حرية ـ (26/3/2025)
بعد كل استحمام، تزيل فاطمة كمية الشعر التي تساقطت في غطاء تضعه على رأسها وتحتفظ بها. وعندما تصل هذه الكمية إلى نحو 100 غرام، تُقدِم على غرار أفغانيات أخريات، على بيعها لكسب دخل إضافي متواضع، رغم الحظر الذي تفرضه حركة “طالبان” على هذه الممارسة.
تقول فاطمة (28 سنة)، وهي موظفة في كابول فضلت عدم ذكر كنيتها لأسباب أمنية، “كنا نبيع شعرنا بسهولة”، قبل عودة “طالبان” إلى الحكم عام 2021.
وتضيف، “كان الباعة المتنقلون يأتون إلى منازلنا بحثاً عن الشعر” من أجل تصديره أو تصنيع شعر مستعار منه.
لكن في عام 2024، أصدرت حركة “طالبان” قانوناً بشأن “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، ينظم مختلف جوانب الحياة الأفغانية ويحظر “بيع واستخدام أي عضو من جسم الإنسان، مثل الكلى أو الكبد أو العينين أو الشعر”، من دون تحديد العقوبة في حال المخالفة.
ويقول الناطق باسم وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سيف الإسلام خيبر، لوكالة “الصحافة الفرنسية”، “يجب أن نحترم المظهر الذي أعطاه الله للبشر ونمنحه الكرامة، ولا ينبغي بيع أجزاء من أجسادنا”.
وأعرب عن أسفه لأن بيع الشعر وشراءه أصبح “أمراً طبيعياً” في أفغانستان.
رداً على ذلك، قامت فرق وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمصادرة وإحراق خصل من الشعر. ففي يناير (كانون الثاني) الماضي، أُحرق نحو طن من الشعر في مقاطعة كابول، “لحماية القيم الإسلامية والكرامة الإنسانية”، بحسب بيان رسمي.
ما يحصل لم يثن فاطمة عن مواصلة بيع شعرها.
ففي أوقات الصلاة، عندما يكون عناصر “طالبان” موجودين في المساجد أكثر من الشوارع، تذهب سراً إلى مركز في كابول بعد جمع شعرها وشعر المقربين منها على مدى أسابيع.
هناك يمكنها أن تكسب ما يزيد قليلاً على ثلاثة دولارات لكل 100 غرام.
ويشير الرجل الذي يشتري منها الشعر، مشترطاً عدم ذكر هويته، إلى أنه سيصدرها إلى باكستان والصين.
تقول فاطمة، وهي واحدة من الأفغانيات القليلات اللاتي لا يزلن يعملن بعد نحو أربعة أعوام من عودة “طالبان” إلى الحكم، “أحتاج إلى هذا المال”.
وبفضل هذه المبالغ الإضافية البسيطة على راتبها الذي يبلغ نحو 100 دولار، يمكنها “شراء بعض الأغراض”.
وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعيش 85 في المئة من الأفغان بأقل من دولار واحد يومياً.
عام 2011، قُتل زوج وحيدة (33 سنة)، وهو جندي في النظام الجمهوري الذي أطاحته “طالبان”، على يد عناصر الحركة، وباتت تشعر بالقلق “ليلاً ونهاراً” بشأن تأمين مستلزمات أولادها الثلاثة.
وتقول هذه الأفغانية العاطلة عن العمل التي باتت تعتمد بشكل شبه حصري على مساعدات الآخرين “كان لدي بصيص أمل من بيع شعري. والآن بعد أن حُظرت هذه الممارسة، بتّ محبطة”.
إضافة إلى شعرها، تجمع بصبر شعر ابنتها البالغة ثماني سنوات وتضعها بعد أن تلفها على شكل كرة، داخل كيس بلاستيكي صغير شفاف.
ويتسم الشعر المتساقط من الجذور بأهمية أكبر من الأطراف التي يتم قصها.
تقول وحيدة وهي في الغرفة الوحيدة لمنزلها “أنتظر عودة المشترين إلى منزلي. أعلم أن هناك أماكن لبيع الشعر لكنني أخشى أن يتم توقيفي”.
ينتاب المرأة يأس من كل المحظورات التي تُفرض على النساء، وهنّ ضحايا لما وصفته الأمم المتحدة بنظام “فصل بين الجنسين” في أفغانستان.
وتُمنَع النساء من دخول الحدائق والجامعات وصالات الرياضة، وقد أُغلقت صالونات التجميل بموجب مرسوم.
داخل صالون سري لتصفيف الشعر في كابول، تستقبل نرجس نحو أربع زبونات أسبوعياً، بينما كان عددهن يصل إلى ما بين خمس وست يومياً قبل عام 2021.
وتقول مصففة الشعر الأرملة البالغة 43 سنة بأسف، إن النساء الأثرياء فقط مَن يأتين، “إنهن الوحيدات اللاتي لا يزلن يبدين اهتماماً بالجمال”.