات كبيرة من المواد المتفجرة في وقت الذروة، على أن يتم تأجيل وصول وسائل الإعلام إلى مكان الحادث لمنع اكتشاف أن ذلك التفجير كان مدبراً.
العلويون ضحايا كغيرهم
وثيقة أخرى تأمر بإعدام 2459 عسكرياً من أبناء الطائفة العلوية وإخبار ذويهم أنهم استشهدوا في ساحات المعركة. وسبب الإعدام هو عدم الامتثال للأوامر العسكرية، بالإضافة إلى احتجاز 1796 عسكرياً حينها وإخبار ذويهم أنهم مختطفون. يرجع تاريخ هذه الوثيقة إلى الأول من آذار/ مارس 2015.
ضحية غير متوقعة أبداً
ومن ضمن ما كشفته الوثائق أيضاً أن المخابرات السورية تقف خلف اغتيال سارية حسون، نجل مفتي الجمهورية العربية السورية أحمد بدر الدين حسون الذي كان يدعم النظام بخطابه الديني حينها.
وأشارت الوثيقة المسربة، إلى أن قسم المهام الخاصة في فرع المخابرات الجوية 291 كلّف ضابطاً برتبة عقيد ركن يدعى سهيل حسن لاغتيال نجل حسون على أن تتم عملية الاغتيال صباح 29 أيلول/ سبتمبر 2011 بواسطة سيارة مدنية على نفقة الدولة.
وحينها ألقى حسّون خطاباً مؤثراً عكس فيه مدى “إجرام المعارضة” التي قتلت ابنه فقط من أجل موقف والده الداعم للنظام.
وثائق أخرى
وبعيداً عن ميدان السياسة والعلاقات الخارجية، كشفت بعض الوثائق سلوك البذخ لعائلة الأسد في الوقت الذي كان فيه النظام يدعي أن العقوبات الأميركية والأوروبية تؤثر سلباً على الحياة اليومية للسوريين.
وكشفت إحدى الوثائق عن المصاريف اليومية لماهر الأسد شقيق بشار، والتي تحتوي على دفعات ومصاريف مختلفة، كان من بينها رواتب مرتفعة لشخص روسي كانت مهمته تدريب شام، ابنة ماهر الأسد على ركوب الخيل.
بالإضافة إلى صور الرئيس المخلوع وهو شبه عارٍ في رحلات ترفيهية إلى البحر، وصورة لوالده حافظ الأسد وهو يستعرض توزع العضلات في جسمه.. هذه الصور تم العثور عليها في قصر الرئيس الهارب.
المحاكمة
وتعليقاً على تلك الوثائق، يقول الأكاديمي ضياء الرويشدي، المختص بالشؤون الدستورية والقانون الدولي في تصريح لموقع “الحرة” إنه نظراً إلى أن الوثائق والملفات السرية أصبحت متاحة للاطلاع، بات من الممكن التحقق من مصداقيتها واستخدامها كأدلة لإثبات تورط بشار الأسد وكبار قادته في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال فترة حكمه.
ولكن النقطة الأهم ترتبط بسبل تحقيق العدالة للشعب السوري. أي بمعنى أنه إذا لم تتمكن الحكومة السورية المستقبلية من إقناع روسيا بتسليم بشار الأسد من أجل محاكمته، وإذا لم يصل الأسد إلى دولة تطبق مبدأ الولاية القضائية العالمية، مثل ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، حينها من الممكن تحويل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويرى الرويشدي أن التقدم في أي من هذه الخيارات يعتمد على تعاون روسيا ورفع حمايتها عن بشار الأسد، إلا أن حدوث ذلك يبدو مستبعداً بسبب وجود مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بسبب جرائم حرب ارتكبتها قواته في أوكرانيا.
تجدر الإشارة إلى أن النظام السوري السابق كان متورطاً بدعم وتدريب التنظيمات الإرهابية التي كانت تنفذ عملياتها في العراق بعد سقوط النظام في العام 2003، وسبق للقوات الأمنية العراقية أن ألقت القبض في تلك السنوات على العديد من الإرهابيين الذين اعترفوا أنهم تلقوا تدريبات في معسكرات بمدينة اللاذقية السورية تحت إشراف جهاز المخابرات السوري، ومن بين أشهر من تم إلقاء القبض عليهم من قبل القوات العراقية ضابط في جهاز المخابرات السوري الملازم أول شقير شيت والذي اشتهر في حينها باسم “ملازم شقير”.