حرية ـ (7/1/2025)
بعد تمكن أي مجموعة في أي بلد من إطاحة النظام القائم وتسلم مقاليد السلطة، من الطبيعي أن تضع يدها على كل مقدرات الدولة بما فيها أموال المؤسسات والمرافق العامة وآليات الجيش وثروات بعض رموز النظام السابق التي غالبا ما تكون جمعت بطرق غير مشروعة. هذا تماما ما حرص عليه أحمد الشرع وأعوانه، وقد ظهر في بعض مقاطع الفيديو المصورة التي أظهرت إصرار مسلحي “هيئة تحرير الشام” على تسلم كل قطع السلاح وآليات عناصر فرق الجيش السوري قبل فرارهم، باعتبار أن هذا العتاد هو ملك للدولة السورية.
تصرف المسلحين هذا يدل على توجه عام للقيادة الجديدة لمصادرة كل ما كان في حوزة النظام المخلوع والقادة الهاربين، وقد لا يكون مستبعدا أن يتخطى هذا التوجه الحدود الجغرافية لسوريا ليطال كل أموال الدولة وممتلكاتها ورموز النظام السابق في الخارج، ومنها في لبنان حيث تردد أن بعض كبار الضباط السوريين والمقربين من آل الأسد حطوا رحالهم في مناطق لبنانية.
في هذا الإطار، لا بد من التساؤل عن المسار القانوني الذي قد يصار إلى اعتماده في حال اتخاذ القرار في دمشق باسترجاع أموال السوريين من بعض رموز النظام الأسدي التي لها حسابات كبرى في بعض المصارف اللبنانية.
يرى رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الدكتور بول مرقص أن “القانون المتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ينظم التعامل مع الحسابات المصرفية المطلوب رفع السرية عنها، بحيث يأتي الطلب من السلطات الأجنبية إلى الحكومة اللبنانية التي تحيل الأمر بالتسلسل على هيئة التحقيق الخاصة، ويمكن وحدة الإخبار المالي في سوريا أن تحيل الإخبار مباشرة على هيئة التحقيق الخاص في مصرف لبنان، بعد ذلك تنظر هيئة التحقيق الخاصة بالحسابات، فتوافق على رفع السرية المصرفية، أو ترفض، يمكن وقد تجمد هذه الحسابات إذا ارتأت الهيئة ذلك”.
ووفق مرقص، لا يمكن المصارف اللبنانية الامتثال لأي طلب في هذا الخصوص إلا من هيئة التحقيق الخاصة.
من جهته، يعتبر المحامي والأستاذ الجامعي عادل يمين أن “هذا القانون المعجل الذي يحمل الرقم 44 الصادر في تاريخ 24/11/2015 والمتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب هو المادة القانونية التي تتناول هذه المسألة بالتفصيل، شارحا أنه “يقصد بالأموال غير المشروعة، بمفهوم هذا القانون، الأصول المادية أو غير المادية المنقولة أو غير المنقولة، بما فيها الوثائق أو المستندات القانونية التي تثبت حق ملكية تلك الأصول أو أي حصة فيها، الناتجة من ارتكاب أو (محاولة ارتكاب) جرائم يُعاقب عليها، حددها القانون عينه، أو الاشتراك فيها، سواء حصلت في لبنان أو خارجه”.
وبحسب يمين “تنشأ لدى مصرف لبنان هيئة لها طابع قضائي بحت، ولا تخضع في ممارسة أعمالها لسلطة المركزي، وتسمى هيئة التحقيق الخاصة”.
ممّن تتشكل هذه الهيئة التي يمكن أن ترفع السرية وتجمد أي حساب مصرفي؟
استنادا إلى القانون المذكور، تتألف “هيئة التحقيق الخاصة” من حاكم مصرف لبنان، وفي حال تعذر حضوره، من ينتدبه من بين نوابه، ويتخذ صفة الرئيس لهذه الهيئة، كما تضم أربعة أعضاء آخرين هم كل من القاضي المعين في الهيئة المصرفية العليا ورئيس لجنة الرقابة على المصارف وعضوان، أحدهما أصيل والآخر رديف، يعيّنهما مجلس الوزراء، شرط أن تتوافر فيهما خبرة لا تقل عن 15 سنة في مجال القانون المالي أو المصرفي.