حرية -20/12/2024
بقلم أحمد الحمداني
ملاحظة: من رخصة القادة الكبار الذين ضحوا للعراق
منذ سقوط النظام البعثي في العراق عام 2003، ومنذ اللحظة التي تم فيها تفكيك الدولة العراقية، كان المستقبل أمام الشعب العراقي مليئًا بالتحديات.
كان الهدف من ذلك التغيير الكبير هو بناء دولة جديدة، دولة ديمقراطية تعددية يتساوى فيها جميع العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية.
لكن الواقع الذي واجهناه خلال العقدين الماضيين كان بعيدًا عن هذا الحلم.
العراق عانى من تقلبات أمنية، سياسية، واجتماعية شديدة، كانت تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.
حينما نتحدث عن الوضع العراقي، لا بد من أن نذكر دور الفاعلين الرئيسيين في هذا المشهد، وأبرزهم القوى السياسية التي تمثل الطائفتين الشيعية والسنية.
واليوم، أجد بالنساية لرؤية أحمد الجلبي، الذي كان يسعى دومًا لبناء عراق قوي ومزدهر، أنقل هذا النداء إلى محمد شياع، أحد أبرز المسؤولين في الساحة السياسية العراقية، موجهًا إليك كلمة حول ضرورة تجاوز العقبات الطائفية والنهوض بوطنٍ يعاني من الأزمات.
لا شك أن العراق في السنوات الماضية كان مسرحًا لصراع طائفي مرير بين شيعة العراق وسنته.
هذا الصراع لم يكن مجرد صراع سياسي، بل كان يحمل طابعًا اجتماعيًا عميقًا، ناتجًا عن تراكمات من عدم الثقة والانقسامات الداخلية التي استُغلت من قبل قوى إقليمية ودولية.
الفشل في تجاوز هذا الانقسام، والذي كان جزءًا من معركة السلطة، انعكس بشكل كبير على استقرار الدولة العراقية.
قد يقول البعض إن الشيعة في العراق قد استعادوا جزءًا من حقوقهم السياسية بعد التغيير الذي حدث في 2003، ولكن السؤال الأهم يبقى: هل حققت هذه الاستعادة للوضع الشيعي الاستقرار والازدهار للعراق؟
وهل هذا الاستقرار هو استقرار شامل يشمل جميع مكونات الشعب العراقي؟
للأسف، كانت النتيجة أن السلطة السياسية غُلبت عليها المصالح الطائفية، ما أدى إلى تفشي الفساد الإداري، تدهور الخدمات العامة، وانخفاض مستوى الأمن، مما فاقم معاناة المواطن العراقي.
إرث أحمد الجلبي وضرورة إعادة البناء:
لطالما كان نداء، أحمد الجلبي، بفكرة بناء دولة عراقية حقيقية تجمع بين جميع أطياف الشعب، بحيث يُحترم التنوع الطائفي، ويتم تجاوز فوضى الانقسام.
كان الجلبي من الداعين إلى تأسيس اقتصاد قوي ومستقل، يستند إلى رؤية استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار العراق كدولة مركزية تؤدي دورًا حيويًا في المنطقة.
اليوم، يبدو أن هذه الرؤية تحتاج إلى من يكملها ويتحمل المسؤولية في الأوقات العصيبة.
إليك، محمد شياع، أوجه كلماتي انا احمد الحمداني اعتبر نفسي بديل الجلبي رحمه الله.
انت يا اخي محمد كوزير سابق ونائب سابق ورئيس وزراء حالي ، أنت تمثل اليوم أحد الوجوه البارزة التي يمكنها التأثير بشكل مباشر في مسار الأمور.
العراق يحتاج إلى رؤية سياسية جديدة، رؤية تتجاوز الخلافات الطائفية والمناطقية، وترتكز على العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع المكونات.
يجب على القوى الشيعية والسنية أن يدركوا أن مصيرهم مرتبط ببعضهم البعض.
عندما يتفجر الوضع في مكان، يتأثر به الجميع، ولا أحد ينجو من العواقب.
إن المسؤولية تقع على عاتقكم، أنتم القادة السياسيون، لكي تبدأوا بتقوية الحوار بين جميع الأطياف العراقية.
الحرب الطائفية ليست خيارًا، بل هو كارثة.
يجب العمل على إرساء أسس الثقة بين القوى السياسية العراقية، بحيث تكون المصلحة الوطنية هي المعيار، لا المصالح الضيقة.
العراق اليوم بحاجة إلى تغييرات جذرية على مستوى الاقتصاد، الأمن، والسياسة.
أما على المستوى السياسي، فيجب أن نعمل معًا لإنشاء حكومة تكون مؤمنة بمفهوم المواطنة، حيث لا فرق بين شيعي وسني، كردي أو عربي.
يجب أن يكون الهدف هو بناء عراق قوي ومتسامح، قادر على الدفاع عن نفسه وعن حقوق مواطنيه في كل الظروف.
إن الشيعة والسنة في العراق ليسوا أعداء، بل هم شركاء في هذا الوطن، وكل طرف منهم عليه أن يتحمل المسؤولية عن بناء المستقبل. لا يمكن بناء وطن على أساس تقسيمات طائفية، بل على أساس المواطنة المتساوية، والعدالة التي تعيد الثقة بين جميع العراقيين.
أوجه ندائي لك، محمد شياع، ولكل من يهمه مستقبل العراق، أن تحملوا عبء مسؤولية هذا الوطن العظيم. عراقنا بحاجة إلى إعادة بناء حقيقي، ونحن كعراقيين، يجب أن نكون جميعًا جزءًا من هذا البناء.
سيبقى حلم الجلبي و الحكيم وطالباني وحسن النقيب والبارزاني ومحسن عبد الحميد و اياد علاوي وخضير الخزاعي الذي كان يسعى لتحقيقه قائمًا، إذا ما اجتمعنا جميعًا من أجل عراق يعم فيه السلام والازدهار.
إلى المستقبل… عراق جديد، عراق واحد.