حرية ـ (5/1/2025)
الدكتور صفاء الوائلي
من اهم مواصفات المنظومات الامنية هو قدرتها على التكيف مع المتغيرات وسرعة الاستجابة لها مع توافر مقومات التهيوء والاستعداد لكل طارئ.
العمل الامني الوقائي هو عمل قائم على فهم عميق لعوامل وعناصر الوضع الامني داخليا وخارجيا وهو عمل يوظف الموارد المادية والبشرية والجهود والامكانيات الفنية والادارية التي من شأنها المساعدة في تأسيس قاعدة عمل امني وقائي يعتمد على ادارة المخاطر بدلا من ادارة الازمات او ادارة الطوارئ.
تعمل الاجهزة الامنية باتجاهين عادة..الاتجاه الاول يعتمد على عملية تشخيص وتقييم المخاطر التي تواجه البلدان بمختلف انواعها السياسية والافتصادية والامنية والاجتماعية وتحديد مستوى تاثيرها وامكانية حدوثها من خلال وضع سيناريوهات واقعية وتحديد التهديدات التي من الممكن ان تواجه الامن القومي العراقي يتم ذلك من خلال تشكيل لجنه او فريق ادارة مخاطر كفوء يأخذ على عاتقه دراسة الواقع الامني وتشخيص نقاط الضعف الموجودة في المنظومة الامنية الحالية وكذلك التهديدات التي تشكلها المجاميع الارهابية والاجرامية بالاظافة الى اي اخطار اخرى تتعلق بالسلامة الوطنية كالكوارث الطبيعية.
هذا لايعني الاعتماد فقط على الاسلوب الوقائي في ادارة الامن والسلامة بل يتعداه الى الاتجاه الثاني المتمثل بوضع خطط استجابة للازمات والطوارئ التي قد تحصل فيما لو فشلت خطط ادارة المخاطر لاي سبب كان او حصلت ازمة او حالة طارئة خارج اطار حسابات ادارة المخاطر.
ان تشكيل فريق وطني لادارة المخاطر الامنية يأخذ على عاتقه اعداد خطة وطنية شاملة للامن القومي اصبح ضرورة ملحة في خضم التطورات والمتغيرات التي حصلت والتي قد تحصل في الفترات القادمة.
يجب ان تكون هذه الخطة مرنة وقابلة للتحديث المستمر من خلال فريق المراقبة والتنفيذ المسؤول عن مراقبة المتغيرات واعداد التوصيات اللازمة من اجل تحديث الخطة بحيث تكون الخطط الموضوعة غير جامدة و قادرة على التعامل مع الوضع ومتغيراته وبشكل سريع.
تعتمد البلدان المتقدمة بهذا الاتجاه وتستعين بالخبرات الاكاديمية الفنية المتخصصة من مختلف القطاعات والاجهزة الامنية بل وحتى المؤسسات الحكومبة والاكاديمية تغذي الفريق الوطني لادارة المخاطر بالخبرات من خلال استقطاب الكفاءات والخبرات.
كما يجب بناء قاعدة بيانات وطنية وتزويدها بالاجهزة والتقنيات اللازمة والخاصة بهذا العمل وتخصيص موازنة مالية كافية لهذا الغرض وتصميم برامج تدريب للفريق الوطني.
اصبح العمل الامني الوقائي او الاستباقي بكل مفاصله ضرورة ملحة تختصر الوقت وتوفر الجهود وتقلل الاضرار والخسائر المادية والبشرية.
في المملكة المتحدة على سبيل المثال تجد الاف المؤسسات البحثية المتخصصة بالدراسات الامنية والتي تسمى بمراكز الفكر او كما اسميها بالترسانات الفكرية تاخذ على عاتقها العمل على اعداد دراسات باختصاصات مختلفة وهي مؤسسات ساندة وداعمة للاجهزة الامنية والحكوميةالمختصة.
ان وجود مراكز دراسات وفكر حقيقية يتم تأسيسها على اسس مهنية وعلمية رصينة ودعمها ماديا ومعنويا سيعزز المنظومات الحكومية بالدراسات التي تعالج مشاكل الامن القومي للبلد بل واي مشاكل قطاعية اخرى كالمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحيث تعمل تلك المؤسسات ومراكز الدراسات ومراكز الفكر كل حسب اختصاصه في تحديد المشاكل ووضع الحلول الجذرية والمنطقية على ان تكون جزءا من الفريق الوطني لادارة المخاطر.
يجب ان يستفيد العراق من خبرات الاخرين وتجاربهم ونرى ان الاوان قد حان للبدأ بتأسيس منظومة مؤسساتية حديثة ومختلفة و رصينة لادارة المخاطر الامنية تعمل بشكل علمي وفق مناهج صحيحة تضم عناصر كفوءة.