حرية – 8/1/2025
أحمد الحمداني
إن ما يحدث في فلسطين وغزة تحديدًا، وما يعانيه الشعب الفلسطيني من قتل جماعي وتشريد وتدمير مستمر، هو جريمة بشعة ومستمرة لا يمكن التغاضي عنها أو تبريرها تحت أي مسمى من مسميات “الدفاع عن النفس” أو “الأمن القومي”.
إن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية في لبنان وسوريا لا يعكس فقط تجاوزًا للقوانين الدولية بل أيضًا استخفافًا بحقوق الإنسان وتجاهلًا لمبادئ العدالة التي يفترض أن تحكم العالم.
ما يزيد الوضع تعقيدًا هو الدعم المستمر من القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لإسرائيل، في وقت تتجاهل فيه معاناة الفلسطينيين وتستمر في دعم الاحتلال بكل الوسائل الممكنة.
تأتي تلك القوى الكبرى إلى طاولة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وتستخدم القرارات الدولية لصالح إسرائيل بينما تغض الطرف عن انتهاكات الاحتلال المستمرة.
بموجب هذا الدعم، يتم استخدام القرارات الدولية والتأييد السياسي كغطاء للممارسات الوحشية التي لا تعد ولا تحصى، مثل القصف العشوائي على المدنيين وتدمير البنية التحتية.
في المقابل، أي هجوم أو رد فعل من الشعب الفلسطيني أو أي جهة عربية ضد الاحتلال الإسرائيلي يعتبر من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل “إرهابًا”، يتم تصنيفه في مجلس الأمن الدولي باعتباره تهديدًا للأمن العالمي.
ومن ثم تأتي العقوبات الدولية، وكأن الظلم الذي يعانيه الشعب الفلسطيني ليس هو التهديد الحقيقي للأمن العالمي.
وفي هذا السياق، يبدو أن هناك تضليلًا دوليًا كبيرًا في تفسير الحقائق، حيث يتم تقديم إسرائيل كدولة ضحية بينما الواقع يعكس بشكل مؤلم أن فلسطين هي الضحية الحقيقية.
إن هذا الموقف الدولي الذي يعزز موقف إسرائيل ويصمت على جرائمها يعكس حقيقة قاسية، وهي أن السياسة الدولية ليست محكومة بالعدالة والمساواة بل بالمصالح الكبرى التي تحركها قوى نافذة.
وبالرغم من كل المظالم والدماء التي تراق، يبقى المجتمع الدولي مشلولًا وعاجزًا عن اتخاذ موقف حازم لوقف هذه الفظائع.
ولا يزال العالم يعيش في ظل توازنات دولية مختلة لا تراعي حقوق الإنسان ولا تلتزم بالقيم الأساسية التي تقوم عليها الأمم المتحدة.
ورغم المساعدات والتأييد الدولي لإسرائيل، يبقى الوضع في غزة والضفة الغربية وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة مأساويًا بشكل متزايد.
ومع كل قصف وكل هجوم على المدنيين، يظهر بوضوح أن هناك استهدافًا متعمدًا للإنسان الفلسطيني حيث قالت “وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة يوم الثلاثاء إن 45885 فلسطينيا على الأقل قتلوا وأصيب 109196 جراء الهجوم الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023″، لا بل إن الحصار المفروض على غزة يعد جزءًا من مخطط أكبر للسيطرة على الأرض وتجويع وتدمير كل أمل في بناء مستقبل للفلسطينيين.
وفيما يتعلق بمستقبل المنطقة، فإنه لا يمكن التكهن بما هو قادم.
ومع تنامي الدعم الدولي لإسرائيل، قد يزداد الوضع تعقيدًا، خاصة مع تصاعد المقاومة الفلسطينية التي تهدد بأن تكون ردًا على الاحتلال المستمر.
أما الدول العربية في فلسطين ولبنان وسوريا، فهي أيضًا تحت وطأة الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية، مما يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي ويحول المنطقة إلى ساحة معركة مفتوحة بين قوى الاحتلال وقوى المقاومة.
إن الحلول العادلة والمستدامة لهذه الأزمة تبدو بعيدة المنال، في ظل الدعم الذي تحظى به إسرائيل من القوى الكبرى والمواقف الدولية التي تعكس عدم اكتراث بالحقوق المشروعة للشعوب العربية.
لكن لا بد من أن يستمر المجتمع الدولي في كشف الحقيقة ومحاسبة القوى التي تدعم الاحتلال وتساعد في استمرار هذه المأساة.
فالعدالة لن تتحقق إلا بالوقوف ضد الظلم والإرهاب الذي تمارسه إسرائيل، وتوفير الدعم الكامل للحقوق الفلسطينية والعربية في العودة إلى أراضيهم واستعادة كرامتهم.