حرية ـ (29/1/22025)
احمد الحمداني
يواجه الجيل الجديد، المتمثل في الشباب الذين يدخلون سوق العمل اليوم، مجموعة من التحديات التي تختلف عن تلك التي واجهتها الأجيال السابقة في عالم يتسم بسرعة التغيير والتطور التكنولوجي السريع، باتت تلك التحديات أكثر تعقيدًا ومتعددة الأوجه.
في هذا المقال، سنستعرض بعضًا من أبرز هذه التحديات وكيف يمكن للجيل الجديد التكيف معها لتحقيق النجاح في سوق العمل.
أصبح سوق العمل اليوم أكثر تنافسية من أي وقت مضى. فمع تزايد أعداد الخريجين سنويًا، يواجه الشباب تحديًا كبيرًا في العثور على فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتهم وطموحاتهم زيادة العرض على الوظائف مقارنة بالطلب يجعل المنافسة أشد ما يتطلب من الشباب التميز بمهارات إضافية أو خبرات عملية تمكنهم من التفوق على غيرهم.
وفي عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أصبحت معظم الوظائف تتطلب مهارات تكنولوجية متقدمة.
الجيل الجديد مطالب بتعلم مهارات جديدة باستمرار لمواكبة التغييرات السريعة في هذا المجال. قد يشعر البعض بالتحدي بسبب الفجوة بين ما تعلموه في الدراسة الأكاديمية ومتطلبات السوق العملية التي تعتمد بشكل كبير على التقنيات الحديثة.
أحد أكبر التحديات التي يواجهها الشباب هو الحاجة إلى الحصول على خبرة عملية للحصول على وظيفة.
العديد من الوظائف اليوم تطلب خبرة سابقة، ما يجعل من الصعب على الخريجين الجدد دخول السوق دون وجود تاريخ مهني.
هذا قد يدفع الكثير منهم إلى العمل في وظائف مؤقتة أو تدريبية لفترات طويلة دون الحصول على أجر مناسب أو فرصة حقيقية للنمو المهني.
التحديات التي يواجهها الجيل الجديد أيضًا، هو كيفية تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
قد تتطلب الوظائف الحديثة ساعات عمل طويلة وأحيانًا تتداخل مع الأوقات الشخصية، مما يؤدي إلى صعوبة في تحقيق هذا التوازن.
الشباب اليوم أصبحوا أكثر وعيًا بأهمية الصحة النفسية والتوازن في الحياة، ما يزيد من الضغوطات التي يواجهونها في محاولة التوفيق بين احتياجاتهم الشخصية ومتطلبات العمل.
بعد تفشي جائحة كوفيد-19، أصبحت الوظائف عن بُعد أكثر شيوعًا وهو ما قد يمثل تحديًا للجيل الجديد في التكيف مع هذا النوع من العمل.
رغم أن العمل عن بُعد يوفر مزايا مثل الراحة والمرونة، إلا أنه يأتي مع تحديات تتعلق بإدارة الوقت، الانضباط الذاتي، والعزلة الاجتماعية. قد يواجه البعض صعوبة في التعامل مع هذه الجوانب، ما يتطلب مهارات جديدة في التنظيم والتحفيز الشخصي.
على الرغم من أن المعرفة التقنية والمعرفة المتخصصة مهمة جدًا في سوق العمل، إلا أن المهارات الناعمة أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى. مهارات مثل التواصل الفعّال، التعاون، القيادة، وحل المشكلات، أصبحت أساسية للنجاح في بيئات العمل الحديثة.
الجيل الجديد قد يجد صعوبة في تطوير هذه المهارات التي تتطلب تفاعلًا اجتماعيًا وتجربة عملية مستمرة.
يميل العديد من الشباب اليوم إلى أن يكون لديهم توقعات مرتفعة حول الوظائف التي يريدونها، وهو ما قد يواجه تحديًا في واقع سوق العمل الذي قد لا يواكب هذه التوقعات. قد يتوقعون الحصول على وظائف مرموقة برواتب مرتفعة فور التخرج، وهو ما قد يكون بعيد المنال في البداية. التكيف مع الواقع يتطلب مزيدًا من الواقعية والمرونة في التعامل مع أولى خطواتهم المهنية.
تأثرت العديد من الاقتصادات العالمية بالأزمات الاقتصادية والمالية، وهو ما جعل سوق العمل أكثر صعوبة. التباطؤ الاقتصادي، والأزمات العالمية أثرت بشكل كبير على الوظائف المتاحة وفرص التوظيف.
التحديات الاقتصادية قد تؤدي إلى تقليص الشركات لعدد الموظفين أو إلى تقديم شروط وظروف عمل أقل من المتوقع.
رغم هذه التحديات، يمكن للجيل الجديد التغلب عليها من خلال اتخاذ بعض الخطوات الاستراتيجية:
التعلم المستمر: يجب على الشباب الاستثمار في تطوير مهاراتهم بشكل دائم، سواء من خلال الدورات التدريبية أو التعلم الذاتي، لمواكبة التقدم التكنولوجي.
التطوع والتدريب: للحصول على خبرة عملية، يمكنهم الانخراط في فرص التدريب أو التطوع في مجالاتهم المستهدفة لبناء سيرة ذاتية قوية.
تنمية المهارات الاجتماعية: العمل على تحسين المهارات الاجتماعية مثل التواصل وحل المشكلات يمكن أن يعزز فرص النجاح في بيئات العمل التعاونية.
المرونة والتكيف: يجب على الجيل الجديد أن يكون أكثر مرونة في اختيار فرص العمل، وأن يكون مستعدًا للتكيف مع المتغيرات السريعة في السوق.
تظل التحديات التي يواجهها الجيل الجديد في سوق العمل كبيرة ومعقدة ولكنها ليست غير قابلة للتغلب عليها.
من خلال الاستمرار في التعلم والتكيف مع متغيرات السوق، يمكن للشباب النجاح في هذا العصر المتغير.
التحديات قد تكون صعبة، لكن مع العزيمة والإصرار، يمكن للجيل الجديد أن يحقق طموحاته ويبني مستقبلاً مهنياً ناجحًا.