حرية ـ (29/3/2025)
اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع أوكرانيا مؤقتاً تحت إشراف الأمم المتحدة لانتخاب ما وصفها بحكومة أكثر “كفاءة”، وذلك في أحدث محاولة من بوتين للطعن في شرعية حكومة كييف.
أما أوكرانيا، فاتهمت بوتين بطرح أفكار “مجنونة” لتأخير التقدم نحو اتفاق سلام – يدعمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – في وقت أكد فيه البيت الأبيض أن حكم وإدارة أوكرانيا يقررهما دستور أكرانيا وشعبها.
وتأتي تصريحات بوتين في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى التوسط لوقف إطلاق النار في الحرب بين البلدين، التي دخلت عامها الرابع.
وفي وقت سابق، أعلن البيت الأبيض الثلاثاء أن الجانبين اتفقا على هدنة محدودة في البحر الأسود.
إلا أن روسيا طرحت بعد ذلك قائمة شروط من بينها رفع بعض العقوبات الغربية، ما أثار مخاوف من أن موسكو تحاول عرقلة أي تحرك نحو وقف إطلاق النار.
وفي حديثه إلى طاقم غواصة تعمل بالطاقة النووية في مدينة مورمانسك في أقصى شمال روسيا، قال بوتين إنه يمكن مناقشة إدارة مؤقتة تحت رعاية الأمم المتحدة، مع “الولايات المتحدة، والدول الأوروبية، وبالطبع مع شركائنا وأصدقائنا”.
وأضاف أن هذا الاقتراح يخدم “إجراء انتخابات ديمقراطية، وإيصال حكومة قادرة إلى السلطة تحظى بثقة الشعب، ومن ثم البدء في محادثات بشأن اتفاق سلام وتوقيع وثائق شرعية”.
وتقول موسكو إن السلطات الأوكرانية الحالية غير شرعية، لأن الرئيس فولوديمير زيلينسكي بقي في السلطة بعد انتهاء ولايته، وبالتالي فهو ليس شريكاً تفاوضياً صالحاً.
وتم تعليق الانتخابات في أوكرانيا قانونياً بموجب الأحكام العرفية، وعملياً بسبب فوضى الحرب، ما أتاح لزيلينسكي البقاء في السلطة.

ويكاد يكون من المستحيل إجراء انتخابات شرعية في ظل وجود أكثر من خمسة ملايين مواطن أوكراني نازح في الخارج، ومئات الآلاف يقاتلون على جبهات القتال.
ومن خلال دعوته إلى إجراء انتخابات، يحاول بوتين إثارة الشكوك حول شرعية الرئيس زيلينسكي كطرفٍ مُحاور في أي محادثات سلام، وقد ردّد البيت الأبيض هذه الرواية بالفعل.
وإذا نجح بوتين في فرض انتخابات، فإنه يحقق ما يأمل به وهو تقسيم أوكرانيا وتشتيت انتباهها في الوقت الذي يُحقق فيه مكاسب على أرض المعركة.
وفي وقتٍ لاحق، حاول المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، توضيح تصريحات بوتين، قائلاً إنها ردٌّ على مؤشرات على “فقدان كييف السيطرة”.
وأضاف أن القوات المسلحة الأوكرانية لا تُطيع أوامر القيادة، وتُواصل قصف منشآت الطاقة الروسية، على الرغم من وقف الهجمات على البنية التحتية للطاقة المُتفق عليه في محادثات مع الولايات المتحدة.
ووصفت أوكرانيا التقارير الروسية عن مثل هذه الهجمات بأنها أكاذيب، بينما اتهمت موسكو بمواصلة مهاجمة بنيتها التحتية.
وقال بوتين إن اقتراحه بتشكيل حكومة انتقالية ليس سوى خيار واحد من خيارات عدة، لكنه أشار إلى وجود سوابق دولية لسيطرة الأمم المتحدة، مثل تيمور الشرقية وأجزاء من يوغوسلافيا السابقة.
وردّ أندريه يرماك، رئيس الأركان الأوكراني على تصريحات بوتين، قائلاً إن روسيا تحاول عرقلة التقدم نحو السلام، واختارت مواصلة الحرب.
في غضون ذلك، صرّح متحدث باسم الأمن القومي الأمريكي لوكالة رويترز بأن الحكم في أوكرانيا يُحدده الدستور والشعب.
وقال الرئيس الروسي إن موسكو تمتلك “المبادرة الاستراتيجية” على طول خط المواجهة في الحرب، و”هناك أسباب تدعو للاعتقاد بأننا قادرون على القضاء” على القوات الأوكرانية.
ولكن على الرغم من التصريحات المتكررة بإحراز تقدم في القتال، لم تُحرز روسيا سوى تقدم بطيء ومحدود في السيطرة على الأراضي في شرق أوكرانيا.
تأتي تصريحات بوتين عقب اجتماع عُقد يوم الخميس بين زيلينسكي وحلفاء أوروبيين في باريس.
وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن فرنسا والمملكة المتحدة تطرحان خططاً لنشر “قوة طمأنة” في أوكرانيا.
يُذكرُ أن روسيا شنت غزواً شاملاً على جارتها أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.