حرية ـ (5/3/2025)
على أطراف قضاء حديثة غربي محافظة الأنبار، حيث تمتد الأراضي المفتوحة على أفق واسع، تنبض الحياة في مزرعة صغيرة.
ولم تكن هذه الأرض سوى مساحة مهجورة قبل أن تتحول إلى “مزرعة الأمل”، التي غرست فيها المئات من أشجار الزيتون، ليس فقط لتثمر، بل لتمنح الأمل والدعم لمن يحتاجونه من مرضى السرطان.
يستذكر رئيس جمعية الرحمة لرعاية مرضى السرطان حمد محمود أحمد اللحظة التي وُلدت فيها الفكرة، قائلاً إنه “مع ازدياد عدد المرضى المحتاجين للعلاج، أصبح الحمل ثقيلًا على الجمعية، التي تعتمد كليًا على تبرعات الأهالي والموظفين وأصحاب الخير، حيث بدأنا نبحث عن مصدر دعم مستدام، وهنا جاءت المبادرة من أحد أبناء القضاء، رجل مستقل، تبرع لنا بهذه الأرض لإقامة مشروع يعود ريعه للمرضى”.
ويضيف خلال حديثه، “لم تكن لدينا خبرة في الزراعة، لكن بدافع الأمل، بدأنا العمل، جمعنا التبرعات من أهالي حديثة، من الموظفين والميسورين، وكل من آمن بالمشروع، وفي غضون ثلاثة أشهر فقط، تحولت الأرض القاحلة إلى بستان مزروع بأشجار الزيتون، كل شجرة منها تحمل أملًا جديداً لمرضى السرطان”.
وداخل مقر الجمعية، تزدحم الملفات بأسماء 472 مريضًا، وهم المسجلون منذ تأسيس الجمعية، بعضهم نجا من المرض، بعضهم ما زال يصارع، وآخرون غادروا الحياة تاركين وراءهم قصصًا من الألم والأمل، يقول حمد.
ويمضى رئيس الجمعية قائلا، إنه “في كل يوم نستقبل حالات جديدة، بمعدل خمسة إلى عشرة مرضى شهريًا، ومع ذلك لم نفقد الأمل أبدًا، المرضى وعائلاتهم يعتمدون علينا، ونحن نعتمد على دعم أهلنا في حديثة”.
ويتابع “لا أنسى أول مريض تلقى دعمًا من الجمعية، حينها أدركنا أن ما نقوم به ليس مجرد مساعدة، بل هو إنقاذ حياة، واليوم، مع وجود مزرعة الزيتون، نطمح لأن يكون لنا دخل ثابت يمكننا من تقديم العلاج والمساعدات دون أن نقلق من نقص التبرعات”.
وبحسب حمد، فإنه “مع اكتمال زراعة المزرعة، أصبح لكل مريض حصة فيها، وكأن الزيتون يحمل أسماءهم، يكبر معهم ويعطي ثماره لأجلهم، في حين تأمل الجمعية أن تحقق المزرعة إنتاجًا سنويًا، حيث سيتم بيع الزيتون وعوائده تُخصص بالكامل لعلاج المرضى”.
ويوضح بالقول“هذه الأشجار ليست مجرد نباتات، إنها رمز للصمود، مثلما يصمد الزيتون في وجه الظروف القاسية، كذلك يقاوم مرضانا هذا الداء اللعين”.
ورغم الصعوبات، لا تزال الجمعية تعمل بجهود تطوعية بحتة، بلا أي ارتباط سياسي، معتمدة على عطاء الأهالي الذي يحتاج المزيد من الدعم.















