حرية ـ (18/2/22025)
تسبب قرار هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، بقطع الإنترنت عن شركة الاتصالات “كورك تيليكوم”، بآثار سلبية طالت شرائح عدة في المجتمع ومهن مختلفة في إقليم كردستان، الأمر الذي دفع بمواطنين وناشطين إلى التعبير عن استيائهم من هذا القرار.
وكانت هيئة الإعلام والاتصالات أعلنت يوم أمس الثلاثاء، عن اتخاذ إجراء عقابي بحق شركة “كورك تيليكوم”، يقضي بقطع خدمة الإنترنت عنها بشكل فوري.
وذكرت الهيئة في بيان، أنها قامت بمخاطبة وزارة الاتصالات لتنفيذ هذا القرار، مشددة على ضرورة قيام شركة “كورك” بتعويض المشتركين وفقاً لبنود عقد الترخيص المنتهي، لضمان حماية حقوق المستهلكين.
وفي أربيل، عاصمة إقليم كردستان، يقول ريكان محمد، وهو صاحب متجر إلكتروني، إن “هذا القرار ألحق بنا ضرراً كبيراً، لأنني أعتمد على الإنترنت لإدارة طلبيات الزبائن والتواصل معهم”.
ويضيف “كورك تيليكوم توفر لي خدمة مستقرة، والآن سنعاني من مشاكل كبيرة في عملنا، لا أرى أي سبب منطقي لهذا القرار سوى أنه سياسي”.
وليس بعيداً عن صاحب المتجر، تبين الطالبة سارة جمال، “نحن كطلاب نعتمد على الإنترنت لإنجاز بحوثنا والتواصل مع الأساتذة، وانقطاع الإنترنت عن كورك تيليكوم يعني أنني سأواجه صعوبة في المحاضرات أو حتى تقديم الواجبات”.
وتبدي استغرابها “ليس من المعقول أن يتم اتخاذ قرار بهذه الأهمية دون مراعاة تأثيره على شرائح المجتمع”.
فيما يشير عبد الرزاق، وهو موظف في شركة، إلى الخسائر المادية وتأخير العمل الذي يسببه هذا القرار، حيث يقول “العديد من الشركات تعتمد على خدمات كورك تيليكوم، وقطع الإنترنت يعني خسائر مادية وتأخيرات في العمل”.
ويتساءل “لماذا يتم استهداف شركة معينة دون غيرها؟ يبدو أن هناك خلفيات سياسية لهذا القرار”.
والأمر لا يتوقف هنا، بل يطال خدمة توصيل الطلبات، وهي أصبحت من أكثر المهن شيوعاً، إذ يبين نشوان، الذي يعمل سائقاً بهذه المهنة “أنا أعمل مع تطبيقات التوصيل، وأحتاج الإنترنت بشكل دائم لتلقي الطلبات والتواصل مع الزبائن، والآن أصبح عملي أصعب، لأن الجزء الأكبر من المواطنين في إقليم كردستان يستخدمون شرائح كورك ولا يودون تغييرها إلى شركة أخرى”.
ويوضح “القرار السابق أيضاً بشأن قطع الاتصال بين كورك وبقية الشركات ألحق الضرر بنا كمستخدمين”.
من جانبه، يرجع المواطن ريبوار جميل، الأمر إلى أنه “كلما تصاعدت الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل يكون المواطن البسيط هو الضحية”.
ويتابع في حديثه, “نحن لا علاقة لنا بالمشاكل المالية بين الحكومة والشركات، ما ذنبنا حتى نحرم من خدمة الإنترنت، هل يريدون معاقبتنا لأننا نعيش في كردستان؟”.
فيما يلمح المواطن سيبان سليم، إلى وجود شركات كثيرة تدين للحكومة ولا تعاقب، بقوله “نحن نعرف أن هناك العديد من الشركات التي تدين للحكومة العراقية بمبالغ ضخمة ولكنها لا تتعرض لمثل هذه العقوبات، لماذا فقط الشركات في الإقليم هي المستهدفة”.
ويؤكد أن “القرار واضح بأنه لا علاقة له بمسألة الديون، بل هو جزء من الصراع السياسي بين الطرفين”.
الحريات
وفي السليمانية، فقد أثار هذا القرار أيضاً تنديد المواطنين واستيائهم، واعتبر سياسياً ولا علاقة له بالأمور المالية، إذ يؤكد فاخر عز الدين، وهو ناشط مدني، أن “هذا القرار يتجاوز البعد الاقتصادي والتقني، لأنه يؤثر على حرية الوصول إلى المعلومات، وهو حق أساسي للمواطنين”.
ويضيف “من غير المنطقي أن تتحمل شريحة واسعة من المستخدمين تبعات قضية مالية بين الهيئة والشركة”.
بدوره، يلفت الناشط الاقتصادي محمد أحمد، إلى أن “أعمال المصارف تتأثر بشكل مباشر بقطع الإنترنت، خصوصاً وأن الكثير منها يتعامل في حساباته المصرفية مع أربيل يكون في الأغلب يستخدم خط كورك تليكوم، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على التحويلات الإلكترونية والخدمات المصرفية عبر الإنترنت”.
كما يربط ناشطون وصحفيون في إقليم كردستان هذا القرار بملف أوسع يتعلق بحرية التعبير وحق الوصول إلى الإنترنت، محذرين من أن تكرار مثل هذه الإجراءات قد يشكل سابقة تُستخدم مستقبلاً في تقييد الحريات الرقمية.
وحول هذا الأمر، يشير هاوري كارزان، وهو صحفي في السليمانية، إلى أن “الإنترنت أصبح اليوم أداة أساسية لممارسة حرية التعبير، وقطع الخدمة عن المستخدمين لأي سبب كان، يحدّ من قدرتهم على التواصل والتعبير عن آرائهم”.
ويلفت إلى أنه “حتى لو كانت هناك مخالفات مالية، يجب أن يكون الحل قانونياً وإدارياً وليس عبر إجراءات تؤثر على المستخدمين”.
فيما يعتبر الصحفي علي حسين، القرار بأنه “يثير المخاوف من أن تصبح خدمات الإنترنت أداة للضغط على الشركات أو المواطنين، وهو ما قد يهدد البيئة الإعلامية في العراق”.
وبينما لم تصدر هيئة الإعلام والاتصالات أي تعليق حول إمكانية مراجعة القرار، يؤكد مراقبون أن القضية تتطلب حلولاً مستدامة تحمي حقوق المستخدمين وتعزز الشفافية في إدارة قطاع الاتصالات