حرية ـ (12/1/22025)
جيفري كمب
في السادس من يناير 2025، انعقد الكونجرس الأميركي من أجل المصادقة على نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت في الخامس من نوفمبر. هذا الحدث المهم ترأسته نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي صدّقت على خسارتها في الانتخابات وأقرت فوز منافسها دونالد ترامب.
وكانت المراسم مشابهة لكل المصادقات السابقة مع استثناء دراماتيكي واحد هو ما حدث في السادس من يناير 2021. ذلك اليوم سيبقى منقوشاً في الذاكرة بسبب ما شهده من عنف وفوضى ومحاولة أنصار دونالد ترامب منع الكونجرس فعلياً من أداء واجبه في التصديق على فوز جو بايدن في انتخابات 3 نوفمبر 2020. أعمال العنف التي وقعت في ذلك اليوم سُجلت على عشرات الفيديوهات وكاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة، وأسفرت عن وقوع قتلى ودمار وفوضى في قاعات الكونجرس الموقر.
فقد احتُلت مكاتب زعماء الكونجرس ودُنست، بما في ذلك مكتب رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي. ودعا المقتحمون إلى شنق نائب الرئيس مايك بنس لأنه رفض الامتناع عن التصديق على فوز بايدن. وطوال هذه الفوضى، جلس دونالد ترامب، الذي دعا إلى المسيرة إلى مبنى الكابيتول، في البيت الأبيض وحيداً يتابع أعمال الشغب على شاشة التلفاز لأكثر من ساعتين. ولم يدعُ إلى إنهاء التمرد إلا بعد مناشدات عديدة من قبل موظفيه وعائلته.
وبعد ذلك بأسبوع، تم عزل ترامب من قبل مجلس النواب للمرة الثانية، ولكن مجلس الشيوخ فشل في إدانته بأغلبية 60 صوتاً اللازمة. ذلك أن العديد من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين استنكروا سلوكه في السادس من يناير لم يصوّتوا ضده لأنهم كانوا مقتنعين بأنه لن يصبح المرشح «الجمهوري» للرئاسة مرة أخرى.
ولكن ها نحن ذا بعد 4 سنوات على ذلك مع ترامب الذي سيصبح رئيساً للولايات المتحدة مرة أخرى في 20 يناير. ترامب أمضى 4 سنوات وهو يصر على أن انتخابات 2020 كانت مزورة، وأن الاحتجاجات في مبنى الكابيتول كانت سلمية في الغالب، وأن العنف تم تضخيمه والمبالغة فيه. وقد وعد بالعفو عن العديد ممن أدينوا وأودعوا السجن بسبب جرائم جنائية، وإن كان من غير الواضح بعد ما إن كان سيفي بهذا الوعد. وهو ما اعتبرته أصواتٌ محافظة مهمة، بما في ذلك هيئة تحرير صحيفة «وول ستريت جورنال»، فكرة سيئة جداً.
ما هو واضح في الوقت الراهن هو أن ترامب سيؤدي اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. وفي 20 يناير، سيدعو الرئيسُ المنتهية ولايته الرئيس المنتخب ترامب إلى البيت الأبيض قبيل المراسم، وسيكون حاضراً حينما يؤدي ترامب اليمين الدستورية، ويلقي خطاب التنصيب. الكثيرون يعتقدون أنه لو أن نتائج الخامس من نوفمبر منحت كمالا هاريس الفوز، لكان قبول النتيجة مختلفاً. والواقع أن لا أحد يعلم ما إن كانت ستحدث أعمال عنف مرة أخرى لو أن ترامب خسر؛ غير أن هناك العديد من مؤيدي تيار «اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى» الذين يرون أن الطريقة الوحيدة التي كان من الممكن أن تفوز بها هاريس هي الغش.
كما أن عدداً كبيراً من الناخبين «الجمهوريين» أشاروا إلى أن العنف في ظل هذه الظروف سيكون مقبولاً. آراء تمثِّل قطيعة كبيرة مع التقاليد الأميركية. فعندما خسر نائب الرئيس ريتشارد نيكسون بفارق ضئيل في 1960 أمام جون كينيدي لم تكن هناك احتجاجات عنيفة، بل إن نيكسون نفسه ترأس مراسم التصديق على هزيمته، وكذلك فعل نائب الرئيس آل غور في عام 2000 حينما خسر بفارق بضع مئات من الأصوات أمام جورج دبليو بوش. وعندما خسر الرؤساء جيرالد فورد وجيمي كارتر وجورج بوش الأب بعد ولاياتهم الأولى، لم يلمّح أي منهم إلى أن الانتخابات كانت مزورة أو أن العنف كان خياراً ممكناً. فهل سيستخدم ترامب السنوات الأربع في ولايته الثانية لمحاولة إقناع الأميركيين بأن ما حدث في انتخابات 2020 كان مبرراً، وبأن التمرد كان احتجاجاً سلمياً في الأساس؟ الواقع أن الدلائل الدامغة على ما حدث يوم 6 يناير 2021 ستجعل ذلك مهمة صعبة.