حرية – 31/12/2024
احمد الحمداني
يعدّ السلاح المنفلت أحد أبرز التحديات التي تواجه العديد من الدول في العالم، لا سيما في الشرق الأوسط. ويمثل هذا السلاح تهديدًا كبيرًا للأمن والاستقرار الداخلي، حيث تساهم الفوضى الناجمة عن انتشاره في تفكيك النسيج الاجتماعي وتدمير قدرة الدول على فرض سيادة القانون.
في هذا السياق، نجد أن هناك محاولة لفصل مسألة السلاح المنفلت عن هويات دينية أو طائفية، مثلما تم التعامل مع سلاح الإرهاب الذي تم ربطه في بعض الأحيان بالجماعات السنية.
سنتناول في هذا المقال ضرورة عزل السلاح المنفلت عن أي ارتباط طائفي، ونجاح تجارب فصل سلاح الإرهاب عن السنة من أجل بناء مجتمع أكثر استقرارًا.
يشير السلاح المنفلت إلى الأسلحة التي يتم حملها واستخدامها بشكل غير قانوني خارج إطار السلطة الرسمية. غالبًا ما يكون لهذه الأسلحة تأثير سلبي على الأمن العام، حيث تستخدم في الصراعات المحلية، وتساهم في زيادة الجريمة والعنف.
تتعدد مصادر السلاح المنفلت، من بينها النزاعات العسكرية التي تنتج عنها وفرة للأسلحة في أيدي الميليشيات أو الجماعات المسلحة غير القانونية.
هذا السلاح يساهم في تغذية الفوضى ويعيق جهود بناء دولة قوية ومؤسساتية تستطيع فرض القانون وتنظيم الحياة العامة.
لذلك، تُعدّ معالجة هذه الظاهرة ضرورة قصوى من أجل الحفاظ على الأمن الاجتماعي والاقتصادي.
من الأخطاء الكبيرة ربط السلاح المنفلت بطائفة معينة أو جماعة دينية.
ففي بعض الأحيان، يتم تصوير حيازة السلاح المنفلت من قبل أفراد أو مجموعات معينة على أنه جزء من هوية طائفية أو دينية، مما يعمق الانقسامات المجتمعية.
في الواقع، لا يقتصر السلاح المنفلت على فئة دينية أو طائفية بعينها، بل يمكن أن يظهر في كل المجتمعات، بما في ذلك المجتمعات السنية والشيعية او المسيحية او اليهودية او الخ .. على حد سواء.
عزل السلاح المنفلت عن الطائفة أو الهوية الدينية يعزز فكرة أن الأمن يجب أن يُنظر إليه من خلال إطار وطني وشامل، بدلاً من أن يُربط بحسابات طائفية.
فالتعامل مع السلاح المنفلت بوصفه تهديدًا مشتركًا لكل المواطنين، بغض النظر عن دينهم أو طائفتهم، يمثل خطوة مهمة نحو بناء مجتمع متماسك ومستقر.
على غرار سعي البعض لفصل السلاح المنفلت عن الطائفية، هناك تجربة مشابهة في سياق مكافحة الإرهاب، حيث حاول المجتمع الدولي وبعض الأنظمة العربية ربط الإرهاب بالجماعات السنية، وهو ارتباط غير دقيق.
فالإرهاب ليس مرتبطًا بعقيدة دينية أو طائفة معينة، بل هو سلوك مدفوع بأيديولوجيات متطرفة يمكن أن يتبناها أفراد من أي خلفية دينية أو طائفية.
بعد عدة سنوات من تجارب مكافحة الإرهاب، أصبح واضحًا أن الإسلام كدين ليس هو المسبب للإرهاب، بل الجماعات المتطرفة التي تتبنى تفسيرات منحرفة.
من هنا، يصبح عزل سلاح الإرهاب عن السنة خطوة مهمة لتفكيك الصور النمطية، وللتأكيد على أن الإرهاب لا ينتمي إلى طائفة أو مذهب، بل هو جريمة ضد الإنسانية.
من المهم أن نتعلم من تجاربنا السابقة في معالجة قضايا السلاح والإرهاب.
يجب أن تكون الحلول شاملة ومتوازنة، وألا تقوم على افتراضات طائفية أو دينية مسبقة. عزل السلاح المنفلت عن الهويات الدينية يسهم في تعزيز مفهوم المواطنة المشتركة ويحد من استغلال الأسلحة في الصراعات الداخلية التي تستهدف النسيج الاجتماعي.
كذلك، فإن عزل الإرهاب عن الطائفة السنية قد يُمكّن المجتمعات من استعادة هويتها الوطنية، ومنع الجماعات المتطرفة من استغلال المواقف السياسية لتجنيد أتباع جدد.
كما أن هذا النوع من العزل يساعد في فتح أبواب الحوار بين مختلف الطوائف والأنظمة، مما يعزز ثقافة السلام والتعايش.
لتجاوز هذه المشاكل، يجب أن تُبذل جهود أكبر في التوعية المجتمعية حول خطر السلاح المنفلت والإرهاب.
كما ينبغي أن تتضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني في دعم بناء مؤسسات قادرة على مكافحة انتشار الأسلحة غير القانونية بشكل فعال، مع التأكيد على ضرورة إبعاد هذه القضايا عن الحسابات الطائفية.
من الضروري أيضًا توفير برامج تدريبية وداعمة للشباب في المجتمعات المختلفة، بما في ذلك المجتمعات السنية والشيعية، وذلك لتوعيتهم حول خطر العنف وأهمية العيش المشترك.
كما يجب العمل على تقديم حلول اقتصادية واجتماعية لتقليل الدوافع التي تؤدي إلى التسلح والانخراط في الأنشطة الإرهابية.
إن عزل السلاح المنفلت عن أي انتماء طائفي يعدّ خطوة أساسية نحو تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمعات التي تعاني من صراعات داخلية.
كما أن فصل سلاح الإرهاب عن الطائفة السنية، كما تم في العديد من الحالات، هو درس مهم في التفريق بين السلوك الإجرامي وبين الهوية الدينية.
إن نجاح أي عملية تهدف إلى مكافحة السلاح المنفلت أو الإرهاب يتطلب رؤية شاملة، بعيدة عن التحليل الطائفي، وإصرارًا على تعزيز قيم الدولة الوطنية التي تتسع لجميع المواطنين.