حرية ـ (20/2/22025)
أعلن مصدر مسؤول لوكالة الأنباء السعودية “واس” اليوم الخميس أنّه “بدعوة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان، يلتقي في مدينة الرياض قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وملك المملكة الأردنية الهاشمية ورئيس جمهورية مصر العربية في لقاء أخوي غير رسمي”.
وذكر المصدر في بيان أن “هذا اللقاء يأتي في سياق اللقاءات الودّية الخاصة التي جرت العادة على عقدها بشكل دوري منذ سنوات عدّة بين قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية، وذلك في إطار العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع القادة والتي تسهم في تعزيز التعاون والتنسيق بين دول المجلس والأردن ومصر”.
وأضاف: “فيما يتعلّق بالعمل العربي المشترك وما يصدر من قرارات بشأنه فسيكون ضمن جدول أعمال القمة العربية الطارئة القادمة التي ستنعقد في جمهورية مصر العربية الشقيقة”.
وسيكون لقاء القادة قمة عربية مصغرة، ستبحث في خطة مضادة لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضية بنقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن.
ورغم أهمية القمة التي أفرزت إجماعاً عربيّاً نادراً على رفض تهجير الفلسطينيين، قد تشوبها خلافات حيال من سيحكم غزة بعد الحرب ومسألة تمويل إعادة الإعمار في القطاع المدمّر.
ويقول الخبير في السياسة الخارجية السعودية في جامعة برمنغهام الإنكليزية عمر كريم: “من المؤكد أن هذه القمة العربية سوف تكون الأكثر أهمية في ما يتصل بالعالم العربي الأوسع وقضية فلسطين منذ عقود”.
وأفاد مصدر مقرب من الحكومة السعودية وكالة “فرانس برس” بأنّ القادة العرب سيناقشون “خطة إعادة إعمار مضادة لخطة ترامب بشأن غزة”.
وأثار ترامب ذهولاً عندما أعلن مقترحاً قبل أسبوعين يقضي بسيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وإعادة بناء المناطق المدمّرة وتحويلها إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد ترحيل السكان البالغ عددهم 2,4 مليون إلى مكان آخر، خصوصاً مصر والأردن، من دون خطة لإعادتهم.
وتعيد محاولات إجبار الفلسطينيين على الخروج من قطاع غزة اليهم ذكريات “النكبة” لدى تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948
وكان مقررا أن يعقد قادة السعودية ومصر والإمارات وقطر والأردن القمة في الرياض الخميس، لكنها أرجئت ليوم واحد، وتوسّعت لتشمل دول مجلس التعاون الخليجي الست إلى جانب مصر والأردن والسلطة الفلسطينية.
وقال المصدر المقرّب من الحكومة السعودية إنه ستكون على الطاولة “نسخة من الخطة المصرية”.
وكان العاهل الأردني عبدالله الثاني قال الثلاثاء الماضي لصحافيين في واشنطن إنّ مصر ستقدّم ردّا على خطة ترامب، مشيرا إلى أنّ الدول العربية ستناقشه بعد ذلك في محادثات في الرياض.
وأكّد مصدران دبلوماسيان لفرانس برس أنّ القمة ستعقد في العاصمة الرياض خلف أبواب مغلقة.
خطة على 3 مراحل
ولم تعلن مصر بعد رسميّاً تفاصيل خطتها. لكن دبلوماسيّاً مصريّاً سابقاً تحدّث عن خطة من “ثلاث مراحل تُنفّذ على فترة من ثلاث الى خمس سنوات”.
وتُشكّل إعادة البناء وتمويلها مسألة حساسة في القمة، خصوصا مع استخدام ترامب حجة صعوبة الإعمار بسبب الدمار الهائل، كمبرّر لإبعاد سكانه حتى إعادة تأهيله.
وأوضح السفير محمد حجازي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، وهو مركز بحثي مقرّه القاهرة وعلى صلات قوية بدوائر صنع القرار المصرية، أنّ “المرحلة الأولى هي مرحلة الإنعاش المبكر وتستمر ستة أشهر”.
وتشمل هذه المرحلة “إدخال معدات ثقيلة لإزالة الركام، ويتمّ تحديد ثلاث مناطق آمنة داخل القطاع يمكن نقل الفلسطينيين إليها”.
وسيتم توفير منازل متنقلة مع استمرار تدفّق المساعدات الإنسانية خلال هذه المرحلة، بحسب حجازي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري.
وأضاف “المرحلة الثانية (…) تتطلّب عقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار التي ستحصل مع بقاء السكان على الأرض”.
كذلك، تتضمن “إعادة تدوير الأنقاض لاستخدامها كجزء من خرسانة البناء، وتشمل البدء في أعمال البنية التحتية… ثم بناء الوحدات السكنية وتوفير الخدمات التعليمية والصحية”.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة الثلاثاء بأن إعادة إعمار غزة تتطلب أكثر من 53 مليار دولار، بينها أكثر من 20 مليارا خلال الأعوام الثلاثة الأولى.
وتتضمن المرحلة الثالثة من الخطة المصرية، وفق حجازي، “إطلاق مسار سياسي لتنفيذ حل الدولتين وحتى يكون هناك ضوء في نهاية النفق وحافز للتهدئة المستدامة”.
ويعتقد كريم أنّ إقرار هذه الخطة بحاجة إلى “درجة من الوحدة العربية غير المسبوقة”.
ويتابع قائلاً: “الثقل السياسي للعالم العربي بأكمله ضروري لخلق بيئة يمكن فيها تحمّل أي ضغط أميركي”.
وتبقى مسألة تمويل خطة بهذا الحجم والمدة المتوقعة لتنفيذها معضلة كبيرة.
وقال دبلوماسي عربي مطلع لـ”فرانس برس”: “أكبر تحدّ يواجه الخطة المصرية هو كيفية تمويلها”.
وتابع: “بعض الدول مثل الكويت ستضخ تمويلاً ربما لأسباب إنسانية لكن دولاً خليجية أخرى ستضع شروطاً محددة قبل القيام بأي تحويل مالي”.
ويقول كريم: “أعتقد أنّ السعوديين والإماراتيين لن ينفقوا أي أموال إذا لم يقدّم القطريون والمصريون ضمانات بشأن حماس”.
من يدير القطاع؟
وأوضح المصدر المقرب من الحكومة السعودية أنّ “معظم قادة الدول المشاركة سيحضرون القمة، لكن بعضهم سيوفد ممثلين”.
وتأكّد حتى الآن مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد السعودية محمد بن سلمان وأمير الكويت مشعل الأحمد الجابر الصباح، فيما لم تتأكد مشاركة العاهل الأردني الملك عبدالله الذي خضع الثلاثاء لجراحة في عمّان.
وأفاد مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بأنّ العراق سيحضر القمة، من دون أنّ يسمي من سيمثل بغداد.
وتعالج الخطة المصرية مسألة شائكة للغاية ألا وهي الإشراف بعد الحرب على غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ 2007.
وتلحظ الخطة المصرية تشكيل “إدارة فلسطينية غير منحازة لأي فصيل… (تضمّ) خبراء وتتبع سياسيّاً وقانونيّاً السلطة الوطنية الفلسطينية”.
كذلك، تحدّث حجازي عن “قوة شرطة تابعة للسلطة الفلسطينية يتم تعزيزها بقوات مصرية وعربية ومن بلدان أخرى”.
وأكّد أنّ حركة حماس “ستتراجع عن المشهد السياسي في الفترة المقبلة”.
في المقابل، أفاد المصدر السعودي بأنّ الرياض ترى أنّ “السلطة الفلسطينية” يجب أنّ تكون الجهة المسؤولة عن القطاع.
وأكدت قطر الثلاثاء أن مستقبل القطاع هو شأن فلسطيني.
ويقول كريم: “أعتقد أن جميع الأطراف الإقليمية تدرك أن أي خطة بديلة يقترحونها لا يمكن أن تشمل حماس بأي شكل من الأشكال، لأن وجود حماس سيجعلها غير مقبولة بالنسبة للإدارة الأميركية وإسرائيل”.
ويضيف: “بعض الأمور داخل القطاع يجب أن تتغير بشكل جوهري حتى تحظى هذه الخطة (المصرية) بفرصة على الأقل”.