حرية ـ (12/2/22025)
بقلم: أحمد الحمداني
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر إجراؤها في نهاية عام 2025، يُبدي المشهد السياسي توترات تتزايد يومًا بعد يوم.
العراق اليوم يقف على حافة تغييرات سياسية تبدو مألوفة لكنها تحمل في طياتها أزمات متجددة حيث يتجاوز الصراع السياسي القوالب الطائفية والقومية التي شكلت السياسة العراقية منذ عام 2003، ليصبح أكثر تعقيدًا بين القوى الرئيسية الثلاث: الشيعة، السنة، والأكراد.
في الانتخابات السابقة، استثمرت بعض الأحزاب السنية في تغذية الخطاب الطائفي تحت شعار “حماية المكون السني”، مدعيةً أن هذا الخطاب هو الوسيلة الوحيدة لضمان المكاسب السياسية.
هذا النهج عمّق الانقسامات الطائفية حيث تم تصوير الطائفة السنية على أنها بحاجة إلى الحماية من التهميش. النتيجة كانت تصاعد الاستقطاب الطائفي وتفاقم الأزمات السياسية في العراق.
أما في الجانب الكردي، فقد وظفت الأحزاب مسألة الهوية القومية والمستحقات الاقتصادية كأدوات سياسية. النزاعات المالية وخصوصًا تلك المتعلقة بالنفط كانت محورًا رئيسيًا في الحملات الانتخابية للأحزاب الكردية مما عزز من شعبيتها داخل إقليم كردستان.
ومع ذلك تغافلت هذه الأحزاب عن التحديات الاقتصادية الحقيقية التي تواجه الإقليم، خصوصًا في ظل التوترات المستمرة الداخلية التي تنعكس على الحكومة المركزية في بغداد وعدم التوصل إلى حلول دائمة.
الأحزاب الشيعية، من ناحيتها، ظلت ترى الواقع بعين واحدة حيث سيطرت المصالح الفئوية والشخصية على خطاباتها السياسية.
الصراع بين هذه الأحزاب لم يعد حول قضايا طائفية بحتة بل بات يرتبط بالسلطة والمصالح الاقتصادية.
الأحزاب الشيعية منقسمة بين تيارات تتنافس على النفوذ في ظل غياب إصلاحات حقيقية تزيد من استياء القواعد الشعبية.
رغم تصاعد الحراك السياسي تظل الفئة الأكبر من الشعب العراقي عازفة عن المشاركة في الانتخابات.
هذا العزوف المتزايد يعكس فقدان الثقة بالعملية السياسية والأحزاب التقليدية وهي ظاهرة استمرت في الدورات السابقة والمواطن العراقي يشعر بأن السياسيين يركزون على تحقيق مكاسب شخصية دون السعي لحل الأزمات الاقتصادية أو تحسين أوضاع البلاد.
الأزمة الاقتصادية المستمرة تمثل تحديًا كبيرًا يؤثر على حياة المواطن العراقي اليومية وارتفاع معدلات البطالة والتضخم وتراجع الخدمات الأساسية كلها عوامل تزيد من استياء الشعب.
في المقابل يبدو أن السياسيين منشغلون بحساباتهم الانتخابية أكثر من تقديم حلول عملية لهذه الأزمات، مما يزيد من حالة الاحتقان الشعبي.
الدور الخارجي لم يكن غائبًا عن المشهد السياسي في العراق القوى الإقليمية والدولية تواصل لعب دور رئيسي في توجيه دفة السياسات المحلية سواء من خلال الدعم المالي أو إعادة تشكيل التحالفات السياسية بما يتناسب مع مصالحها الخاصة.
هذا التدخل الخارجي يعزز من تعقيد المعادلة السياسية في البلاد.
مع كل هذه المعطيات، تبدو انتخابات 2025 مهيأة لتكرار نفس السيناريوهات السابقة حيث ستستمر الأحزاب في استثمار الملفات التقليدية لتحقيق مكاسب انتخابية قصيرة الأمد في المقابل يستمر الاستياء الشعبي من غياب الإصلاحات مما يضع البلاد أمام تحديات سياسية واقتصادية كبيرة قد تؤثر على استقراره في المستقبل.
في ظل هذا الواقع المتأزم يبقى الخيار بيد المواطن العراقي.
العزوف عن الانتخابات لن يغير شيئًا بل سيمنح الفرصة للأطراف التقليدية لمواصلة سياساتها القديمة.
على العراقيين أن يدركوا أن المشاركة الفعالة هي السبيل الوحيد للتغيير وأن هناك شخصيات جديدة تستحق الدعم لبناء عراق جديد على الشعب أن يدعم الأفضل من أجل مكافحة الفساد وتقوية القانون، ليفسح الطريق لمستقبل زاهر للأجيال القادمة.
حين تفتح السماء أبوابها لدعوات العراقيين قد يتحقق الأمل في بناء وطن جديد، وطن يحارب الفساد ويعيد القوة إلى القانون.