حرية ـ (14/4/2025)
آموس هاريل
بعد أقل من شهرين على التزامه وقف إطلاق نار تدريجي مع حركة “حماس” استأنف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حرب بلاده في قطاع غزة. وفي الـ18 من مارس (آذار) هاجمت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي مواقع عسكرية في القطاع، مما أسفر عن مقتل أكثر من 400 فلسطيني، بمن فيهم 300 من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التي تسيطر عليها “حماس” في غزة – وتلك حصيلة قتلى كارثية حتى وفق المعايير السابقة للحرب القائمة. وكانت الهدنة قصيرة الأمد سمحت بإطلاق 30 رهينة ممن اختطفتهم “حماس” خلال هجومها الصادم على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إضافة إلى استعادة ثماني جثث لمحتجزين فارقوا الحياة. وفي الأسبوع الماضي اقترحت الحكومة الإسرائيلية استئناف وقف إطلاق النار مقابل عودة 11 رهينة أخرى إضافة إلى 16 جثة لرهائن مقتولين.
ومع ذلك حتى لو توصلت “حماس” وإسرائيل إلى اتفاق جديد قصير الأمد لوقف الأعمال العدائية فمن غير المرجح أن تشهد غزة سلاماً حقيقياً في أي وقت قريب. فمنذ المجزرة المروعة في السابع من أكتوبر، والتي أودت بحياة نحو 1250 إسرائيلياً، سعى نتنياهو عبر العمليات العسكرية التي ينفذها جيشه في القطاع إلى تحقيق هدفين، تحرير جميع الرهائن وتدمير “حماس”، لكن هذين الهدفين لا يمكن تحقيقهما في وقت واحد. فـ”حماس” ترفض الدخول في عملية سلام تفترض القضاء عليها، وطالما بقيت إسرائيل متمسكة بهذه النتيجة، يبقى لقادة “حماس”، الذين ما زالوا أحياءً، حافز كبير للاستمرار باحتجاز الرهائن بغية ردع أي هجمات إسرائيلية تهدف إلى قتلهم.
وهذا يعني أنه حتى لو استؤنف وقف إطلاق النار، من المرجح أن تقوم “حماس” بتأجيل الإفراج عن آخر الرهائن لديها، كما من المرجح في المقابل أن تجد إسرائيل طرقاً لتلافي اعتماد مراحل تهدئة تسمح لحماس في الاحتفاظ بالسلطة، وذاك ما قد يودي بأي صفقة للانهيار مجدداً في مراحلها النهائية. فنتنياهو بات أكثر اقتناعاً بأن إصدار الأوامر بعمل عسكري تؤتي ثمارها. فإظهار القوة، في نهاية المطاف، أضعف إيران وقيد وكلاءها في لبنان، ميليشيات “حزب الله”. وبعدما كان فريق الرئيس الأميركي السابق جو بايدن يحاول احتواء التصعيد الإسرائيلي، يتمتع نتنياهو اليوم بدعم أكثر تساهلاً من الرئيس دونالد ترمب. وفي دليل على دفء العلاقة بين الزعيمين – وعلى أهمية أن يقوم نتنياهو بإبقاء ترمب إلى جانبه – سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي في السفر إلى واشنطن يوم الأحد الماضي لمقابلة ترمب للمرة الثانية في ثلاثة أشهر. وبفضل هذا الشعور بالقوة والثقة، اقترح الجيش الإسرائيلي خطة بعيدة المدى لإعادة احتلال غزة، كما أن شركاء نتنياهو من اليمين المتطرف يطرحون بصورة أكثر جرأة اقتراحاً بطرد غالبية سكان غزة.
ومع هذا، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان نتنياهو مستعداً لتنفيذ أحلام شركائه السياسيين الكبرى، إذ عليه أن يأخذ في الاعتبار موقف ترمب، على رغم تقلبه، وكذلك ما إذا كان الجيش الإسرائيلي قادراً على خوض عملية طويلة ومكلفة في غزة. وفي الوقت الراهن قد يكون الخيار الأفضل لنتنياهو هو السير في طريق وسطي يبقي خياراته مفتوحة ويحافظ على إيمان حلفائه بأنه إلى جانبهم – وهذا المسار الوسيط يتضمن استمرار العمليات في غزة.
لعبة ثقة
عندما شرعت إسرائيل بحرب غزة قبل 18 شهراً كان هناك شبه إجماع بين الإسرائيليين على ضرورة القضاء على “حماس”، لكن سرعان ما غدا واضحاً أن هدفي إسرائيل العسكريين – ضمان إطلاق الرهائن وتدمير “حماس” – لا يمكن تحقيقهما في الإطار الزمني نفسه. إذ حتى لو افترضنا أن من الممكن القضاء على “حماس”، وهي منظمة إرهابية تعمل بأسلوب حرب العصابات وتحظى بدعم شعبي كبير في غزة، فإن تحقيق ذلك سيستغرق سنوات. بينما الرهائن الإسرائيليون لا يحظون بهذا الهامش الزمني، إذ بين أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ومارس (آذار) 2025، وفق تحليل لـ”نيويورك تايمز”، توفي 41 رهينة خلال الاحتجاز. البعض مات من الجوع، والمرض، أو تعرض للقتل، آخرون ماتوا بالخطأ جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية. والرهائن الذين عادوا إلى إسرائيل من غزة في الأشهر الماضية تحدثوا عن ظروف احتجاز بالغة القسوة، حيث ظل عديدون منهم في الأنفاق مقيدين بالسلاسل مع القليل من الطعام ودون رعاية طبية، كما أبلغ البعض عن تعرضه للتعذيب.
وبسبب عدم وضوح الأولوية بين الهدفين لم تحقق إسرائيل أياً منهما حتى الآن. فمنذ بدء الحرب، قتلت إسرائيل معظم قادة “حماس” البارزين، بما في ذلك قائد الحركة في غزة، يحيى السنوار، لكن التنظيم ما زال يمتلك هيكلاً قيادياً، ومن أجل ردع محاولات الاغتيال الإسرائيلية، يسعى قادته المتبقون إلى استخدام الرهائن كدروع بشرية – نوع من الضمانة على حياتهم – وغالباً ما يكون هؤلاء الرهائن من الجنود. وهذا بالنسبة إلى نتنياهو أمر غير مقبول. فبالنسبة إليه هناك خياران فقط مطروحان على الطاولة: استسلام “حماس” الكامل وإبعاد قادتها من غزة، أو استمرار الحرب إلى أن يحقق الجيش الإسرائيلي هذه النتيجة نفسها. وفي السيناريو الثاني من المرجح أن يحمل “حماس” مسؤولية وفاة مزيد من الرهائن.
أما الأمل بأن تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق نار دائم فقد تلاشى مع تولي ترمب الرئاسة. وعلى رغم قيام ترمب بالضغط على نتنياهو للموافقة على وقف إطلاق نار في شهر يناير (كانون الثاني)، فإن نهج إدارة الرئيس الأميركي زاد تخبطاً منذ ذلك الحين. فكل بضعة أيام، يقدم الفريق الأميركي مقترحات جديدة، لكن المناقشات تبقى في حال جمود، وترمب يتأرجح حالياً بين عدم الاهتمام بالنزاع وطرح أفكار خيالية، مثل اقتراحه في فبراير (شباط) بأن تتولى الولايات المتحدة إدارة غزة وتحويلها إلى “ريفييرا” سياحية.
يدعم ترمب في العلن جميع تصرفات إسرائيل
كما أن إدارة ترمب لم تحاول مواجهة المشكلة الأساسية التي تعوق بدء مفاوضات سلام حقيقية، ولم تسعَ فعلياً إلى حلها. فنتنياهو يصر على أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن ينتهي بتفكيك حركة “حماس” بالكامل، لكن هذا الأمر يمثل خطاً أحمر لا ترغب “حماس” بتجاوزه على رغم ما أفيد عن تفكيرها بالتنازل عن سلطتها السياسية مع الحفاظ على قوتها العسكرية، وهو نمط التسوية الذي يتم اختباره في لبنان راهناً، برضا “حزب الله”. ومع ذلك لم يتمكن الأميركيون حتى الآن، ولا الوسطاء العرب المصريون والقطريون، من إقناع قادة “حماس” بالتوقيع على اتفاق من شأنه إنهاء جوهر طموحهم السياسي، أي قيادة الكفاح الفلسطيني ضد إسرائيل.
كما أن هناك تطورات أخرى جعلت من مسألة الوصول إلى تسوية أمراً أقل إلحاحاً بالنسبة إلى نتنياهو. فالجيش الإسرائيلي الآن تعافى جزئياً من صدمة السابع من أكتوبر. وقد تضاءلت قدرات “حماس” في تنظيم هجوم آخر واسع النطاق أو إطلاق رشقات صاروخية كبيرة على الأراضي الإسرائيلية. أما على جبهات أخرى فقد بات لإسرائيل الآن اليد الطولى. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اضطر “حزب الله” للموافقة على اتفاق مهين لوقف إطلاق النار، وعلى رغم استمرار سلاح الجو الإسرائيلي بضرب أهداف للحزب في جنوب لبنان (والأسبوع الماضي في بيروت)، فإن هذا الحزب الذي تلقى الضربة تلو الضربة، لم يرد بعد. كما أن تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بدا محرجاً لطهران. وبعد انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سيطرت إسرائيل على أجزاء من جنوب سوريا. وفي أعقاب هذه الانتصارات يبدو نتنياهو في حال اندفاع، معتمداً القوة العسكرية للرد على استفزازات معادية كان يُفضِّل في السابق احتواءها أو تجاهلها. ففي منتصف مارس (آذار) مثلاً، وإثر سقوط ستة صواريخ على الأراضي الإسرائيلية، قامت إسرائيل بقصف مستودع لمسيرات “حزب الله” في جنوب بيروت، على رغم عدم اتضاح بعد هوية الجهة التي أطلقت الصواريخ (على الأراضي الإسرائيلية).
أما إدارة بايدن، وعلى رغم وقوفها إلى جانب إسرائيل عقب هجمات السابع من أكتوبر، ومساهمتها في منع مزيد من التصعيد بالمنطقة، فإنها سعت أيضاً إلى احتواء أفعال إسرائيل العسكرية، إذ مثلاً، وبعد اجتياح جيش الدفاع الإسرائيلي لمدينة رفح جنوب غزة في مايو (أيار) – الفعل الذي حذر منه فريق بايدن – قام الرئيس بايدن بتأجيل إرسال شحنة ذخائر دقيقة وجرافات ثقيلة إلى إسرائيل، ثم جاءت عودة ترمب إلى البيت الأبيض لتلغي هذا التوازن، إذ إن ترمب يدعم جميع تصرفات إسرائيل، بالعلن في الأقل. وعلى نطاق أوسع، فإن انفتاحه على أفكار مثل ضم كندا أو الاستحواذ على غرينلاند يُضفي شرعية على مفهوم أن الدول القوية تستطيع ببساطة الاستيلاء على أراضٍ من جيرانها. وعندما زار نتنياهو ترمب في واشنطن في فبراير، تساءل الرئيس الأميركي علناً: لماذا لا تستغل إسرائيل سقوط الأسد للاستيلاء على مزيد من الأراضي السورية؟ وقد ناقش نتنياهو هذا الطرح لاحقاً مع حكومته، على رغم أن الفكرة لم تلق دعماً واسعاً.
صدوع خفية
تبدو إسرائيل حالياً في موقع قوة. ففي منتصف مارس (آذار)، عرض الجيش الإسرائيلي خطة طموح على الحكومة تتضمن إعادة نشر عدة فرق عسكرية داخل غزة، وتنفيذ تعبئة جديدة لقوات الاحتياط، وإعادة سكان شمال غزة إلى مناطق الإيواء في الجنوب، واستكمال الاحتلال العسكري للقطاع بأكمله – وكل هذا في غضون أشهر قليلة. وكان الرئيس السابق لأركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي عارض بشدة تشكيل أي حكومة عسكرية في القطاع، بيد أن هاليفي استقال من منصبه في مطلع مارس (آذار) الماضي. وأشار خليفته، إيال زامير – الذي يتمتع بعلاقات أكثر دفئاً مع القادة السياسيين في إسرائيل، ويحظى بالتالي بحرية أكبر لتنفيذ خططه – إلى انفتاحه على فكرة حكم القطاع (عسكرياً من قبل الجيش الإسرائيلي).
قد تكون إدارة ترمب توقفت عن ذكر خطة تطهير غزة من سكانها، إلا أن السياسيين اليمينيين في إسرائيل تبنوا تلك الخطة وراحوا يفسرون مقترح ترمب على أنه “إذن” لطرح فكرة تشجيع الغزاويين على الهجرة الطوعية
بصورة علنية، لكن في الواقع، فإن أي مشروع من هذا النوع سيعتمد بصورة كبيرة على استخدام القوة العسكرية لإجبار السكان على الرحيل. وفي هذا السياق، أنشأ وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس – وهو في الواقع مجرد أداة بيد نتنياهو – هيئة إدارية جديدة داخل وزارته للترويج لفكرة الهجرة.
إلا أن نقاط الضعف والتوترات الداخلية الأعمق في إسرائيل تسهم بتقييد الحكومة الإسرائيلية في هذا الاتجاه، إذ على رغم الضربات التي تلقتها “حماس”، لا تزال هذه الحركة بعيدة من الهزيمة. وثمة في هذا الإطار قائدان عسكريان ما زالا على قيد الحياة، هما عز الدين الحداد ومحمد السنوار (شقيق يحيى السنوار)، يشرفان على جهود “حماس” للتعافي. وقد جاء وقف إطلاق النار لأسابيع عدة، والذي سهل وصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، ليتيح للحركة تجديد التمويل عبر الاستيلاء على بعض تلك المساعدات وبيعها للمدنيين في غرة بغية تحقيق الأرباح. وقدرت إسرائيل أن تكون “حماس” في الأشهر الماضية جندت قرابة 20 ألف مقاتل جديد، كما أن قادة الحركة يتحركون حالياً لقمع الاحتجاجات ضد حكمها في شمال غزة. وتقوم “حماس” بإعادة استخدام القنابل الإسرائيلية التي لم تنفجر لتفخيخ المباني والطرقات تحضيراً لغزو إسرائيلي جديد.
جنود الاحتياط الإسرائيليون يعانون الإنهاك
قد تسفر عملية إعادة احتلال غزة عن خسائر عسكرية إضافية، وربما عن مقتل مزيد من الرهائن (الإسرائيليين). وبحسب عديد من استطلاعات الرأي، يؤيد قرابة 70 في المئة من الإسرائيليين التوصل إلى صفقة مع “حماس” تفرج عن جميع الرهائن المتبقين، حتى لو جاءت الصفقة بكلفة عالية، كإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والإفراج عن آلاف السجناء الفلسطينيين من المعتقلات الإسرائيلية، لكن من غير المؤكد ما إذا كان هذا الموقف العام سيترجم إلى اعتراضات شعبية من النوع الذي يمكنه تقييد خيارات نتنياهو، إذ لا يزال عديد من الإسرائيليين يجدون صعوبة بالغة في التظاهر ضد حكومتهم فيما الجنود الإسرائيليون يقاتلون ويموتون في غزة.
لكن تنفيذ أي من الخيارين – سواء إعادة احتلال غزة أو تنفيذ مشروع “الهجرة الطوعية” – سينطويان، كل على حدة، على أخطار سياسية جسيمة. فقد قضى كل فرد من عشرات ألوف جنود الاحتياط الإسرائيليين مئات الأيام في الخدمة العسكرية خلال الحرب، وهو ما انعكس سلباً على حياتهم المهنية والعائلية. وإسرائيل في الحقيقة لم يسبق لها مواجهة هذا الكم من المشاعر المتناقضة بأوساط جنودها الاحتياطيين تجاه الخدمة العسكرية – حتى خلال حربها المثيرة للجدل في لبنان سنة 1982، أو خلال الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2006. بعض جنود الاحتياط يهددون برفض أداء الخدمة خشية أن تؤدي أي حملة عسكرية جديدة إلى مقتل مزيد من الرهائن. ووفقاً لما ذكره عدد من قادة الجيش، فإن عدداً أكبر يفكرون في التهرب من الخدمة للبقاء إلى جانب أسرهم. ويرتبط غضب بعضهم بسياسات الحكومة خارج غزة، كتمسكها بإعفاء اليهود الحريديم من الخدمة الإلزامية. لكن في النهاية، فإن الغالبية من جنود الاحتياط منهكون ومحبطون.
من هنا فإن على نتنياهو الاستمرار في اعتماد توازن دقيق في حركته السياسية. فمن جهة، عليه تأخير تنفيذ أي وقف لإطلاق النار قد ينهي الحرب ويسقط أحلام حلفائه من اليمين في إعادة المستوطنات الإسرائيلية إلى غزة. ومن جهة أخرى لا يمكنه أن يتبنى مواقفهم المتشددة في شأن إعادة احتلال غزة وتوطين الإسرائيليين فيها، بنفس الحدة. هو إلى الآن كان ناجحاً إلى حد ما في أمور عدة. فقد أدى إقرار الكنيست الإسرائيلي في أواخر مارس (آذار) لمشروع قانون الموازنة إلى تجنب خطر انهيار ائتلافه، ذاك الانهيار الذي كان سيفرض انتخابات مبكرة، لكن أحد الاجتماعات الحكومية الأخيرة كشف عن مدى صعوبة حفاظه على هذا التوازن. فبعدما أشار نتنياهو بذاك الاجتماع إلى أن الحكومة تدرس أفكاراً مختلفة لمستقبل غزة، من بينها نقل السيطرة إلى مجموعة من الدول العربية، ثار غضب وزيرة شؤون الاستيطان، اليمينية المتطرفة أوريت ستروك، “لكن غزة هي لنا، جزء من أرض إسرائيل”، علقت الوزيرة وأكملت: “هل ستمنحها للعرب؟” تهرب رئيس الوزراء من السؤال، وقال “ربما سنعتمد حكماً عسكرياً – أمامنا خيارات عديدة”.
لا يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقط تحدي التوفيق بين مطالب الرأي العام الإسرائيلي بالإفراج عن الرهائن المتبقين، وبين طموحات شركائه السياسيين من اليمين المتطرف، بل عليه أيضاً التعامل مع نزعة الرئيس الأميركي دونالد ترمب نحو البحث عن المجد الشخصي. فقد يكون ترمب لا يزال يسعى إلى تحقيق “خطة كبرى” خاصة به، تتضمن صفقة ضخمة بين الولايات المتحدة والسعودية تشمل إقامة سلام بين إسرائيل والسعودية، إلى جانب إنهاء الحرب في غزة. إلى هذا فإن نتنياهو يواجه الآن فضيحة جديدة إثر اعتقال اثنين من مستشاريه الإعلاميين واستجوابهما في شأن أموال من الحكومة القطرية ربما قبلوا بها بطريقة غير قانونية. ومع ذلك فإن نتنياهو يعرف بقدرته الكبيرة على الصمود والمناورة السياسية. فهو عازم على البقاء في منصبه مهما كلف الأمر. ومن وجهة نظره، فإن الإبقاء على الحرب في غزة مشتعلة بصورة محدودة هو أسهل وسيلة لتحقيق ذلك – حتى لو جاء ذلك على حساب الرهائن، أو الشعب الفلسطيني، أو استقرار الشرق الأوسط، أو مصلحة إسرائيل نفسها على المدى الطويل.