حرية ـ (18/3/2025)
دعا “معهد واشنطن” الأمريكي الولايات المتحدة إلى تجاهل “خديعة” إصلاح الحشد الشعبي، واعتماد سياسات أمريكية تركز على العقوبات، والضغوط، وإقالة قيادات الحشد، بما في ذلك فالح الفياض.
واعتبر التقرير الأمريكي، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب يجب ألا تنخدع بـ”الإصلاحات” المفترضة التي يفكر فيها زعماء الفصائل في مجلس النواب، والتي تستهدف تحويل قوات الحشد الشعبي إلى ما يعادل “الحرس الثوري” الإيراني، والاحتفاظ بـ”إرهابيين” بحسب التصنيف الأمريكي، في مناصب رئيسة.
وذكر التقرير بأن مجلس النواب، سحب في 11 مارس/آذار، مشروع قانون “خدمة وتقاعد قوات الحشد الشعبي” من جدول أعمال البحث، مشيراً إلى أن القانون يركز صراحة على اصلاح الحشد الشعبي، إلا أنه في الواقع يتعلق بقادة الميليشيات المتنافسة الذين يحاولون التفوق على بعضهم البعض والاستيلاء على حصة أكبر من الميزانية الوطنية للحشد المرتبط بإيران.
ولفت التقرير إلى أن الحشد الشعبي يمثل منذ تشكيله في العام 2014، معضلة لصانعي السياسات الأمريكيين، مذكرا بأنه تورط مراراً بقتل أمريكيين وعراقيين، ويقوده في الغالب قادة من منظمات “إرهابية” مدعومة من إيران، من بينهم رئيس هيئة الحشد الحالي فالح الفياض، وقائد عمليات الحشد عبد العزيز المحمداوي (المعروف ايضا باسم ابو فدك).
واعتبر التقرير أن الحشد بعد الانتكاسات الإقليمية التي تعرض لها “محور المقاومة” الإيراني خلال الحروب الأخيرة في غزة ولبنان، تزايد قلقه من خطر تعرض كبار مسؤوليه لهجمات امريكية او اسرائيلية، ولهذا، فانه سعى الى اعطاء انطباع بانه يقوم بإصلاح” هيكله، وإحالة بعض قادته الى التقاعد، وتعيين قيادات. إلا أن التقرير قال إن واشنطن ومن أجل دفع بغداد لإصلاح الأمن، يجب عليها تميز بين التغييرات الشكلية والتدابير الحقيقية التي تقلص من التهديد الذي تشكله”الجهات الخبيثة” داخل الحشد الشعبي.
وبعدما قال التقرير إن مشروع قانون قوات الحشد وصل إلى طريق مسدود الآن، أوضح أن ذلك لم يحدث لأن الميليشيات رفضت الإصلاح الحقيقي، وإنما لأن هناك نزاعا بينهم حول تغيير القيادة المحتمل، حيث يقود هذا الجهد كتلة “صادقون” (التابعة لعصائب أهل الحق)، وائتلاف دولة القانون (بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي)، بدعم من حركة حقوق (التابعة لكتائب حزب الله).
وتابع قائلا إن الهدف الرئيسي من هذا البند واضح ويتمثل في إجبار الفياض (68 عاما) على التقاعد، مشيراً إلى أنه في حال جرى إقرار القانون بصيغته الحالية، فإنه سوف يؤدي إلى تقاعد ما يقرب من 180 من كبار ضباط الحشد، بمن فيهم قادة ألوية مختلفة وقيادات عمليات اقليمية.
وأضاف التقرير أن الفياض نجح في عرقلة صيغ من القانون تتضمن هذه الأحكام، بدعم من هادي العامري (زعيم منظمة بدر)، وأبو آلاء الولائي (زعيم كتائب سيد الشهداء)، وعمار الحكيم (زعيم تيار الحكمة)، مشيرا إلى أنه كما أن الحليف السياسي الأقدم للفياض، أي رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، “يكافح بشراسة لمنع إقرار القانون”، وفقا لما يقوله عضو حركة صادقون علي تركي.
ولفت التقرير إلى أن الفياض، سافر في 18 فبراير/شباط، إلى إيران في محاولة استهدفت على ما يبدو نيل دعم طهران لعرقلة مشروع القانون، ثم بعدها بثلاثة أسابيع، جرى سحب المشروع من النقاش، على الأقل في صيغته الحالية.
تداعيات على السياسة الأمريكية
وحذر التقرير من تعاظم الحشد الشعبي بقيادة “إرهابيين” لأنه ذلك سيمثل “اسهل طريقة لخسارة العراق لصالح طهران”، مشيراً إلى أن مخصصات الدولة لميزانية الحشد وافراده تزايدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة حيث ارتفع حجم قوتها الرسمي من 122 ألف فرد الى 238 ألف فرد، وتخطت ميزانية الحشد 3.4 مليارات دولار في العام 2024، ارتفاعا من 2.8 مليار دولار في العام 2023، و2.16 مليار دولار في العام 2022.
واعتبر التقرير أن الأكثر أهمية من ذلك بالنسبة للمصالح الأمريكية، يتمثل في أن استخدام القانون الجديد لإقالة الفياض من دون فرض إصلاحات جذرية اخر، لن يؤدي سوى الى فتح المجال أمام مجموعة أصغر سنا من القادة الخاضعين لسيطرة إيران.
وأضاف التقرير أنه لا توجد علاقة لمشروع القانون الحالي بإخضاع الحشد لسيطرة الدولة، وإنما هو مجرد لعبة نفوذ أخرى من قبل جماعات مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله.
واشار التقرير الى ان عصائب اهل الحق تحاول تمهيد الطريق لاستبدال الفياض بقيادي عسكري عراقي له تاريخ في دعم “محور المقاومة”، وله علاقات وثيقة مع عصائب اهل الحق.
ولهذا، يعتبر التقرير لا يكفي اقالة الفياض لادخال تغيير حقيقي. وتابع قائلا إنه بينما تستمر بغداد بالبحث في تطهير قطاعها الامني، فانه يتحتم على ادارة ترامب تجاهل مبادرات “الإصلاح” التي وصفها بانها “مزيفة”، والتركيز بدلا من ذلك على الجهود التالية:
اولا، قال التقرير انه يجب الاحتفاظ بسياسة “اقصى قدر من الضغط”، موضحا ان مناقشة السياسيين العراقيين إصلاح قوات الحشد علنا اليوم، هي بمثابة شهادة على إضعاف اسرائيل “لمحور” إيران والتهديد المتزايد بالعقوبات الامريكية في ظل ادارة ترامب، ولهذا، فانه من اجل الابقاء على هذا الزخم، يتحتم على واشنطن ان تطبق بشكل حازم، مذكرة الأمن القومي الرئاسية رقم 2 الصادرة مؤخرا، والتي تتضمن احكاما لاعادة فرض “اقصى قدر من الضغط” على إيران ووكلائها.
وثانيا، دعا التقرير الى فرض عقوبات على الذراع الاقتصادي لقوات الحشد، والمتمثلة بـ”شركة المهندس العامة” التي تشبه شركة “خاتم الانبياء للانشاءات” التابعة للحرس الثوري الايراني، والتي تعمل كواجهة لطهران ووكلائها الارهابيين لسرقة مليارات الدولارات من العقود من الحكومة العراقية الغنية بالنفط.
ولفت التقرير الى ان وزارة الخزانة الامريكية لديها ادلة كثيرة على مثل هذه النشاطات، ويتحتم عليها استخدام هذه المعلومات لمعاقبة الشركة وشركاتها الوهمية.
وثالثا، اقترح التقرير على واشنطن المطالبة بتغييرات قيادية، وإقالة كل من الفياض وابو فدك، بينما يجب على اي شخص يحل مكانهما كرئيس وقائد لقوات الحشد، الالتزام بهدف وضع كافة الاسلحة تحت سيطرة الدولة، وانه من اجل تحقيق ذلك، يتحتم على الولايات المتحدة ان تجعل المساعدة والتعاون الأمنيين المستقبليين يتحققان وفق شرط اتخاذ إجراءات ملموسة من جانب العراق لدعم احتكار الدولة لاستخدام القوة، والدفع باتجاه تعيين قادة جدد لقوات الحشد يكونون على استعداد للعمل تدريجيا على الحد من نفوذ الجماعات التابعة لايران والخاضعة لتصنيفات “الإرهاب” الأمريكية.
ورابعا، اقترح التقرير “تحديد دور قوات الحشد ومهامها”، حيث أن قوات الحشد تكرر أداء الأدوار التي كان الجيش العراقي والشرطة الاتحادية يلعبانها بالفعل، وهو ما من شأنه وقف هدر الجهود التي تبذل، ويمنع الحشد من التعدي بشكل أكبر على مجالات الأجهزة العسكرية والأمنية فالاخرى وتهميشها بشكل متزايد.