حرية ـ (9/1/2024)
الدكتور صفاء الوائلي
لايمكن لاي شخص ان ينكر حجم الانجازات والنجاحات التي حققتها الحكومة العراقية وعلى جميع المستويات وكمراقب مستقل للاحداث واكاديمي استطيع القول ان حكومة السيد السوداني قد حققت الكثير منذ توليها مقاليد المسؤولية رغم المشاكل والتركات الثقيلة التي فرضها الوضع العراقي منذ التغيير سنة ٢٠٠٣.
منذ الايام الاولى التي تسلمت فيها حكومة السيد السوداني المسؤولية كانت هناك رهانات على ما ستقدمه الحكومة وهل ستستطيع تنفيذ برنامجها الحكومي والايفاء بوعودها ام انها ستكون حكومة تكميلية لسياسات الحكومات السابقة.
اثبت السيد السوداني دقة قرائته للوضع العراقي وفهمه العميق والدراية بما يعانيه العراق حيث قام بتشخيص النقاط والاتجهات الواجب العمل عليها فيما يتعلق بملفات تخص مستقبل العراق واستقراره وازدهاره داخليا وخارجيا.
لانقول ان السيد رئيس الوزراء استطاع تغيير الواقع في العراق بشكل كامل الا انه اتخذ خطوات مهمة تصب في مصلحة العراق وعمل بشجاعة وثقة على اطلاق مشاريع ومبادرات وتحركات كبيرة شكك الكثير بامكانية انجازها حيث حققت الحكومة انجازات كبيرة وواضحة وتعاملت بكفاءة مع التحديات وتعاطت مع ملفات معقدة بروية وبذكاء كان له تأثيرا واضحا على الوضع العراقي وعلى اداء الحكومة تجاه القضايا المختلفة.
ربما ينتقد البعض سياسات الحكومة فيما يتعلق بملفات معينة الا اننا نعلم جيدا حجم التحديات والعقبات التي واجهت الحكومة وعلى كافة المستويات.
ان التعامل الشجاع والتصدي الكفوء للمسؤولية التي قام بها السيد محمد شياع السوداني في التعامل مع الملفات المتشابكة والتركة الثقيلة والتعارضات والمعارضات السياسية التي حاولت عرقله جهوده كان انجازا كبيرا وبكل المقاييس والاعتبارات حيث حقق ما عجزت عن تحقيقه حكومات سابقة.
ان فترة حكم السيد السوداني هي مرحلة معقدة وصعبة داخليا وخارجيا.
يتصف السيد السوداني بصفة مميزة لم يتصف بها رئيس وزراء سابق وهي صفة الفهم العميق للوضع العراقي داخليا وللوضع الاقليمي والدولي خارجيا وكذلك متابعته الدقيقة للتطورات واتخاءه قررات واجراءات وخطوات سريعة تجاه قضايا الساعة وهذه الصفة المهمة تعكس الرؤية الدقيقة والمستدامة التي يجب ان يتمتع بها المسؤول.
على المستوى الخارجي كان اداء الحكومة متميزا في التعاطي مع الاحداث الاقليمية بدءا من الحرب في غزة الى لبنان الى الوضع السوري حيث كان للسياسة الخارجية الحكومية الناضجة اثرا كبيرا في لعب دور محوري وجوهري في التعامل مع الازمات الاقليمية بحنكة جنبت العراق مخاطر كبيرة.
استطاع السيد السوداني ان يجعل العراق لاعبا مهما في المعادلة الاقليمية والدولية وتحقق ذلك من خلال زيارات ناجحة جدا الى دول الجوار والمحيط العربي بالاظافة الى الاتصالات المستمرة مع الدول الاخرى.
حجم الضغط والتعقيد في المشهدين الداخلي والخارجي للعراق لم تكن سهلة ابدا.
ملفات داخلية متشابكة وملفات اخرى خارجية لا تقل تشابكا او تعقيدا وضعت الحكومة امام اختبارات ليست سهلة خرجت منها بنجاح بل وذهبت الى ابعد من الخروج من هذه المواقف الى اخذ دور مهم في مجريات الاحداث واتخذت الحكومة مواقفا قوية وصلبه امام الضغوطات التي تعرضت وتتعرض لها بشكل مستمر مستفيدة من حالة الحراك والدبلوماسية التي مارستها بكثافة.
يذهب البعض الى التشكيك بمنجزات الحكومة او قدرتها على الاستمرار في التعاطي مع التحديات ويطلق البعض تكهنات فيما سيتعرض له العراق في الفترة القادمة.
العراق يمتلك صمامات امان كثيرة ولايمكن لاي جهة كانت داخلية او خارجية ان تعيد العراق الى مراحل سابقة وكل ما يطرحه البعض من سناريوهات تشاؤمية بعيدة كل البعد عن الواقع. العراق اليوم يختلف عن عراق ما قبل ٢٠١٧.
من المؤكد وجود تهديدات معينه من اطراف معينة الا ان المعطيات تشير الى ان الحكمة موجودة وان العرق يعلم حجم التهديدات والتحديات التي تواجهه ولا يستطيع اي طرف ان يغامر بمحاولة ارجاع العراق الى مراحل سابقة او يحاول اعادة سيناريوهات سابقة.
السياسة الحكومية سياسة ناضجة وكفوءة في فهم المتغيرات وتعمل على الحفاظ على الانجازات وتتعامل مع المتغيرات والتطورات بحكمة اكبر.
على جميع الاطراف ان تسند الجهد الحكومي وتدعم سياسة الحكومة الداخلية والخارجية والتصرف بواقعية ونضج من اجل تجنب احراج الحكومة او وضع العراق في موقع صعب.
على الجميع ان يدرك ان الامور لا تدار بالعاطفة لان السياسة تتطلب تعاملا ذكيا مع جميع الاطراف وعلينا ان نفهم ان الوضع الاقليمي والدولي الان مختلف تماما ويجب التعامل معه وفق سياسة التفهم والانفتاح والاحتواء لا التعصب والانزواء. وانا هنا لا ادعو باي شكل من الاشكال الى المصافحة السياسية مع الاعداء بل ادعو الى التعامل بواقعية وذكاء اكبر مع التحديات والتهديدات وان يتم توحيد الخطاب وتوحيد الجهود تجاه القضايا المهمة تلك التي لها تاثير على واقع العراق ومستقبله.