حرية ـ (20/2/22025)
احمد الصراف
دأبت جهات معروفة على الإعلان عن جمع تبرعات، في الكويت ودول خليجية أخرى، لمشاريع شراء كنائس ومعابد يهودية، وتحويلها لمساجد!
لقد سبق أن كتبنا وحذرنا من خطأ هذا الاتجاه، وخطورة مثل هذه المشاريع، التي سيأتي يوم ويكون لها رد فعل غير مريح، فواضح أن الهدف لا يتعلق بنشر الدين، بقدر ما يتعلق بتحدّي مشاعر الآخرين، في عقر دارهم، ولنقول لهم ما أضعف إيمانكم، فقد بعتم معبادكم بأبخس الأثمان، وها نحن نشتريها ونحولها لدور عبادة لنا!
لو كان الهدف من وراء هذه المشاريع الرغبة في تقديم خدمة لمسلمي المنطقة، عن طريق بناء مساجد ومراكز دينية، فلم استقصاد واستهداف دور عبادة الغير، وجرح مشاعر أهالي المنطقة، وهناك أراضٍ ومبانٍ كثيرة معروضة للبيع؟
السبب يكمن ربما في أن القائمين على هذه المشاريع يعلمون بأن الإعلان عن بناء مشاريع دينية في ديار الغير لن يجلب ما يستهدفون لجمعه من أموال، أما إن كان الإعلان يتعلق بشراء كنيسة أو كنيس يهودي، فهنا تسهل كثيراً إثارة الحمية الدينية لدى السذج وغيرهم، ودفعهم للتبرع بسخاء أكبر، وهنا تكمن استفادة «القائمين عليها» من فكرة شراء كنائس ومعابد بدلاً من شراء أرض فضاء، أو مبنى عادي، وتحويله لمسجد. كما ان الوقت مناسب حالياً لمثل هذه الإعلانات، ومشاعر كراهية وبغض الغير في المنطقة في ذروتها!
من ناحية أخرى، فإن شراء مثل هذه المشاريع، وتحويلها لمساجد، أو مراكز دينية، بمبالغ مليونية، لا يعني، كما يقال، خضوع الصرف عليها لرقابة وزارة الخارجية أو لسفاراتنا في الخارج. فشراء أو بناء أو إصلاح مثل هذه الأماكن وتحويلها لمساجد مسألة معقدة ومكلفة، والرقابة عليها تتطلب وجود مهندسين وفنيين ومشرفين ومحاسبين، في كل سفارة كل دولة لجمعياتنا الخيرية أنشطة فيها، وهذا حتماً غير موجود حاليا، حتى في دولة مثل بريطانيا، فما بالك في دولة أفريقية أو في الهند وباكستان وغيرها، حيث تنفذ مشاريع تقع على بعد مئات الأميال من عاصمة الدولة؟
لا ألوم الجمعيات المسماة بالخيرية، ولا نشكك في أهدافها، ولا في صحة رغبتها في تحقيق مورد للجمعية وللقائمين عليها، فهذا أمر لا حق لنا الاعتراض عليه، لكننا نلوم الجهة الحكومية المسؤولة، التي أعطت هذه الجهات موافقتها، التلقائية غالباً، لجمع الملايين لبناء مثل هذه المشاريع، التي يستحيل مراقبة كيفية تنفيذها، من أية جهة حكومية كانت، بكفاءة عالية، بخلاف تأثيرها السلبي على أهالي المنطقة، وخلق العداء للإسلام والمسلمين، الذين استولوا بأموالهم على كنائسهم ومعابدهم. وسيأتي يوم، حتماً، وهو ليس بالبعيد، الذي ستصدر فيه الوزارة تعميماً بمنع مثل هذه المشاريع، فلمَ لا نمنع مثل هذه المشاريع المثيرة للجدل قبل وقوع الضرر؟
وماذا لو تم شراء الكنيسة أو المعبد، ورفضت السلطات أو بلدية المدينة تالياً تحويله لمسجد، وهذا ما حدث من قبل، أكثر من مرة؟