حرية ـ (5/2/22025)
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الثلاثاء إنه ناقش خلال محادثات في أنقرة مع رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع الخطوات التي يتعين اتخاذها ضد المسلحين الأكراد في شمال شرقي سوريا.
وذكر أردوغان خلال مؤتمر صحافي عقده مع الشرع في أنقرة أن تركيا مستعدة لمساعدة القيادة السورية الجديدة في المعركة ضد تنظيم “داعش” والمسلحين الأكراد، مضيفاً أنه يرى أن العودة الطوعية للمهاجرين السوريين ستتسارع مع استقرار البلاد.
وأوضح أن تركيا ستواصل جهودها لرفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد الرئيس السابق بشار الأسد، وأن الدول العربية والإسلامية من المهم أن تدعم الحكومة الجديدة من الناحية المالية وغيرها خلال الفترة الانتقالية.
وقال الشرع إن الحكومة السورية تسعى إلى “بناء استراتيجية مشتركة” مع تركيا، ودعا أردوغان إلى زيارة سوريا قريباً مع استمرار تحسن العلاقات بين البلدين. وأضاف “نعمل على بناء استراتيجية مشتركة مع تركيا من أجل مواجهة التهديدات الأمنية في المنطقة بما يضمن الأمن والاستقرار الدائم لسوريا وتركيا”.
وخلال زيارته لتركيا، ناقش الشرع أيضاً العلاقات الاقتصادية في وقت تتطلع شركات نقل ومصانع تركية إلى توسع كبير في سوريا في خطوة يتوقع بعضهم أن تزيد حجم التجارة إلى ثلاثة أمثال.
مكافحة الإرهاب
وأشاد الرئيس التركي بـ”الالتزام القوي” لدى السلطات السورية الجديدة بمكافحة الإرهاب، وقال “نحن مستعدون لأن نقدم إلى سوريا كل الدعم الضروري لمكافحة كل أشكال الإرهاب، سواء تعلق الأمر بـ’داعش‘ أو بـ’حزب العمال الكردستاني‘”، مضيفاً “أود أن أعرب عن ارتياحنا للالتزام القوي الذي أظهره أخي أحمد الشرع في مكافحة الإرهاب”.
وتتهم تركيا وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيس لقوات سوريا الديمقراطية، بالارتباط بـ”حزب العمال الكردستاني” الذي يخوض تمرداً مسلحاً ضدها منذ الثمانينيات والذي تصنفه وبلدان غربية “منظمة إرهابية”.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على معظم مناطق شمال شرقي سوريا الغنية بالنفط حيث أقامت إدارة ذاتية بحكم الأمر الواقع منذ أكثر من عقد.
وهددت تركيا بالتحرك عسكرياً لإبعاد القوات الكردية من حدودها على رغم الجهود الأميركية للتوصل إلى اتفاق هدنة.
وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع الشرع، عرض أردوغان مجدداً أن تساعد بلاده في إدارة المعسكرات حيث يُحتجز مسلحو “داعش” في شمال شرقي سوريا والتي تديرها حالياً “قسد”، وقال “نحن نقف إلى جانبكم في سياق السيطرة على المخيمات شمال شرقي سوريا”.
ويرى كثيرون في الغرب أن قوات سوريا الديمقراطية ضمانة في مواجهة الإرهابيين، لكن تركيا تنظر إليها على أنها جماعة إرهابية تهدد أمنها القومي. وقال أردوغان “من أجل سلامة بلداننا ومنطقتنا، ليس لدينا خيار آخر سوى توحيد القوى نحو الهدف نفسه”.
وكان رئيس الجمهورية العربية السورية اليوم الثلاثاء في أنقرة محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ثاني زيارة رسمية له بعد السعودية، وفق ما أفاد مسؤول تركي وكالة الصحافة الفرنسية.
وتركيا التي تربطها علاقات بالشرع منذ أعوام، أعادت فتح سفارتها في سوريا وأرسلت رئيس استخباراتها ودبلوماسياً رفيعاً لإجراء محادثات مع الرئيس السوري بعد أيام من الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) عام 2024.
وأمس الإثنين، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية فخر الدين ألتون إن الرئيسين سيناقشان “الخطوات المشتركة التي ينبغي اتخاذها للنهوض الاقتصادي وضمان الاستقرار والأمن”.
وباتت السلطات الجديدة في سوريا التي تتشارك حدوداً طولها 900 كيلومتر مع تركيا، أمام مرحلة انتقالية تواجه تحديات عدة بما في ذلك استعادة السيطرة على كامل التراب السوري.
في سياق آخر، قال الشرع في مقابلة أجرتها معه مجلة “ذا إيكونوميست” إن حكومته تهدف إلى استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة لكنها لم تجرِ أي اتصالات بعد مع إدارة الرئيس دونالد ترمب.
وأشار الشرع الذي تولى رئاسة سوريا لفترة انتقالية الأسبوع الماضي أيضاً إلى أن القوات الأميركية موجودة في سوريا من دون موافقة الحكومة، مضيفاً أن أي وجود كهذا يتعين أن يحصل بالاتفاق مع الدولة، ووصف العقوبات الأميركية التي لا تزال مفروضة على سوريا بأنها “أكبر خطر” على البلاد.
وقال الشرع في المقابلة التي نشرت مساء أمس “أرى أن الرئيس ترمب يسعى إلى السلام في المنطقة (ويتعين أن يكون) من أولوياته رفع العقوبات. الولايات المتحدة ليست لها أية مصلحة في استمرار معاناة الشعب السوري”.
وقاد الشرع جماعة “هيئة تحرير الشام” المسلحة التي كانت تابعة لتنظيم “القاعدة” في وقت سابق، في هجوم خاطف أطاح بالرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أصدرت إدارة الرئيس السابق جو بايدن إعفاء من العقوبات على المعاملات مع المؤسسات الحكومية السورية لمدة ستة أشهر بعد زيارة قام بها دبلوماسيون أميركيون كبار إلى دمشق في ديسمبر.
ومع ذلك تواصل الولايات المتحدة تصنيف “هيئة تحرير الشام” منظمة إرهابية على رغم أنها قطعت علاقاتها بـ”القاعدة” عام 2016، وأوقفت السفارة الأميركية لدى دمشق عملياتها في 2012.
التصنيف بالإرهاب “بلا معنى”
وقال الشرع إن تصنيف “هيئة تحرير الشام” منظمة إرهابية “أصبح بلا معنى” بعد قرار حل جميع الفصائل المسلحة التي قاتلت الأسد.
ونشرت الولايات المتحدة قوات في سوريا قبل عقد خلال الحملة ضد تنظيم “داعش”، وما زال لديها وجود في الشمال والشمال الشرقي لدعم حليفتها هناك، قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.
وقال الشرع “في ضوء الدولة السورية الجديدة، أعتقد بأن أي وجود عسكري غير قانوني يجب ألا يستمر. ويجب أن يكون أي وجود عسكري في دولة ذات سيادة بموجب اتفاق معين، ولا يوجد اتفاق من هذا القبيل بيننا والولايات المتحدة الأميركية”.
وأضاف أن إدارته “تعيد تقييم الوجود العسكري الروسي” في سوريا، حيث دعمت موسكو الأسد.
وأرسلت روسيا التي تسعى إلى الاحتفاظ بقاعدة بحرية وأخرى جوية في سوريا، مسؤولاً كبيراً إلى دمشق الأسبوع الماضي.
وقال الشرع “قد نتوصل إلى اتفاق (معهم) أو لا، لكن بطريقة ما يجب أن يكون أي وجود عسكري بموافقة الدولة المستضيفة”.
وحين سئل عما إذا كان يتصور إقامة علاقات مع إسرائيل، قال الشرع “نريد السلام مع جميع الأطراف”، لكن هذه قضية حساسة بسبب الحروب الإقليمية واحتلال إسرائيل لهضبة الجولان التي استولت عليها من سوريا في حرب 1967.
وأضاف أن “هناك أولويات كثيرة لدينا، ومن ثم من السابق لأوانه مناقشة مثل هذا الأمر لأنه يتطلب رأياً عاماً واسع النطاق، كما يتطلب إجراءات وقوانين كثيرة من أجل مناقشته، ولأكون صادقاً، لم نفكر في هذا بعد”.