حرية ـ (14/4/2025)
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إنه يتوقع اتخاذ قرار بشأن إيران على نحو سريع للغاية، بعد أن ذكر البلدان أنهما عقدا محادثات “إيجابية” و”بناءة” في سلطنة عمان يوم السبت واتفقا على الاجتماع مجدداً هذا الأسبوع. وقال ترمب، الذي يهدد بعمل عسكري ما لم يتم التوصل لاتفاق يوقف برنامج إيران النووي، للصحافيين على متن طائرة الرئاسة، إنه اجتمع مع مستشاريه بشأن إيران ويتوقع اتخاذ قرار سريعاً. ولم يذكر مزيداً من التفاصيل. وقال “سنتخذ قراراً بشأن إيران على نحو سريع للغاية”.
زيارة إلى موسكو
في الأثناء، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن وزير الخارجية عباس عراقجي سيزور موسكو، هذا الأسبوع، لمناقشة المحادثات النووية الأخيرة مع الولايات المتحدة التي عُقدت في عُمان. وقال “سيزور عراقجي موسكو نهاية الأسبوع”، مضيفاً أن الزيارة “مخطط لها مسبقاً” وستكون “فرصة لمناقشة آخر التطورات المتعلقة بمحادثات مسقط”.
جولة ثانية
من المتوقع عقد جولة ثانية من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، السبت المقبل، في العاصمة الإيطالية روما، وفق ما نقله موقع “أكسيوس” عن مصدرين مطلعين.
وأكد وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب خلال اجتماع للاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين، أن المحادثات ستعقد في العاصمة الإيطالية، بينما أكد دبلوماسيان مقرهما في روما هذه المعلومة، وقالا إنها ستعقد السبت.
وأفاد موقع “أكسيوس” بأن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تحدثا بشكل مباشر لمدة 45 دقيقة خلال محادثات عمان، أطول من الوقت الذي كُشف عنه علناً. وأشار إلى أن ويتكوف التقى، أمس الأحد، ترمب وأطلعه على المحادثات.
وأضاف أن الولايات المتحدة تريد الآن أن ترى إيران تتخذ خطوات في المستقبل القريب لتقليص قدرات برنامجها النووي.
وفي وقت سابق، أفاد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إبراهيم رضائي، نقلاً عن مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، إن “الجولة المقبلة من المفاوضات مع الولايات المتحدة ستُعقد في أوروبا”، من دون تحديد اسم المدينة أو البلد، مشيراً إلى أنها ستكون بـ”وساطة سلطنة عمان”.
وكان متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ذكر، أمس، أن مكان المحادثات بين طهران وواشنطن قد يتغير، غير أنه أكد أن سلطنة عمان “لا تزال تقوم بدور الوسيط”.
وأعلنت إيران، أمس الأحد، أن المحادثات المقبلة مع الولايات المتحدة والمقرر إجراؤها، نهاية الأسبوع المقبل، ستبقى “غير مباشرة”، وستركز حصراً على الملف النووي ورفع العقوبات.
وأجرى البلدان، أول من أمس السبت، مباحثات “بناءة” بشأن البرنامج النووي الإيراني واتفقا على عقد لقاء جديد.
وترأس الوفد الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي، وهو دبلوماسي متمرس وأحد مهندسي الاتفاق النووي الإيراني في 2015، فيما قاد مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب ستيف ويتكوف الوفد الأميركي. وقد التقى الرجلان وجهاً لوجه لوقت وجيز.
وتعقد جولة أخرى من المحادثات بين واشنطن وطهران، السبت 19 أبريل (نيسان) الجاري، وقد أوردت وكالة “إرنا” أن الجولة الجديدة ستعقد في أوروبا.
وأفادت إيران بأن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي توسط في المحادثات رفيعة المستوى في مسقط.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتحدث مع أعضاء الوفد الإيراني في مسقط
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي في مقابلة مع التلفزيون الرسمي “ستظل المفاوضات غير مباشرة. ستبقى عمان الوسيط”. وأكد أن المحادثات ستركز فقط على “الملف النووي ورفع العقوبات”.
ضمان عدم حصول إيران على قنبلة نووية
من جانبه، أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، أمس، أن الولايات المتحدة تأمل حل دبلوماسي لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وإذا تعذر تحقيق ذلك فإن الجيش مستعد “لضرب العمق الإيراني وبقوة”.
ووصف هيغسيث، أمس، الاتصالات الأولى في سلطنة عمان بأنها “مثمرة” و”خطوة جيدة”.
وقال لبرنامج “فايس ذي نايشن” على قناة “سي بي أس”، إنه رغم كون الرئيس ترمب يأمل ألا يضطر للجوء إلى الخيار العسكري، “أثبتنا قدرة على الذهاب بعيداً وفي العمق وبقوة”.
وأضاف، “أؤكد أننا لا نريد أن نفعل ذلك، ولكن إذا اضطررنا فسنفعل لمنع إيران من حيازة قنبلة نووية”.

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث يتحدث بجانب ترمب في البيت الأبيض
وقال ترمب، الأربعاء الماضي، إن العمل العسكري ممكن “بالتأكيد”، بالتعاون مع إسرائيل، إذا فشلت محادثات عمان. وصرح للصحافيين، “إذا استلزم الأمر حلاً عسكرياً فليكن”.
وأضاف، “من المؤكد أن إسرائيل ستشارك بشكل كبير في عمل عسكري وستقوده”. وجاء ذلك بعد تحذير صريح في نهاية مارس (آذار) بأنه “في حال عدم التوصل إلى اتفاق سيكون هناك قصف”.
وقال محللون، إن الولايات المتحدة ستسعى جاهدة لإدراج برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، إلى جانب دعم طهران لوكلائها في المنطقة، على جدول الأعمال. مع ذلك، أكدت طهران أنها ستناقش برنامجها النووي فقط.
“خطوة إلى الأمام”
هذه المحادثات هي الأعلى مستوى بهذا الشأن منذ انسحب ترمب خلال ولايته الأولى في 2018 من الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى في مقابل رفع العقوبات عنها.
وعندما سُئل عن المحادثات، قال ترمب للصحافيين في الطائرة الرئاسية، “أعتقد أنها تسير على ما يرام. لا شيء يهم حتى يتم إنجازه”.
ووصف البيت الأبيض المحادثات بأنها “خطوة إلى الأمام”. وكان الأميركيون دعوا إلى أن تكون الاجتماعات مباشرة وجهاً لوجه.
ورغم ذلك، ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية أن المفاوضين تحدثوا أيضاً بشكل مباشر “بضع دقائق”. وأضافت أن المحادثات عُقدت “في أجواء بناءة يسودها الاحترام المتبادل”.
وقال وزير الخارجية العماني، إن المناقشات جرت في “جو ودي” مشيراً إلى أن الهدف منها إبرام “اتفاق عادل وملزم”.
وتأتي المحادثات بين الجانبين اللذين لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ عقود، عقب تهديدات متكررة بشن عمل عسكري من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران.
تسعى إيران، التي أضعفت حربان خاضتهما إسرائيل في قطاع غزة ولبنان حليفين رئيسيين لها هما حركة “حماس” و”حزب الله”، إلى تخفيف وطأة العقوبات المفروضة عليها منذ أعوام طويلة والتي تخنق اقتصادها.
في المقابل تسعى الولايات المتحدة ومعها حليفتها إسرائيل عدوة طهران اللدودة، إلى الحيلولة دون اقتراب إيران من امتلاك السلاح النووي.
ووافقت طهران على هذا الاجتماع رغم معارضتها سياسة “الضغوط القصوى” التي تنتهجها إدارة ترمب حيالها والتهديدات العسكرية المتكررة.
وزير فرنسي: المحادثات يجب أن تتوافق مع المصالح الأوروبية
وسط هذه الأجواء، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الإثنين، إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا ستتابع عن كثب وتظل يقظة بشأن المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران لضمان توافقها مع المصالح الأوروبية. وأضاف بارو لدى وصوله لحضور اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ “سنكون يقظين، إلى جانب أصدقائنا وشركائنا البريطانيين والألمان، لضمان توافق أي مفاوضات (أميركية – إيرانية) قد تجرى مع مصالحنا الأمنية في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني”.
ترحيب الإعلام الإيراني
والأحد، رحبت وسائل الإعلام الإيرانية على نطاق واسع بالمحادثات النادرة، وعدتها “نقطة تحول حاسمة” في العلاقات بين الخصمين اللدودين.
وأشادت صحيفة “جافان” الإيرانية المحافظة بالولايات المتحدة “لعدم سعيها لتوسيع نطاق المفاوضات لتشمل قضايا غير نووية”. ووصفت صحيفة “إيران” الحكومية المناقشات بأنها “بناءة ومحترمة”، نقلاً عن عراقجي.
ورأت صحيفة “شرق” الإصلاحية أن المحادثات تشكل “نقطة تحول حاسمة” في العلاقات الإيرانية – الأميركية.
وأعربت صحيفة “كيهان” المتشددة، التي أعربت عن شكوكها في الأيام التي سبقت المحادثات، عن أسفها لعدم امتلاك إيران “خطة بديلة” في ظل “غياب أي احتمال واضح للتوصل إلى اتفاق مع دونالد ترمب”.
مع ذلك، أشادت الصحيفة بعدم طرح الجانب الأميركي خلال المناقشات مسألة “تفكيك المنشآت النووية” و”احتمال شن هجوم عسكري”.
وكان اتفاق 2015 الذي انسحبت منه واشنطن بعد ثلاث سنوات يهدف إلى الحيلولة دون امتلاك إيران السلاح الذري.
وتؤكد طهران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية فقط. وبعد انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجاً.