حرية ـ (6/4/2025)
اللواء الدكتور سعد معن الموسوي
من قلب التجربة ومن خطوط المواجهة الأولى مع ملفات الإدمان والمروّجين أكتب هذه الرسالة لا كضابط فقط بل كإنسانٍ رأى كيف يتحول الضحية إلى مجرم حين لا يجد من يوقفه أو حين يقرر ألا يوقف نفسه
غالبية من التقيتهم خلال التحقيقات لم يكونوا تجارًا محترفين بل شبابًا بدأوا بالتعاطي ثم تورطوا ثم قرروا أن لا يسقطوا وحدهم. في علم النفس تُعرف هذه الحالة بـ”الإسقاط الجمعي” حيث يسعى الفرد لتخفيف وطأة خطأه عبر مشاركة الخطأ مع الآخرين وكأن النفس تجد راحة مؤقتة حين ترى أن غيرها يفعل ما تفعل
لكن هنا تكمن الكارثة التربوية فبدل أن يتوجه المتعاطي إلى معالجة ذاته يبدأ بلا وعي بتجنيد غيره. يحوّل بيئته من فرصة للنجاة إلى شبكة صيد للضعفاء من حوله. وهذا ما تُفسّره نظرية التعلم الاجتماعي لباندورا حيث يُعدّ السلوك الإدماني “سلوكًا مكتسبًا” عبر النمذجة والمحاكاة وخصوصًا حين يكون من يُقلَّد شخصًا مقربًا وموثوقًا
أيها المتعاطي توقف لا تفكر بأنك حين تجرّ غيرك إلى ما أنت فيه فإنك تحل أزمتك النفسية إنك فقط تؤجّل انهيارك وتحوّل ألمك إلى عدوى اجتماعية
الخطوة الأولى في التربية الذاتية ليست أن تخدع نفسك بل أن تواجهها والعلاج ليس ضعفًا بل شجاعة نفسية تحتاج إلى إرادة تربّت على الصدق مع الذات
ولك أيها الأب ، الأم ، الصديق الزميل… لا تكن سلبيًا في محيط فيه شخص مدمن ،،،الصمت نوع من التواطؤ والتساهل …. نوع من التدمير التربوي غير المباشر ، الدراسات التربوية تؤكد أن الدعم الاجتماعي الإيجابي هو أقوى محفّز للمدمن على اتخاذ قرار العلاج فلا تتخلَّ عنه لكن لا تبرّر له
الإدمان ليس فقط مادة تُستهلك بل هو بيئة تنشأ ونفس تهرب وعلاقات تُفسد لذا فإن مقاومته ليست أمنية فقط بل تربوية نفسية واجتماعية
لا تبرّر سقوطك ولا تجرّ غيرك إلى الهاوية كن قائدًا في إصلاح نفسك لا أداةً لهدم غيرك فالجهاد الأكبر… أن تنتصر على نفسك.