حرية ـ (20/2/22025)
عبد الزهرة محمد الهنداوي
يتميز قطاع العقارات عن غيره من الانشطة الاخرى، بكونه في حالة صعود دائم، اذ من النادر ان تتراجع اسعار البيوت وقطع الاراضي مثلا، الا تحت تأثير ظروف قاهرة، تؤدي الى حالة من الركود او الكساد المؤقت.
وفي العراق، شهدت اسعار العقارات انفجارا غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية، لدرجة انها فاقت نظيراتها في دول الجوار وحتى بعض دول اوربا المعروفة بغلاء اسعارها.
ويُعزى هذا الارتفاع في الاسعار الى العديد من العوامل من بينها تحسن المستوى المعيشي للفرد، ووجود تسهيلات عقارية من خلال القروض الميسرة التي تمنحها المصارف للمواطنين، ومنها، غسيل الاموال من قبل الفاسدين الذين استحوذوا على تلك الاموال بطرق واساليب غير مشروعة، لذلك فهم يلجأون الى غسيلها من خلال شراء العقارات بإي سعر كان، ولعل العامل الاخير هو الذي دعا البنك المركزي العراقي الى اصدار تعليماته، بأن يكون بيع وشراء العقارات التي تزيد اسعارها عن ١٠٠ مليون دينار، عبر المصارف، من خلال قيام البائع والمشترى بفتح حساب في المصرف، ومن ثم استكمال الاجراءات.
قرار البنك المركزي لم يحظ بالقبول المطلوب من قبل المتعاملين في سوق العقارات، الذين يتحدثون اليوم عن ان القرار تسبب بخلق حالة ركود شديدة في السوق، لاسباب عديدة، منها قلة ثقة المواطنين بالتعاملات المصرفية، فهم لايطمئنون كثيرا الى ان بامكانهم سحب اموالهم في اي وقت يشاءون، ومثل هذا الامر قد يدفع الكثيرين الى التحايل والالتفاف على القرار، وبالتالي قد نتحدث عن فتح منافذ للفساد، كما ان غاسلي الاموال، سيحاولون جاهدين البحث عن ثغرات ينفذون من خلالها للتخلص من السؤال المرعب: (من اين لك هذا؟).
البنك المركزي بقراره هذا يسعى الى ضرب عدة عصافير بحجر واحد، العصفور الاول يتمثل بمحاصرة الفاسدين، وتجفيف منابع الفساد، وضمان مشروعية الاموال وشفافية مصادرها، قدر المستطاع، والعصفور الثاني، يمثل القرار خطوة ذكية، لسحب الاموال المكتنزة في البيوت، وادخالها في الدورة الاقتصادية للمال، وبالتالي يمكن ان يسهم هذا الاجراء في توفير المزيد من السيولة النقدية على الرغم من وجود كتلة نقدية مصدّرة تصل الى ١٠٠ ترليون دينار، منها ٧٠ ترليون دينار داخلة ضمن التداولات السوقية والتجارية، اما الـ(٣٠) ترليون دينار المتبقية، فيُعتقد انها مكتنزة في البيوت، ام العصفور الثالث، فان خطوة البنك هذه سيكون من نتائجها زيادة مساحة الدفع الالكتروني، وهذه قضية في غاية الاهمية.