31/12/2024
احمد الحمداني
تشهد الدبلوماسية العراقية تحديات كبيرة في محيط إقليمي ودولي متشابك ومعقد، لكن إذا تم توظيف هذه التحديات بالشكل الصحيح، فإن العراق يمكن أن يستفيد من موقعه الاستراتيجي وعلاقاته التاريخية مع القوى الكبرى والدول المجاورة ليصبح لاعبًا دوليًا ذا تأثير إيجابي.
التفاعل مع واشنطن، لندن، دول الخليج، إيران، الأردن ومصر يُعد من الأسس الهامة لتحقيق هذا الهدف.
لتحقيق رؤية العراق كدولة نموذجية دوليًا، يجب على الدبلوماسية العراقية أن تلعب دورًا محوريًا في إعادة ترتيب الأوراق السياسية والاقتصادية عبر هذه العلاقات المختلفة.
تعزيز العلاقات مع واشنطن
تظل الولايات المتحدة واحدة من أهم القوى الكبرى في العالم، ولها تأثير كبير في الشرق الأوسط. يمكن للعراق أن يستفيد من علاقاته مع واشنطن في العديد من المجالات:
الاستثمارات والتكنولوجيا: يجب أن يسعى العراق إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع واشنطن، خاصة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والابتكار، بما يمكن أن يعزز الاقتصاد العراقي ويخلق فرص عمل جديدة.
الأمن والتعاون العسكري: استمرار التعاون في محاربة الإرهاب وضمان الاستقرار الإقليمي يعتبر من أولويات العلاقات العراقية-الأمريكية. يجب أن يركز العراق على تعزيز قدراته العسكرية والأمنية من خلال الدعم الأمريكي في تدريب القوات وتعزيز الأمن الداخلي.
التأثير السياسي: من خلال التقارب مع واشنطن، يمكن للعراق أن يعزز مكانته في المحافل الدولية، خاصة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما يتيح له التأثير على القرارات العالمية المتعلقة بالشرق الأوسط.
تعزيز العلاقات مع لندن
تتمتع المملكة المتحدة بتاريخ طويل من التفاعل مع العراق، ومن خلال هذه العلاقة يمكن للدبلوماسية العراقية تحقيق أهداف كبيرة:
التجارة والاستثمار: لندن هي واحدة من أكبر المراكز المالية في العالم، ويمكن للعراق أن يعزز دوره في الأسواق المالية الدولية عبر بناء علاقات قوية مع القطاع الخاص البريطاني، خصوصًا في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
التعليم والتدريب: يمكن أن تكون بريطانيا شريكًا أساسيًا للعراق في تطوير النظام التعليمي، من خلال استقطاب الطلاب العراقيين إلى الجامعات البريطانية، وتطوير برامج تدريبية للكوادر العراقية في مختلف المجالات.
الدور السياسي والدبلوماسي: المملكة المتحدة تلعب دورًا محوريًا في السياسة الدولية والإقليمية، ويمكن أن تساعد العراق في بناء علاقات أفضل مع أوروبا والعالم العربي.
التحسينات الدبلوماسية مع دول الخليج
تعد دول الخليج من أكبر الشركاء الاقتصاديين للعراق، ويمكن للعراق أن يستفيد من تعزيز هذه العلاقات في العديد من المجالات:
التعاون الاقتصادي: من خلال خلق شراكات تجارية واستثمارية قوية في قطاعات الطاقة، الزراعة، والإنشاءات، يمكن للعراق أن يستفيد من ثروات الخليج الطائلة لدعم الاقتصاد العراقي.
التنسيق الأمني: التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتهديدات الجماعات المتطرفة يعتبر من الأولويات التي يمكن أن تقوي العلاقة بين العراق ودول الخليج.
الاستقرار الإقليمي: يجب على العراق أن يلعب دورًا أكبر في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة من خلال بناء علاقات قوية مع دول الخليج ودعم التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة.
تحسين العلاقات مع إيران
إيران جارة مهمة للعراق ولها تأثير كبير في السياسة العراقية، ويمكن للعراق الاستفادة من هذه العلاقات بشكل بناء:
التعاون الاقتصادي: العراق يمكن أن يعزز التبادل التجاري مع إيران في مجالات الطاقة، الصناعة، والنقل. التعاون في مجال الطاقة سيكون حيويًا، خاصة في استيراد الغاز والكهرباء.
التوازن السياسي: على الرغم من التحديات السياسية التي قد يواجهها العراق في علاقاته مع إيران، إلا أنه يجب أن يسعى إلى تحقيق توازن بين الحفاظ على مصالحه الوطنية وحماية علاقاته مع القوى الإقليمية والدولية الأخرى.
التنسيق الأمني: إيران تعد شريكًا في القتال ضد الإرهاب في المنطقة، ويمكن للعراق تعزيز التنسيق الأمني معها لمكافحة الجماعات المتطرفة مثل “داعش”.
تقوية العلاقات مع الأردن ومصر
كل من الأردن ومصر يمثلان أهمية استراتيجية بالنسبة للعراق في السياق العربي والإقليمي.
الأردن: يعزز العراق علاقاته التجارية والاقتصادية مع الأردن من خلال الربط البري والتعاون في مجالات الطاقة والغاز.
يمكن أن يسهم التعاون في التجارة والنقل في تسهيل حركة البضائع بين العراق ودول الخليج.
مصر: تمثل مصر شريكًا هامًا في مجال التعليم، الثقافة، والأمن. تعزيز التعاون بين العراق ومصر في مجالات التعليم والبحث العلمي، وكذلك التنسيق في محاربة الإرهاب، يمكن أن يكون له تأثير كبير على استقرار العراق والمنطقة.
التحول إلى بلد نموذجي دوليًا
لتحويل العراق إلى بلد نموذجي على المستوى الدولي، يجب أن تعمل الدبلوماسية العراقية على الأبعاد التالية:
الإصلاح الداخلي: يجب أن تكون هناك إصلاحات هيكلية في النظام السياسي العراقي، مما يعزز الحوكمة الرشيدة ويقلل من الفساد.
هذا سيعزز سمعة العراق على الساحة الدولية ويزيد من ثقة الدول الأخرى في استثماره.
التنمية المستدامة: يجب على العراق أن يستثمر في الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، مع دعم المشاريع البيئية التي تواكب التطورات العالمية في هذا المجال.
التعليم والبحث العلمي: العراق يجب أن يسعى لتحقيق تحول جذري في نظامه التعليمي، بتشجيع البحث العلمي والتعاون الأكاديمي مع دول العالم المتقدم.
وفي الخلاصة ان الدبلوماسية العراقية تمتلك إمكانات كبيرة لتحسين مكانة العراق في واشنطن ولندن والخليج وإيران والأردن ومصر. من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع هذه الدول، يمكن للعراق أن يتحول إلى نموذج دولي يحتذى به.
يتطلب هذا توجيه السياسات الخارجية بشكل مدروس، وزيادة التعاون الأمني والاقتصادي، والعمل على الإصلاحات الداخلية، التي تمهد الطريق نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للعراق.