5/1/2025
احمد الحمداني
تُعد الساحة السياسية العراقية واحدة من أكثر الساحات تعقيدًا في الشرق الأوسط، حيث تكثر التحالفات والتغيرات السياسية التي تتأثر بالكثير من العوامل المحلية والإقليمية.
من بين الأسماء البارزة التي تلعب دورًا رئيسيًا في السياسة العراقية، يأتي السيد مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، الذي أثبت حضوره في التأثير على الواقع السياسي العراقي.
ومع ذلك، هناك إمكانية تحالفه مع حزب دعاة الاسلام (الدعوة تنظيم العراق)، في تحالف سياسي يمكن أن يكون ذا تأثير كبير على الساحة العراقية.
فهل يمكن أن يشكل هذا التحالف قوة سياسية تقلب موازين القوى في العراق؟
زعيم ذو تأثير شعبي واسع
يشكل السيد مقتدى الصدر أحد أبرز القادة السياسيين في العراق اليوم.
يتمتع الصدر بقاعدة شعبية واسعة، تتوزع بين الفقراء والمحرومين، خاصة في المناطق الجنوبية من العراق، حيث يشتهر بمواقفه الوطنية والتزامه بالدعوة للإصلاح ومحاربة الفساد.
رغم أن السيد الصدر قد يكون قد خاض في الماضي صراعات مع قوى سياسية أخرى في العراق، إلا أن دوره في التحولات السياسية لم يكن ليُغفل أبدًا.
ومع تزايد التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه العراق، الصدر لاعبًا رئيسيًا في أي تحالفات أو مشهد سياسي قادم.
تحركاته الأخيرة تُظهر رغبة في الانفتاح على تشكيل تحالفات استراتيجية جديدة قد تشمل بعض القوى السياسية التقليدية مثل حزب الدعوة تنظيم العراق.
محط أنظار التحالفات
حزب الدعوة، الذي كان تاريخيًا أحد الأعمدة السياسية التي قام عليها النظام العراقي بعد 2003، قد شهد تحولًا كبيرًا في الآونة الأخيرة.
مع خالد الأسدي، الذي يُعتبر من الشخصيات المؤثرة في السياسة العراقية يحظى الحزب بقاعدة مناصرة لا يستهان بها، خاصة في الأوساط الشيعية، وهو ما يجعله شريكًا رئيسيًا في أي تحالف سياسي.
بجانب دور تنظيم العراق، الذي يسعى إلى التواجد كلاعب سياسي مؤثر، قد أظهر أيضًا اهتمامًا بتحقيق تحالفات استراتيجية مع القوى السياسية الأخرى، خصوصًا تلك التي تشارك نفس الرؤية الإصلاحية.
لذلك، فإن تحالفًا بين مقتدى الصدر وحزب الدعوة يمكن أن يشكل مزيجًا قويًا بين الكتلة الشعبية القوية للصدر وبين الخبرة السياسية والإدارية لحزب تنظيم العراق.
تحالف سياسي مع حزب “تقدم”
أي تحالف سياسي في العراق في الوقت الراهن لا يمكن أن يُتجاهل فيه حزب “تقدم” بزعامة محمد الحلبوسي.
الحلبوسي الذي شغل منصب رئيس مجلس النواب، لديه قدرة كبيرة على تجميع القوى السنية ودفعها نحو تحالفات مؤثرة في الساحة السياسية.
يمكن لهذا التحالف أن يجذب الكثير من الدعم الشعبي في المناطق السنية، مما يعزز قوة تحالف الصدر وحزب الدعوة على المستوى الوطني.
الحلبوسي يُعتبر أيضًا شخصية محورية في تحولات السياسية العراقية، وتحالفه مع مقتدى الصدر ودعاة الاسلام تنظيم العراق يمكن أن يكون بمثابة عنصر توازن مهم في المشهد السياسي العراقي المأزوم.
الحزب الشيوعي والحركات التشيرينية في التحالف
لا يمكن ابداً إغفال دور الحزب الشيوعي العراقي وبعض الحركات التشيرينية التي ظهرت بعد 2019.
رغم أنها حركات ذات توجهات مختلفة، إلا أنها تشترك في المطالبة بالإصلاحات السياسية، محاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
لهذه الحركات قاعدة شعبية قوية بين الشباب العراقيين، الذين يطالبون بتغيير جذري في النظام السياسي.
تحالف بين مقتدى الصدر وحزب الدعوة تنظيم العراق مع تقدم والاحزاب التشرينية والشيوعيين يمكن أن يشكل نقطة تحول كبيرة، حيث يجمع بين القوى التقليدية والإصلاحية والشبابية، مما يخلق أرضية خصبة للتغيير السياسي في البلاد.
إمكانية نجاح هذا التحالف تحديات وفرص
رغم أن التحالف بين هذه القوى يبدو مثيرًا للاهتمام من الناحية الاستراتيجية، إلا أنه سيواجه العديد من التحديات.
أولا، هناك اختلافات عقائدية وأيديولوجية بين الصدر وحزب دعاة الاسلام تنظيم العراق، حيث يميل الصدر إلى الانفتاح على التحالفات الشعبية، بينما يتبنى حزب الدعوة سياسة أكثر تقليدية.
ثانيا، الخلافات بين القوى الشيعية والسنية قد تخلق صعوبة في تنسيق المواقف السياسية بين الأطراف المختلفة.
لكن رغم هذه التحديات، فإن الفرص التي يوفرها هذا التحالف كبيرة.
فالاتفاق بين هذه القوى على الإصلاح ومحاربة الفساد يمكن أن يساعد في كسب تأييد الشعب العراقي، الذي يعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة.
وبوجود دعم من الحركات الشبابية والشيوعية، يمكن لهذا التحالف أن يصبح قوة سياسية قادرة على تحدي النظام السياسي القديم في العراق.
تحالف السيد مقتدى الصدر مع حزب دعاة الاسلام تنظيم العراق، بمشاركة حزب “تقدم” والحركات الشيوعية والتشيرينية، يمكن أن يشكل نقلة نوعية في السياسة العراقية وهناك نقاطة مهمة للقاء حيث قرر التيار الصدري ترك مقاعده البرلمانية، و قرر حزب الدعوة تنظيم العراق الانسحاب من الإطار التنسيقي وادارة الدولة وعدم المشاركة في حكومة الإطاربالإضافة إلى ذلك محمد الحلبوسي والحزب الشيوعي وبعض الحركات التشيرينية لديها موقف من الوضع الحالي.
وأرى أن التحالف بين التيار الصدري وحزب الدعوة تنظيم العراق خطوة استراتيجية ناتجة عن التقارب في الرؤى السياسية وعدم وجود خلافات جوهرية بين قيادات الحزبين، ما يعزز إمكانية نجاح هذا التحالف.
إن هذا التحالف يحمل أهمية كبيرة في تقديم بديل غير تقليدي للعملية السياسية في العراق، بعيدًا عن التكتلات التقليدية.
وبغض النظر عن الحجوم الانتخابية المتوقعة، يمكن للتحالف بين الصدريين و الدعوة تنظيم العراق أن يقدم رؤية جديدة تهدف إلى الإصلاح والتنمية وفقًا للثوابت الوطنية لكلا الطرفين.
يعد هذا التحالف نواة لمنافسة تحالف الإطار التنسيقي، مما يعزز التعددية السياسية ويكسر التقليدية.
أما بالنسبة لحركات تشرين، فهي تمثل قوة شبابية مهمة يصعب دمجها مع الحزب الشيوعي، رغم فشل التحالفات السابقة بين الشيوعيين والصدريين، إلا أن نجاح هذا التحالف يتطلب إعادة تقييم وتبني أفق سياسي أكثر توافقًا ومرونة.
إذا نجحت هذه القوى في تجاوز خلافاتها وتوحيد جهودها، فإنها قد تتمكن من تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية وملف العلاقات الخارجية والداخلية والملف الامني في العراق، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا للشعب العراقي.
في النهاية، يبقى المشهد السياسي العراقي مرنًا ويعتمد على قدرة هذه القوى على التحرك بذكاء سياسي وتقديم حلول واقعية للأزمات التي يواجهها البلد.