حرية – 4/1/2025
الدكتور صفاء الوائلي
تلعب اجهزة المخابرات في اغلب الدول دورا مهم جدا في دعم السياسات الحكومية الداخلية والخارجية في ملفات تتعلق بالامن القومي لتلك الدول …
هذه الادوار لاتتقنها سوى الاجهزة المخابراتية المحترفة ولايقوم بها سوى رؤساء الاجهزة الموثوق بهم بكونهم شخصيات تستطيع ان تتحرك بسرعة وبدقة وتتعامل مع المتغيرات الاقليمية والدولية الخارجية ذات الابعاد المؤثرة على الامن القومي بكل احترافية …وحسب ما تقتضيه الضرورة
ورغم كون الرسالة او الرسائل التي حملها او نقلها السيد الشطري غير معلومة الا انها رسالة او رسائل واضحه للادارة السورية الجديدة بان العراق لاعب مهم ومحوري في تحديد ورسم مستقبل سوريا الجديدة وان سوريا عليها ان تفهم ان العراق هو جزء من منظومة الامن القومي للمنطقة وجزء مهم واساسي فيها.
تبادل الطرفين للرسائل بما احتوته من توضيحات ومواقف واستفهامات هو جزء من عمليات الدبلوماسية المخابراتية الفعالة..
لم يرسل العراق شخصية حكومية او سياسية بل ارسل شخصبة مخابراتية لكون الرسائل ستكون اكثر قوة واكثر دقة واتقان…
تفاجئ الكثير بارسال السيد الشطري بعد فترة قصيرة جدا من تسلمه مهام عمله وراح البعض يتسائل عن امكانيات السيد الشطري في اداء مهمته الاولى وهو الرجل الهادئ الضليع في العمل الامني من خلال عمله في ادارة اجهزة امنية مهمة مثل جهاز الامن الوطني..يبدو ان القيادة العراقية تعلم جيدا ان هكذا مهمات في هكذا وضع وهكذا مرحلة تتطلب شخصية مختلفة تنقل وجهات النظر والرسائل المطلوبة بدقة متناهية وتمتلك رؤية امنية لتتعامل مع ادارة بلد عليها الكثير من علامات الاستفهام الدولية …
يظهر لنا حجم ثقة الحكومة العراقية بشخص السيد الشطري وقدراته وامكانياته ..وما سيقوم به من مهمات مستقبلية تخص ملفات حساسة .. ملفات خارجية متشابكة تتعلق بالامن القومي العراقي والاقليمي …
المهمة الاولى للسيد رئيس جهاز المخابرات كانت المهمه الاولى الاصعب والاختبار الاكبر لدور المخابرات العراقية في المرحلة القادمة ..لم يقم رئيس جهاز مخابرات بمهمة معلنة بهذا الحجم من الاهمية ..
المهمة التي يبدو انها نجحت في وضع خارطة طريق للتعامل مع ملفات مشتركة مع الجانب السوري …
انتقدت جهات وشخصيات كثيرة خطوات الحكومة وذهب البعض منها الى اطلاق تصريحات عاطفية غير منطقية منتقدا تعامل الحكومة العراقية مع الادارة السورية الجديدة …
في عالم السياسة لابد للحكومات من ان تتعامل مع نظيراتها بطريقة دبلوماسية تعتمد على تغليب المصلحة الوطنية العليا والنظر الى الامن القومي للبلد بكونه الهدف الاعلى والاسمى .
لايمكن للحكومة ان تتخذ موقفا خارج اطار العلاقات الدولية والدبلوماسية. الحكومات تتعامل مع المتغيرات بحكمة وحنكة ولا تتخذ مواقفا معادية رافضة او مواقفا مرحبا استنادا الى مراحل سابقة بل تبني مواقفها بناءا على المعطيات الحالية تراقب وتقيم وتقرر ضمن سياق دبلوماسي دولي رصين.
ان موقع الادارة السورية الحالية دوليا في منظومة العلاقات الدولية والدبلوماسية هو من سيحدد تعامل الدول مع هذه الادارة .
ان زيارة السيد الشطري الى سوريا خطوة مباركة وكبيرة ومهمة تعكس عودة العراق بقوة الى دوره الريادي والقيادي في التعامل مع ملفات اقليمية ودولية ويؤسس لدور جديد لجهاز المخابرات العراقي في دعم الحكومة في سياساتها الخارجية وبناء علاقاتها الدولية.